البند المركزي في الحوار الوطني الفلسطيني هو وحدة الضفة الغربية وقطاع غزة، وحدة يصعب تحقيقها دون التوافق على برنامج الحد الأدنى بين القوى الوطنية، تحديدا "فتح" و"حماس".
ثمة صيغ متعددة تم الاتفاق حولها في هذا الشأن وليس آخرها لقاء بكين، ولكن العربة لا تتحرك، لا الحصان يتقدم ولا الدواليب تدور، الصورة الجماعية وصلت قبل أن تتعثر الأشياء، نفس المتوالية التي حدثت في أكثر من عاصمة، الصورة ثم التأويل، ثم البحث عن عاصمة جديدة لاستضافة الصورة.
الواضح لدى الجميع: حكومة نتنياهو المنفلتة ومعارضتها المريضة، الوسيط الأميركي ومبعوثيه وصولا إلى البيت الأبيض حيث الرئيس ترامب، الوسطاء العرب والاتحاد الأوروبي...، والأهم الشارع الفلسطيني نفسه، أن نقطة الضعف الرئيسة في الحضور الفلسطيني هي الانقسام.
الانقسام السياسي وتقسيم الشرعيات، وهي شكلية ومهلهلة على أي حال، الانقسام الذي يبدو مقصودا الآن، يواصل نموه منذ انقلاب "حماس" في صيف 2007 بموازاة كل شيء تقريبا، مثل ثقب أسود يتغذى على إدارة الظهر لغزة كما لو أنها عبء تحقق الخلاص منه أخيرا، خلاص ثمنه تعويم كل شيء والاسترخاء في "الانقسام"، وإدارته كبديل عن مواجهته وإغلاق الثغرة التي نفذ منها إلى كل الزوايا.
نتنياهو من جهته واصل تغذيته، الانقسام، وتسمينه وتحويله إلى مصلحة وضرورة لشرائح متنفذة وفاعلة.
الانقسام الذي يمكن تبينه بسهولة في الحياة التي واصلت سيرها كأن شيئا لم يحدث؛ ترسيخ سلطة "حماس" في غزة، بما يشتمل عليه من قمع ومطاردة لحياة أغلبية الفلسطينيين هناك، وما تعنيه هذه السلطة الطارئة من سوء إدارة وقصر نظر وسذاجة سياسية، وبرامج بناء اليوتوبيا الخاصة بها في مواجهة الحصار وتجاهل التاريخ الوطني، بحيث تحولت سلطة "حماس" إلى مزيج من الشرطي ومقاول الأوهام. في الجانب الآخر، سلكت الحياة طريقها أيضا، دون محاولة التوقف أمام حجم الخسارة، أو محاولة تبين أكلافها، بدا الأمر وكأنه تحديق في مرآة صغيرة على حائط منخفض، والتصرف كدولة بينما المرآة لم تتمكن من التقاط تآكل كل شيء؛ الأرض والاقتصاد والسيادة وأسئلة الناس وهمومهم.
الحديث عن وحدة غزة والضفة ينبغي أن يتحقق هنا، في القرار السياسي الفلسطيني قبل مطالبة الوسطاء بتحقيقه.