تاريخ النشر: 11 تشرين الأول 2025

التضامن الدولي
الكاتب: صلاح هنية

توقّف القصف والقتل والتدمير في قطاع غزة وهذا هو الأهم .....
لم يكن عبثاً ولا إشغالاً لأجندة غير مشغولة، تلك الحلقات واللقاءات عن الدبلوماسية الشعبية وترسيخ المفهوم ومضمونه، وكان الحديث يتصل لأن المتحدث ممن مارس هذه الدبلوماسية، ولم تكن تلك الدبلوماسية شفاهيةً بل باتت موثقة ولها مراجعها ووثائقها، وفي ضوء العدوان على غزة وممارسات المستوطنين بتغطية الاحتلال في الضفة الغربية باتت تلك الدبلوماسية تمتلك دسماً إضافياً.
ولعل بروز مكون من مكونات الدبلوماسية الشعبية الى المشهد شكّل استعادة لدور مهم، وهو دور البلديات التي استطاعت بتفاوت تحقيق الحضور الحقيقي على الأرض، واستخدمت كل عناصر قوتها سواء علاقات التوأمة مع المدن، والتي لم تعد شهادة وصورة تذكارية تُحفظ، بل باتت درجة التضامن وإشهار موقفها معياراً أساسياً لاستمرار هذه العلاقة أو وقفها وإعادة تقييمها ومدى جدواها. ولعل البعض يعتقد أن التوأمة تُغرق البلدية بالأموال وهذا غير دقيق، لذلك يجب أن تكون منطلقاتها من بوابة الدبلوماسية الشعبية لخدمة المصلحة الوطنية العليا.
يجب ألا نستخف برفع علم فلسطين على مبنى بلدية في العالم، وبطفل أوروبي يلون وجهه بعلم فلسطين، وبحشد يهتف: أوقفوا المجزرة، ذلك تعبير عن تراكم حالات التضامن صنعه صمود وثبات شعبنا وبقاؤه في غزة ورفح والمغير ودير جرير وجنين وطولكرم وكل مكان، واليوم لا زال أمامنا الكثير مما نستطيع أن نقوم به للحفاظ على زخم التضامن الدولي.
اليوم مطلوب تصويب الأداء وتعزيز الشفافية والمساءلة والحكم الرشيد لكي نستفيد من هذا الزخم الدولي، لم يعد مقبولاً أن نستخف بأي مسألة لأنها (مش محرزة) وهي قد تهز أركان حكومات وأحزاب لدى المتضامنين معنا، وهذا ينسحب ليس فقط على الحكومة والساسة، بل معيار يجب أن يلتزم به القطاع الخاص والمجتمع الأهلي، ولا يُعقل أن يترفع هؤلاء عن المساءلة ويغضبوا، على قاعدة أن الأهم الحكومة والساسة!!! وهذا خطأ قاتل بدأ منذ لحظة تعاظم دور القطاع الخاص والقطاع الأهلي، الجميع مهم ان يكون لديه معايير النزاهة والشفافية.
ليس صدفةً أن يحضر ممثلو بلديات واتحادات الى الجناح الفلسطيني ليعبّروا عن تقديرهم وتضامنهم، ويحكوا ماذا فعلوا ويعلنوا أنهم ينتظرون وفد بلدية فلسطينية قادم الى بلدهم، وآخرون يسرعون علاقات ثنائية، وآخرون وآخرون، وهذا تغير مهم وحيوي، وسيظل كذلك طالما بقيت مكونات الدبلوماسية الشعبية قادرة وفاعلة وتجدد في خطابها ومفرداتها، وأن لا تكون مفرداتها الشجب والاستنكار، بل هي تماماً كما سارت الأمور باستخدام كل الإمكانيات والكفاءات.
أنا لست من مشجعي الاجتهاد لإبراز أشخاص كأنهم أبطال الدبلوماسية الشعبية، وفقط ننسى الأطباء والدفاع المدني والصحافيين والأمهات والمسنين والأطفال، ومن يتعرضون وتعرضوا لعنف المستوطنين، ومن أُرغموا على أوضاع غير إنسانية على حواجز الاحتلال، والهجوم لتعطيل آبار المياه في عين سامية وغيرها، إلى من حُرموا من حقهم باستخدام مكبات نفايات ودفعهم الى قطع مسافات للوصول الى المكب وتعطيلهم وتحويل مسارهم.
Aya2abd@yahoo.com