بقلم: رون بن يشاي
أهم حقيقة عملية برزت خلال حفل البيت الأبيض هي أن "حماس" لم تقبل بعدُ الاتفاق ذا العشرين نقطة من حيث المبدأ في صيغته النهائية.
والمثير للقلق هو أن تصريحات ترامب تشير إلى أنه لا يزال يفتقر إلى وعد قاطع من الوسطاء، وتحديداً من قطر وتركيا، بأن "حماس" ستوافق عليه بالفعل.
لا توجد سوى وعود غامضة حتى الآن. في الواقع، فإن حفلة يوم الإثنين ستكون تاريخية أو منسية، اعتماداً على ردّ الحركة "الإرهابية"، ناهيك عن معاناة عائلات المختطفين الذين يعتمدون على كلام خمسة أو ستة من كبار مسؤولي "حماس" المجتمعين في الدوحة.
لقد صيغت وثيقة المبادئ الأميركية بعبارات عامة، حيث يمكن لـ"حماس" قبولها كما هي، كما فعل رئيس الوزراء نتنياهو في خطابه إلى جانب ترامب.
لكن موافقة نتنياهو تتطلب أيضاً موافقة مجلس الوزراء أو الحكومة بأكملها.
من الممكن بالتأكيد أن يتمكن نتنياهو من التوصل إلى هذا الاتفاق، لكن الأمر سيستغرق يوماً أو يومين.
خطة العشرين نقطة هي مجرد إطار عام، والآن يجب مناقشة تفاصيل التنفيذ، وهذا سيستغرق وقتاً.
إذا وافقت "حماس" على الإطار العام كما هو، فقد تبدأ المرحلة الأولى خلال أيام. إذا قالت "حماس": "نعم، ولكن"، فستكون هناك حاجة إلى مفاوضات، من المرجح أن تُعقد في الدوحة، وهذا أحد أسباب موافقة نتنياهو على الاعتذار لرئيس الوزراء القطري، الذي يُرجح أنه الوسيط الأكثر فعالية وأهمية.
كعادته، أشاد ترامب بنفسه في الغالب، لكن كلماته كانت تُقرأ من النص، وتكمن أهميتها في كونها نوعاً من التقليد الشفهي الذي يُكمل المخطط الهزيل والمختصر. شفوياً، على سبيل المثال، يُفصّل ترامب تفصيلاً ما يعنيه بنزع السلاح من القطاع، والذي يُفترض أن يشمل الأنفاق ومواقع إنتاج الأسلحة والصواريخ، إلخ.
بمعنى آخر، إذا كانت هناك اختلافات في الآراء حول ما يُمثل نزع السلاح عندما يُطلب من إسرائيل الانسحاب، فسيكون من الممكن اللجوء إلى الخطاب.
لقد سهّل ترامب على نتنياهو تمرير الاتفاق في الحكومة دون تفكيكها، بذكره جميع أهداف الحرب الإسرائيلية المعلنة في الوثيقة، ثم فصّل نتنياهو هذه الأهداف في بيانه لمزيد من اليقين، وكان واضحاً أن هذا متفق عليه من الجانبين.
وأضاف ترامب تهديداً بأنه سيدعم إسرائيل "لإتمام المهمة" بغياب موافقة "حماس".
في خطابه، أشار ترامب إلى نقطتي خلاف مع رئيس الوزراء: الأولى عندما قال إن نتنياهو يعارض قيام دولة فلسطينية، بينما أعرب هو نفسه عن دعمه غير المباشر للفكرة، كما فعل في "صفقة القرن" في الولاية السابقة (2020).
لم يُصرّح ترامب صراحة بدعمه لها، لكنه أعرب عن تفهمه للدول الأوروبية التي ترى في الدولة الفلسطينية حلاً للصراع الطويل والدموي.
وفيما يتعلق بمسألة السلطة الفلسطينية لم يتراجع ترامب. فعلى عكس موقف إسرائيل، ستكون جزءا من إعادة إعمار غزة، بعد أن تخضع للإصلاحات، وتُثبت استحقاقها لها.
من جانبه، حاول نتنياهو التخفيف من وطأة الموقف بتوضيح ما يطلبه بالضبط من السلطة لتُعتبر مستوفية للشروط: وقف دفع رواتب "الإرهابيين" وعائلاتهم، ووقف التحريض في المدارس، ووقف الحملة السياسية التي لجأت إليها إسرائيل في الهيئات الدولية، و"إصلاحات أخرى كثيرة".
بمعنى آخر، لا ينوي نتنياهو السماح لتوني بلير، أو حتى ترامب نفسه، بفرض السلطة الفلسطينية عليه، دون أن تفي حرفياً بكل ما يطلب منها من التزامات.
أما في المخطط نفسه، فيكاد يخلو من أي أثر لهذا باستثناء عبارة "الإصلاح ومحاربة التطرف".
كما عزا نتنياهو خطة اليوم التالي لنفسه. إذ أشار إلى أنهم جادلوا ضده بأنه لا يملك مثل هذه الخطة، وهنا يُخرج الأرنب من القبعة: "مجلس السلام" و"اللجنة التنفيذية" التابعين لترامب - هذه خطته.
كل شيء لتجاوز حاجز المقاومة الداخلية في إسرائيل، إذا قبلت "حماس" المخطط وبعد إقراره وبدء تنفيذه.
لا داعي أن يخشى نتنياهو تهديدات سموتريتش وبن غفير، لأنه إذا تبنت "حماس" الخطة ودخلت مراحل متقدمة من التنفيذ، وخاصة عودة جميع المخطوفين، فسيكون رئيس الوزراء قادراً على تحمل تكاليف الذهاب بهدوء إلى الانتخابات في قضية تحظى بتعاطف شعبي، مخالفاً بذلك قانون التهرب، وهو ما يُمثل حقل ألغام خطيراً في الطريق إلى صناديق الاقتراع.
يبقى الآن أن نرى رد فعل "حماس"، وحتى لو كان "نعم، ولكن" كما هو متوقع، فستمر بضعة أيام أخرى تستمر خلالها الحرب.
عن "يديعوت"