تاريخ النشر: 20 تشرين الأول 2025

ناصر دحبور .. حكاية رجل علّم الفدائيات كيف يقاتلن بالكرة من أجل فلسطين

المدرب الراحل ناصر دحبور.

القدس - دائرة الإعلام بالاتحاد: لم يكن ناصر دحبور مجرد مدرب لكرة القدم، كان أباً ومعلماً وقائداً آمن بأن الرياضة قادرة على بناء وطنٍ من جديد، حتى وهو يصارع المرض في أيامه الأخيرة.
رحل الرجل الذي حمل همّ الكرة النسوية الفلسطينية على كتفيه، تاركاً وراءه إرثاً من العطاء والإصرار لن تمحوه الأيام.
ولد ناصر دحبور في 24/11/1967 بمخيم دير عمار غرب رام الله، وسكن لاحقا في قرية خربثا بني حارث، وهناك بدأت حكايته مع الكرة والحلم.
من أزقة المخيم خرج الشاب الذي أسس مركز شباب دير عمار، مؤمناً بأن الرياضة ليست مجرد تسلية، بل وسيلة لتوحيد الناس حول الأمل والانتماء.
سنوات طويلة قضاها دحبور في الملاعب، تنقّل بين عدد من الأندية الفلسطينية أبرزها ثقافي طولكرم، ودرب منتخبات فلسطين للشباب والأولمبي، قبل أن يتولى في العام 2013 مهمة قيادة منتخب فلسطين للسيدات.
لم يكن الأمر سهلاً، فالتحديات كثيرة، والمعيقات كبيرة، لا سيما اعتداءات الاحتلال على الرياضة الفلسطينية، لكن إيمانه بلاعباته وبقدراتهن جعل المستحيل ممكناً.
تحت قيادته، وصلت "الفدائيات" إلى المركز الثاني في بطولة غرب آسيا بالأردن العام 2014، وكان ذلك إنجازاً حمل في طياته أكثر من مجرد ميدالية، بل رسالة بأن الفتاة الفلسطينية قادرة على تمثيل وطنها بشجاعة وكفاءة.
وعاد في العام 2022، وتولى تدريب منتخب السيدات لفترة ثانية، وكانت أبرز لقاءاته مع نادي بوهيميان الإيرلندي في مباراة تضامنية مع شعبنا أقيمت العام 2024 في مدينة دبلن.
لم يكن دحبور مدرباً تقليدياً، بل كان يرافق اللاعبات في فرحهن وحزنهن، يشجعهن كأب، ويعامل الفريق كعائلة، كان يقول دوماً: "الانتصار الحقيقي مش في النتيجة، الانتصار إنك تزرع الإيمان في قلوب اللاعبات".
قبل أشهر من رحيله، أصيب دحبور بسرطان البنكرياس، لكن المرض لم يطفئ شغفه، واصل الحضور إلى التدريبات ليشرف على الفريق رغم الألم والعلاج، متمسكاً بمهمته كواجب وطني لا يمكن التخلي عنه.
في مقابلته الأخيرة من لبنان، بدا ضعيف الجسد، لكنه قوي الإصرار، قال بابتسامته الهادئة: "عشقي لفلسطين أولاً هو ما يدفعني لإكمال مسيرتي إلى جانب اللاعبات".
وفاته يوم السابع عشر من أكتوبر 2025 كانت فاجعة للأوساط الرياضية الفلسطينية، رحل بصمت، لكن صدى خطواته في الملاعب سيبقى طويلاً. بكاه كل من عرفه، وكل من لمس بصمته الإنسانية والوطنية.
ناصر دحبور لم يكن مدرباً فقط، بل رمزاً لمعنى الالتزام والوفاء، ومعلماً للأمل في وجه الألم، رحل الجسد، وبقيت الحكاية… حكاية رجل علّم الفدائيات كيف يقاتلن بالكرة من أجل فلسطين.