أن تتأهل لنهائيات كأس العرب وأنت تعاني من غيابات بالجملة، فذلك يعني انك قادر ان تكون رقماً صعباً في معادلة منافسات المونديال العربي الوشيك، وان تفرض حضورك، وان تشق طريقك بخطوات واثقة وثابتة صوب الأمام، خصوصاً إذا تم حشد غالبية العناصر التي غابت لأسباب لها علاقة بالاصابة تارة، والالتزام مع فرقها النادوية تارة اخرى، لأن البطولة خارج أيام الفيفا، علماً انها تحظى برعاية الاتحاد الدولي لكرة القدم، ويا لها من مفارقة غريبة!
تأهل الفدائي المستحق عبر ركلات الترجيح، جاء ليؤكد على حزمة من الحقائق التي قفزت الى السطح لعل ابرزها.. ان الرهان على روح لاعبي الفدائي الوثابة يبقى في محله، وأنه لم يكن ذاك المنتخب الذي يسهل اجتيازه، أو المرور منه بسهولة، وأن سياسة اتحاد الكرة، خصوصاً على صعيد سياسة الاستقطاب والبحث الدؤوب عن المواهب في الشتات، منحت الفدائي التطور والقدرة على المنافسة والمقارعة، والأهم من ذلك ان هذه السياسة الرشيدة ربطت ابناءنا في الشتات مع شعبهم الأبي في الوطن، فاستحق الفدائي ان يتسمى باسم "رائد الوحدة الوطنية وفارسها".
فنياً يُحسب للفدائي انه انجز مهمة لم تكن سهلة المنال على الاطلاق، لأن المنتخب الليبي تطور كثيراً، وقد كان قاب قوسين او ادنى من التأهل، مونديالياً وقارياً.
ورغم التعب والإرهاق ومشاق السفر الذي بدا على أداء بعض اللاعبين نتيجة اللعب مع فرقهم قبل يومين من الالتحاق بالصفوف، الا ان الفدائي كان حاضراً في الشوط الأول، اداءً واستحواذاً ووصولاً للمرمى، وتحجيما لقدرات المنتخب الليبي.
نعترف بأن الأداء تراجع في الشوط الثاني، وظهر الإعياء على بعض اللاعبين، ما أفسح المجال للمنتخب الليبي، لأن يُهيمن على معظم الفترات، ولم يكتف بذلك بل امتد لمرمى رامي حمادة، وكاد ينال منه، مستخدماً المحاور كمحطة عبور.
خطورة ليبيا في الشوط الثاني لا تعني، أبداً، ان رجال الفدائي استكانوا أو ضعفوا أو خارت قواهم، بل كان لهم حضور، أكان في الكرات الثابتة، وتحديداً الركلات الركنية، أم التسديد من خارج قوس الجزاء، وقد صفقنا، بحرارة، لصاروخ حامد حمدان، الذي كاد يتفجر في المرمى الليبي لولا انحراف مساره بتدخل ناجح من صبيحي الضاوي مستخدماً رأسه في الدقيقة (76)، وأيضاً لا ننسى رأسية عدي خروب، التي تجاوزت الحارس لكن المدافعين أبطلوا مفعولها.
انطباعات كثيرة رافقت الفدائي في مشوار تأهله المثير سنأتي عليها، تباعاً، إن شاء الله في معالجات لاحقة.