تاريخ النشر: 25 كانون الأول 2014


آراء
انتخابات البرلمان الإسرائيلي
الكاتب: حمادة فراعنة

شكلت انتخابات البرلمان الإسرائيلي، العام 1992 محطة مهمة في تاريخ المكون العربي الفلسطيني، وتقدمه في نضاله الدؤوب المتعدد الوسائل والأشكال لتحقيق المساواة على أرض بلادهم في مناطق الجليل والمثلث والنقب ومدن الساحل المختلطة، وأدت نتائجها إلى أن تكون مقدمة ونقلة نوعية على طريق تعزيز الحضور العربي الفلسطيني وتمثيله البرلماني، فقد اقتصرت عضوية العرب في ذلك المجلس على خمسة نواب يمثلون كتلتين الأولى للحزب الشيوعي وله ثلاثة نواب وفي طليعتهم الشاعر الفلسطيني المميز الراحل توفيق زياد والذي شغل موقع رئاسة بلدية الناصرة، كبرى المدن العربية في مناطق 48 في نفس الوقت، والثانية للحزب الديمقراطي العربي الذي أسسه عبد الوهاب دراوشة، بعد أن انشق عن حزب العمل الصهيوني على خلفية الانتفاضة الفلسطينية في مناطق 67، مع زميله المحامي النائب طلب الصانع، رئيس الحزب حالياً بعد أن تقاعد دراوشة من العمل السياسي والبرلماني.
ومع أن عدد النواب العرب كانوا خمسة طوال سنوات البرلمان الإسرائيلي 1992 – 1996، إلا أنهم حققوا نتائج سياسية ملموسة من خلال كتلتهم المانعة التي حالت دون سقوط حكومة تحالف الأقلية الإسرائيلية المكونة من حزب العمل مع حركة «ميرتس»، ولهم 56 مقعداً، مسنودين بالنواب العرب الخمسة، وبكتلتهم هذه منعوا اليمين الإسرائيلي من تولي رئاسة الحكومة رغم امتلاكه للأغلبية البرلمانية بتسعة وخمسين مقعداً.
واعتماداً على هذه المعطيات، استطاع النواب العرب الخمسة تحقيق إنجازات كبيرة، بدءاً من وقف الاستيطان في جبل أبو غنيم بضواحي القدس، مروراً بتحقيق موازنات كبيرة للمدن العربية، وكذلك لأولاد العائلات العربية أسوة بأولاد اليهود، ولكن الأهم من كل هذا تغيير نظرتهم الكلية لأنفسهم حيث ازدادوا ثقة بقدرتهم على انتزاع مطالب حيوية لحياتهم، وبأحزابهم المعادية للصهيونية وللاحتلال، ونحو مطالبهم لتحقيق المساواة، وتراجعت بشكل ملحوظ نسبة تصويتهم للأحزاب الصهيونية المهيمنة، وفتح بوابة للأحزاب العربية كي تحظى بمزيد من الدعم والتصويت، ما أدى إلى زيادة التمثيل العربي الفلسطيني في الانتخابات التي تلتها في أيار 1996، إلى تسعة مقاعد بدلاً من خمسة، وهكذا بدأت النسب تتغير، وتحسن مستوى التصويت العربي لصالح الأحزاب العربية، وخاصة بعد مشاركة الحركة الإسلامية بالانتخابات البرلمانية، بدعوة من مؤسس الحركة عبد الله نمر درويش، وأدى ذلك عملياً وفعلياً إلى تراجع نسب التصويت العربي للأحزاب الصهيونية.
وفي التدقيق بواقع التمثيل العربي الفلسطيني في الكنيست اليوم، نلحظ أن هناك ثلاث كتل برلمانية هي: 1- الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة ولها أربعة مقاعد، 2- القائمة العربية الموحدة ولها أربعة مقاعد، 3- التجمع الوطني الديمقراطي وله ثلاثة مقاعد، أي ما مجموعه 11 مقعداً، وقد بادر اليمين الإسرائيلي، بأغلبيته، لرفع نسبة الحسم لدخول البرلمان إلى 3.25 بالمائة، وهي نسبة يتعذر على القوائم الثلاث منفردة تخطيها حيث تشير نتائج الاستطلاعات بإمكانية نجاح كتلتي الجبهة الديمقراطية والقائمة العربية، لتجاوز نسبة الحسم، وتشير إلى غياب كتلة التجمع وخسارة تمثيلها بثلاثة مقاعد، وهو هدف تسعى له الكتل العنصرية الإسرائيلية الرافضة لقضية المساواة، وتعمل على إسقاط التمثيل العربي الفلسطيني في الكنيست الإسرائيلي وإضعافه، فعملت على رفع نسبة الحسم بهدف التخلص من الكتل العربية، ما يتطلب التحلي بالمسؤولية الوطنية والقومية لدى الكتل والأحزاب العربية، والتصرف بعقلانية، بعيداً عن الحساسيات الحزبية وتجاوز التباينات فيما بينها، كي تضمن أولاً الحفاظ على مكانتها وتمثيلها وتعمل ثانياً على زيادة تمثيلها، فالوسط العربي الفلسطيني ما زالت نسبة التصويت عنده لانتخابات الكنيست دون نسبة مشاركة اليهود في عملية التصويت والوصول إلى صناديق الاقتراع، مع أن العرب لهم مصلحة أكبر وأقوى في زيادة نسبة تصويتهم بهدف زيادة نسبة تمثيلهم في البرلمان حماية لمصالحهم وتحقيقهم لتطلعات تتوسل المساواة الكاملة في المواطنة أسوة بما يتمتع به اليهود من حقوق، فقد بلغت نسبة التصويت العربي 55 بالمائة، وهذا يعني أن 45 بالمائة من المصوتين العرب لا يصلون إلى صناديق الاقتراع، فإذا كانت نسبة التصويت 55 بالمائة ولهم 11 مقعداً، فهذا يعني إذا تم رفع نسبة التصويت لدى الوسط العربي الفلسطيني إلى 60 و70 بالمائة كما هي لدى اليهود، فهذا يفتح على زيادة التمثيل إلى 15 مقعداً، كي يكون للفلسطينيين الكتلة الثالثة في البرلمان، وبذلك تتوفر لهم فرص أفضل لحماية مصالحهم، واستعادة حقوقهم كمواطنين داخل وطنهم. 
ولذلك يجري التداول، حول الاقتراحات العملية، التي تحفظ للوسط العربي الفلسطيني، تمثيله في الكنيست عبر الحفاظ على مشاركة الكتل الثلاث في الانتخابات المقبلة يوم 17/3/2015، والاقتراح الأكثر عملية، والأكثر واقعية، والذي يمكن أن يشكل أرضية مناسبة للكتل الثلاث هو:
1- تشكيل كتلتين الأولى من الجبهة الديمقراطية تتسع لتضم كلاً من أحمد الطيبي وطلب الصانع وشخصيات مماثلة، مثل محمد حسن كنعان وعباس زكور وغيرهم.
2- تشكيل كتلة ثنائية تضم الحركة الإسلامية مع التجمع الوطني الديمقراطي.
3- التوصل إلى اتفاق على تبادل فائض الأصوات بين الكتلتين.
وبهذا التصور، يمكن الحفاظ على تواجد الكتل الثلاث، مثلما يمكن الحفاظ على خيار الجبهة الديمقراطية بوجود نائب يهودي بين صفوفها، مثلما يبقى مجال التنافس قائماً بهدف حشد الجمهور ودفعه نحو التصويت بوجود الحراك السياسي والجماهيري النشيط.
h.faraneh@yahoo.com