كان يجب أن أكتب خطة إعلامية وعدد من الأنشطة المحلية والدولية الغير تقليدية لك، لا أن أكتب هذا الرثاء. كان هناك لقاء آخر لنا مع قهوة لنعيد صياغة كيفية تنشيط شبابنا بما يحقق أثر ملموس لكني شربت قهوتك وأنا أنظر الى الشباب والكهول هذا المساء بسبب رحيلك، كنت تستمتع وأنت تتحدث لي عن الانتفاضة الأولى وما بعد ذلك في تفاصيل التفاصيل وتقول لي: أكتب اذا بتحب عن هذه التفاصيل... نضحك معاً ونقول مش ناقصنا وجع راس، لكنها حفظت في الرأس!!
ذات مساء رتبنا لقاء لتناول جرعة من القهوة، جئت كزوبعة لم أتوقعها تقول لي : اركب معي سهرتنا طويلة؟! سهرتنا كانت عبارة عن: زيارة أسير محرر، مريضة جاءت تتعالج من غزة ابنها كان معه في سجون الإحتلال، تسجيل مقابلة "حلقة" تلفزيونية في مكتبك، طبعاً ونحن بالطريق بين مكان ومكان لم تقل لا لأي اتصال إذاعي. المهم خرجنا من مكتبك الساعة 11 ليلاً. طلبت منك أن تعتقني فضحكت ضحكتك المعروفة قلت له: بدك جيش من الشباب وممكن ما انلحق عليك.
أنت العفوي.. الفوضوي.. المتواضع... الشعبوي.. تقول فتفعل.. وإن فعلت لا تقول... مع الكبار كبير ومع الصغار صغير... مبتسم بالأمل كموج يضرب صخور الشاطئ دون ملل أو تعب... المستمر.. النشيط.. عندما يختبئون تخرج.. عند انتظار الرد تطل هامتك.. صوتك صوتنا.. تغضب عنّا.. رئتك لنا.. لكنك كنت تشاهد ما لا نبصره فتزأر أمام الجميع دون الحاجة الى مكبر صوت غير مهتم بالدبلوماسية أو سياسة المُساسية.
في منزل الأخ خليل قراجة " أبو أنصار" التقينا مصادفة لتهنئته بأداء فريضة الحج، تحولت المصادفة الى نقاش مؤلم ومحزن وحاد على واقع الحركة ومؤسساتنا الفلسطينية، اشتبك الجميع مع ذاته للبحث عن النور والمستقبل، طلبت استراحة مقاتل بالتهام سيجارة بالخارج على "البرندة" بعد هذه الوجبة جئت لتقول لنا " اسمعووو اشتغلوووو هذه المؤسسات مؤسسات وطن... والناس بدها نموذج صادق والشعب هو من يحمي العمل والإنسان المخلص لقضيته... بس راهنووو على الشعب"
جنازتك سيتمناها الكثير من قياداتنا الفلسطينية وأغلبهم لن ينال مثلها، مع تمنياتي أن ينال كل إنسان هذا الشرف الوطني، كنت أسير خلف جثمانك وأفتقد حضورك في مثل هكذا مناسبات، كنت بانتظار زئيرك الفتحاوي كما تعودنا عليه، لو أنك استيقظت ولو لفترة بسيطة من الزمن لوجدت الشعب الذي تحب يسير خلفك فهو أيضاً أحبك... أحب فيك كل ما فيك، فأنت المنصهر بهم منذ الصغر. لو استيقظت ونحن نمر بك أمام ضريح من تحب لهتفت أنت الشهيد بروح بالدم نفديك يا عرفات... لو استيقظت لسمعت أبناء حركة الشبيبة وهم يهتفون بأعلى صوتهم يريدون مركزية وثوري مثلك أنت يريدون قيادة مثلك أنت!!
يوماً ما سأقوم بتدريب بعنوان مواصفات القائد، ستكون أنت مثال فلسطيني رائع للشباب، مستمع للجميع، مبادر حتى المغامرة، متواضع، متواجد في الميادين، توحد الجهود لتحقيق الأهداف، سعة الصدر ومواجهة المواقف الصعبة، تتحلى بالطاقة والنشاط.. الحيوية والرغبة في العمل، حازم في القرارات والثقة في اتخاذ القرارات المستعجلة، دائماً في المقدمة بالفعل.
ذكراك في قلوبنا وعقولنا ستستمر مع كل فلسطيني سيأكل الزيت والزيتون والزعتر، روحك ممتدة في فضاء كل أرض زرتها، ابتسامتك الدائمة لن تفتقدها فقط عائلتك وإنما كل من عرفك ولو لدقائق عابرة، أقول وبكل قوة بأن فلسطين فقدت أكثر من عين، عين الأب.. عين الأخ... عين الثائر.. عين الوزير.. عين الفتح.. عين ابن البلد... عين من لا أعين لهم... عين زياد أبو عين..... لروحك السلام... ولنا الصبر والاشتياق.
للتواصل:
بريد الكترونيmehdawi78@yahoo.com
فيسبوك RamiMehdawiPage