تاريخ النشر: 22 تشرين الأول 2025


آراء
خرق وقف إطلاق النار
الكاتب: عمرو الشوبكي

قتلت دولة الاحتلال قبل أيام 40 فلسطينياً في خرقٍ واضح لوقف إطلاق النار، وقالت إن هناك عناصر من حماس استهدفت آلية عسكرية إسرائيلية وقتلت ضابطاً وجندياً، وهو ما نفته حماس.
وكان المتحدث باسم جيش الاحتلال للإعلام العربي، أفيخاي أدرعي قد قال: «بدأ جيش الدفاع موجة غارات ضد أهداف لحماس في جنوب قطاع غزة في أعقاب خرق اتفاق وقف إطلاق النار».
المبرر الإسرائيلي للغارات التي جرت كان متعجرفاً كالعادة، واعتبر أنه بسبب انتهاك حماس لوقف إطلاق النار في «3 وقائع إطلاق نار بمدينة رفح في جنوب القطاع»، وأكدت تل أبيب أن «وقف إطلاق النار لا يحتاج إلى إنقاذ» واعتبرت أنه حساب فوري على انتهاكات وأنه «ليس رداً ينسف الاتفاق؛ ولا يوجد ما يدعو للقلق بشأنه» وأن ما حدث هو سبب ونتيجة وأن «هناك خرقاً وهناك عقاباً».
وكما هي العادة أكدت إسرائيل أنها أبلغت الولايات المتحدة بأنها ستقوم بغارات على غزة لكي تؤكد عمق التحالف بينهما، وإن أميركا لم تعترض على الغارات.
معضلة اتفاق وقف إطلاق النار الذي اخترقته وستخترقه إسرائيل أنه جاء تعبيراً عن ميزان القوى الحالية الذي توجد فيه قوة باطشة ومتفوقة على جيرانها وتمارس تنكيلاً بالجميع، وأن أوراق الضغط التي يمتلكها خصومها أو منافسوها محدودة.
فقد جرى تدمير الجانب الأكبر من القدرات العسكرية لحماس، ونفس الأمر حدث مع حزب الله وأضعفت قدرات إيران العسكرية والنووية، رغم أن إسرائيل فشلت في القضاء عليهما كما حاولت.
أما ورقة الضغط شبه الوحيدة التي امتلكتها حماس فكانت ورقة الرهائن التي لم تعد موجودة بعد نجاح عملية تبادل الأسرى.
والحقيقة أن نخبة ومجتمع «إسرائيل الجديدة» لم تتعامل حتى مع ورقة الرهائن كما سبق وتعاملت مع ورقة أسير واحد وهو الجندي جلعاد شاليت الذي بادلته بأكثر من ألف أسير فلسطيني، فكيف سيكون سلوكها بعد أن أتمت عملية تبادل الأسرى مع حماس، فلم تعد هناك أي حسابات تخص إسرائيليين وبالتالي ستطلق يد الحكومة الإسرائيلية المتطرفة في العودة بشكل متقطع لاستهداف الفلسطينيين مستغله أخطاء كثيرة تكررها حماس.
صحيح أن المكسب الوحيد الذي حصل عليه الشعب الفلسطيني من وراء إتمام عملية تبادل الأسرى والرهائن هو إطلاق سراح مئات الأسرى الفلسطينيين وليس ضمان وقف العدوان، وهو ما جرى بالفعل.
إن خرق إسرائيل لاتفاق وقف إطلاق النار لم يقابله موقف فلسطيني موحد، وإن استمرار الانقسام الفلسطيني، وزيادة حدة الاحتقان والسجال المخزي بين فتح وحماس سيجعل تل أبيب تستبيح غزة وتكرر انتهاكها لوقف إطلاق النار، طالما لا يزال هناك بعض القادة الفلسطينيين يتعاملون مع الـ ٧٠ ألفاً الذين ماتوا في غزة وكأنهم ينتمون لشعب آخر غير الشعب الفلسطيني أو يعيشون في كوكب آخر.