21 شهيداً في قطاع غزة منذ فجر اليوم       الرئيس محمود عباس يرحب بإعلان الرئيس ترمب بوقف الحرب       مستوطنون يقتحمون قرية شلال العوجا شمال أريحا       الأردن يرحب بالرد الإيجابي لحركة حماس على مقترح ترامب لإنهاء الحرب على قطاع غزة       أستراليا: نرحب بالتقدم في خطة ترامب لإحلال السلام بغزة       جيش الاحتلال يشن حملة اعتقالات واسعة بالضفة       رئيس الوزراء الكندي: نرحب بالتزامات حماس بالتخلي عن السلطة       رئيس الأركان الإسرائيلي يأمر بالاستعداد لتنفيذ خطة ترامب       أكسيوس: الجيش الإسرائيلي سينتقل إلى العمليات الدفاعية فقط في قطاع غزة وسيوقف عملية احتلال مدينة غزة       ستارمر يدعو إلى "اتفاق دون تأخير" على خطة السلام في غزة      
تاريخ النشر: 04 تشرين الأول 2025

الذكاء الاصطناعي.. استثمارات بمئات المليارات وتحذيرات من فقاعة مدمرة

سان فرانسيسكو (الولايات المتحدة) - أ ف ب: تُضاعف شركات التكنولوجيا العملاقة استثماراتها الضخمة في الذكاء الاصطناعي. ففي الأسبوع الفائت، أعلنت شركة "إنفيديا" الرائدة في صناعة الرقائق الإلكترونية، عن ضخّ 100 مليار دولار إضافية لشركة "أوبن إيه آي" بهدف بناء مراكز بياناتها. كيف تُفسَّر هذه المبالغ الطائلة؟ وهل ستستمر هذه الشراكات في المستقبل، أم أنها تُغذي فقاعة؟
يشهد الإنفاق على الذكاء الاصطناعي طفرة كبيرة. ومن المتوقع أن يصل حجمه إلى نحو 1.5 تريليون دولار عالمياً بحلول عام 2025، وفق شركة "غارتنر" الأميركية. ويرجح أن يتجاوز تريليونَي دولار سنة 2026، أي نحو 2% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي.
حتى لو كانت المكاسب الأولية للإنتاجية بعيدة جداً عن تعويض التكاليف، "لا شك لدى المستثمرين في أن الذكاء الاصطناعي هو التكنولوجيا الكبرى التي ستحدث انقلاباً"، على غرار ذلك الذي أحدثته الكهرباء، بحسب رئيس صندوق "كاثاي إنوفيشن" دينيس بارير.
ويشدّد بارير على ضرورة "عدم تفويت الفرصة".
تُحرك المنافسة الاقتصادية والجيوسياسية موجة من الاستثمارات التي تهدف بشكل أساسي إلى بناء مستودعات ضخمة تضم آلاف الرقائق المكلفة والمستهلكة لكميات كبيرة من الطاقة.
بين 2013 و2024، بلغ الاستثمار الخاص في الذكاء الاصطناعي 470 مليار دولار في الولايات المتحدة، ربع هذا المبلغ في العام الفائت، يليه 119 مليار دولار في الصين، بحسب تقرير لجامعة ستانفورد.
تستحوذ مجموعة صغيرة من الشركات العملاقة على الجزء الأكبر من هذه الاستثمارات، تتصدّرها "أوبن إيه آي". وقد وصلت قيمة الشركة المطورة لـ"تشات جي بي تي" إلى 500 مليار دولار، لتصبح أكبر شركة ناشئة غير مدرجة في البورصة من حيث التقييم على مستوى العالم، متقدمة على شركة "سبايس آكس" الفضائية المملوكة لإيلون ماسك.
إلى جانب هذا التقييم، تشكل "أوبن إيه آي" محور شراكات استثمارية هائلة. فهي تدير مشروع "ستارغيت" الذي سبق أن جمع 400 مليار دولار من أصل 500 مليار دولار متوقعة حتى سنة 2029 لبناء مراكز بيانات ضخمة في تكساس بمساحة تعادل مانهاتن، بالتعاون مع تحالف يضم "سوفت بنك" و"أوراكل" و"مايكروسوفت" و"إنفيديا".
فكيف تمكن هذا التحالف من توسيع نطاق إيراداته؟
تمتلك شركات التكنولوجيا العملاقة سيولة نقدية وافرة، فضلاً عن أنّ "إنفيديا تمنح مئة مليار دولار لأوبن إيه آي، مدركةً أن قيمتها ستصل حتماً إلى 200 مليار دولار غداً"، على قول أحد المستثمرين ذوي الخبرة في سيليكون فاليه.
"إنفيديا" معتادة على "التمويل الدائري"، إذ تستثمر أو تعقد شراكات مع عشرات الشركات الناشئة التي تحتاج إلى شراء شرائحها.
ينتقد بعض المحللين هذه الممارسة، خوفاً من أن تُغذي فقاعة اقتصادية. وتقول المحللة في شركة "بيرنستين ريسرتش" ستايسي راسغون: إنّ الصفقة الأخيرة مع أوبن إيه آي "يُرجَّح أن تغذي (ربما عن حق) هذه المخاوف أكثر من ذي قبل، وتثير تساؤلات بشأن مدى مشروعيتها".
تتجاوز هذه المبالغ بكثير الإيرادات الحالية لـ"أوبن إيه آي" المقدرة بـ13 مليار دولار، وإيرادات منافسيها مثل "أنتروبيك" و"ميسترال"، والتي تضطر كلها لإقامة شراكات لمواكبة وتيرة السباق.
ليست طفرة الإيرادات سوى مسألة وقت بالنسبة إلى شركاء "أوبن إيه آي". يستخدم برنامج "تشات جي بي تي" الذي ابتكرته الشركة نحو 700 مليون شخص، أي 9% من البشرية.
تستخدم الأغلبية خدماته مجاناً، لكن إذا أصبحت الأداة جزءاً أساسياً من الحياة اليومية، فسيدفع الأشخاص والشركات والإدارات مبالغ مرتفعة، تماماً كما يفعلون اليوم في مجال تكنولوجيا المعلومات.
لكن على المستثمرين التحلّي بالصبر، فمواصلة تلبية الطلب الشره للذكاء الاصطناعي على الطاقة الحاسوبية سيكلّف بحلول سنة 2030 أكثر من 500 مليار دولار سنوياً من استثمارات عالمية في مراكز البيانات، مدعومة بإيرادات سنوية تبلغ تريليونَي دولار لضمان استدامتها، وفقاً لشركة "بان".
حتى في ظل هذه الفرضيات التي تحمل تفاؤلاً، تشير "بان" إلى أنّ القطاع سيُعاني عجزاً قدره 800 مليار دولار. وتتوقّع "أوبن إيه آي" إنفاق أكثر من مئة مليار دولار من السيولة النقدية بحلول عام 2029.
أما فيما يتعلق بالطاقة، قد تصل البصمة العالمية للذكاء الاصطناعي إلى 200 غيغاواط بحلول عام 2030، نصفها في الولايات المتحدة. ومع الزيادة المستمرة في قوة الرقائق، قد يبقى السيليكون العالي الجودة نادراً ومكلفاً لمدة طويلة.
مع ذلك، لا يزال بعض المحللين متفائلين. يقول المحلل في شركة "ويدبوش" دان إيفز: "رغم المخاوف من احتمال نشوء "فقاعة ذكاء اصطناعي" وتضخم التقييمات، نعتقد أن قطاع التكنولوجيا يعيش عاماً مماثلاً لسنة 1996، أي في فترة طفرة الإنترنت، لا لعام 1999 على الإطلاق، عشية انفجار تلك الفقاعة الشهيرة".
وعلى المدى البعيد، "ستُهدر مبالغ مرتفعة وسيخسر كثيرون، تماماً كما حدث خلال انفجار فقاعة الإنترنت، لكن الإنترنت نجا"، بحسب المستثمر في سيليكون فاليه.
وقال مسؤولون تنفيذيون كبار في قطاع الاستثمار، أمس: إن شركات ناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي تجتذب مبالغ قياسية من رؤوس أموال المخاطرة، لكن بعض أكبر المستثمرين في العالم حذروا من أن التقييمات بدأت تظهر على أنها سطحية ولا تعكس الواقع.
وقال بريان ييو، كبير مسؤولي الاستثمار في (جي.آي.سي) وهو صندوق ثروة سيادي في سنغافورة، في حلقة نقاشية خلال قمة معهد ميلكن آسيا 2025 في سنغافورة: "هناك بعض الضجة المبالغ فيها في مجال المشروعات التي لا تزال في مراحلها المبكرة".
وتابع: "تحصل أي شركة ناشئة لها أي صلة بالذكاء الاصطناعي على تقييم يعادل أضعافاً ضخمة لأي إيرادات صغيرة (يمكنها تحقيقها)... قد يشكل ذلك تقييماً عادلاً بالنسبة لبعض الشركات لكن ربما لا يكون كذلك بالنسبة لشركات أخرى".
ووفقاً لبيانات "بيتش بوك"، وهي شركة بحثية تقدم بيانات عن سوق رؤوس الأموال العالمية، جمعت الشركات الناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي 73.1 مليار دولار على مستوى العالم في الربع الأول من 2025، وهو ما يمثل 57.9% من إجمالي تمويل رؤوس أموال المخاطرة.
وجاء هذا الارتفاع مدفوعاً بجولات تمويل مثل التي قامت بها شركة أوبن إيه.آي وجمعت 40 مليار دولار، إذ يتسابق المستثمرون للحاق بركب صعود الذكاء الاصطناعي.
وقال ييو: "توقعات السوق ربما تكون أعلى بكثير مما يمكن أن تقدمه تلك التكنولوجيا... نشهد اليوم طفرة كبيرة في الإنفاق الرأسمالي للذكاء الاصطناعي. يخفي ذلك بعض نقاط الضعف المحتملة التي ربما تكون كامنة في الاقتصاد".
ويرى تود سيسيتسكي رئيس شركة "تي.بي.جي" لإدارة الأصول البديلة أن الخوف من تفويت الفرص يشكل خطراً على المستثمرين، لكنه أضاف: إن الآراء منقسمة بشأن تشكل فقاعة بالفعل في قطاع الذكاء الاصطناعي.