تاريخ النشر: 30 تشرين الأول 2025

زيتون غزة.. دمار كبير وإنتاج قليل وأسعار مرتفعة

 

كتب خليل الشيخ:


انتهى رائد أبو مزيد (30 عاماً) من قطف عدة شجرات من الزيتون، كانت قد نجت من قصف جوي قريب، لكنه صدم بالناتج من المحصول، الذي اعتبره أقل مواسم القطف خلال السنوات الخمس الماضية.
وقال: "كنت أقطف ما لا يقل عن عشرة أكياس من الثمار بما يعادل 300 رطل من الزيتون، لكن ما نتج عن القطف لم يتعد كيسين فقط"، مشيراً إلى أن وضع أشجار الزيتون ازداد سوءاً خلال عامي الحرب، فلم يعد الإنتاج وفيراً، ليس لسبب سوى أن غالبية الأشجار تدمرت بفعل القصف، وما نجا منها لم يُروَ بالماء نتيجة صعوبة الحصول عليه، حيث إن تكاليف الري ارتفعت بشكل كبير، ولم تعد المياه تصل إلى حقله الواقع في منطقة الزوايدة وسط قطاع غزة.
من جهته، نقل المزارع وضاح الحسنات (48 عاماً) بضعة أكياس من الزيتون على عربة "تكتوك"، وتوجه بها إلى سوق النصيرات لبيعها، وسط حالة من الإحباط التي شعر بها نتيجة قلة محصول حقله لهذا العام.
وقال: "كنت أقطف الثمار وأتوجه بها إلى المعصرة كي أحصل على زيت الزيتون، لكن هذه الثمار لا تفي بإنتاج جالونين من الزيت، على عكس المرات السابقة، التي كان الإنتاج فيها يزيد على عشرة جالونات".
وأضاف: "في العام الماضي كان الإنتاج أكثر وفرة، لكنه أقل من المعتاد، أما هذا الموسم فالإنتاج يكاد يكون نادراً مقارنة بالسنوات السابقة".
وتعرضت حقول وأشجار الزيتون في قطاع غزة لحملة شرسة من التجريف والتدمير، وما نجا منها كان عرضة للتعطيش بسبب ندرة المياه وصعوبة توفيرها.
وأشار الحسنات إلى أن "معظم مزارعي الزيتون فقدوا حقولهم خاصة الواقعة شرق المحافظة الوسطى، بسب بالتجريف، والجزء المتبقي لم يتمكن أصحابها من الاعتناء بأشجارهم سواء من حيث رشها بالمبيدات أو ريها بسبب ظروف الحرب".
وفيما تعرض الكثير من معاصر الزيتون لدمار واسع نتيجة قصف طائرات الاحتلال خلال عامي العدوان، شهدت المعاصر التي نجت من الدمار ركوداً في العمل.
وقال "أبو حسن" صاحب معصرة زيتون في دير البلح، إن الطوابير كانت طويلة، وقد تمتد من الصباح حتى ساعات المساء المتأخرة، لكن هذا العام لم تعد المعصرة تعمل بشكل كامل طوال اليوم.
وأضاف: "كان الناس ينتظرون لساعات طويلة، وبعضهم يبيت بجوار أكياس الثمار خاصته، انتظاراً لدوره في العصر"، مشيراً إلى أنه قد يضطر لإيقاف ماكينات المعصرة خلال اليوم، أو يتأخر في تشغيلها خلاله.
ويتحدث المزارعون والعاملون في مجال الزيتون بحسرة كبيرة عن موسم الزيتون المنهار في قطاع غزة، فيما يعاني السكان من ارتفاع ثمنه، حسب المواطن "أبو بشار" الذي تصادف وجوده في سوق مخيم النصيرات، وقال: "لم يكن ثمن الرطل من الزيتون يزيد على 30 شيكلاً، فيما تم بيعه اليوم في السوق بنحو 100 شيكل، وهو ثمن مرتفع قياساً بقدرات المواطنين على الشراء".
ولفت "أبو بشار" إلى أنه لم يستطع شراء أكثر من رطل واحد لهذا العام، بسبب ارتفاع الثمن، وعدم جودة المحصول المعروض في السوق.
من جهتها، ذكرت وزارة الزراعة في غزة أن قطاع الزيتون تعرض، كغيره من قطاعات الإنتاج الزراعي، لانهيار غير مسبوق نتيجة الاعتداءات الإسرائيلية وحملات التجريف والقصف، مشيرة إلى أن مساحات الأراضي التي كانت مزروعة بأشجار الزيتون بلغت 50 ألف دونم قبل اندلاع العدوان في السابع من تشرين الأول 2023.
وأوضحت أنه بعد العام الأول لاندلاع العدوان تقلص عدد الدونمات المزروعة بالزيتون إلى عشرة آلاف دونم، فيما تقلصت أكثر فأكثر بعد مرور عامين لتقدر بنحو أربعة آلاف دونم فقط.
وبينت أن إنتاج الزيتون تراجع من 40 ألف طن قبل العدوان إلى 5ر7 ألف طن بعد العام الأول، وقدر بنحو ثلاثة آلاف طن فقط بعد مرور عامين، مشيرة إلى أن إنتاج الزيتون في قطاع غزة تقلص إلى نحو 92% عن السنوات التي سبقت الحرب، وأن إنتاج زيت الزيتون تقلص إلى نحو 400 طن فقط بعدما كان قبل العدوان خمسة آلاف طن.