تاريخ النشر: 01 تشرين الثاني 2025


آراء
يوم المنتجات الفلسطينية
الكاتب: صلاح هنية

أين نحن من يوم المنتجات الفلسطينية الذي أقرته الحكومة في 1/11 من كل عام منذ العام 2019؟
في ضوء حقائق الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، يتضح أن التقدم الذي حققناه باتجاه تعزيز المنتجات الفلسطينية قد طاله ما طاله من آثار سلبية، ولعل إلقاء نظرة على حقائق وأرقام الجهاز المركزي يشير إلى أنه خلال عامين من العدوان على فلسطين، تراجع الناتج المحلي الإجمالي في فلسطين بنسبة 29% بواقع (18% في الضفة الغربية، 86% في قطاع غزة) بالمقارنة مع الفترة المناظرة التي سبقت أكتوبر/ تشرين الأول 2023، ليصل مستوى الناتج المحلي الإجمالي حوالى 10 مليارات دولار أميركي بعد أن كان يشكل من 13 إلى 15 مليار دولار ما قبل ذلك.
وأمام هذا الواقع يجب أن نقف أمام تحدياته بصورة تنتج حلولاً وخططاً قابلة للتنفيذ، ولعل التركيز هذه الأيام على المشاريع الصغيرة الأسرية التي شكلت وتشكل رافعة للاقتصاد الفلسطيني ودعم المنتجات الفلسطينية، إذ يشكل هذا القطاع الريادي الأسري حوالى 7% من الاقتصاد الفلسطيني، فهناك أكثر من 100 ألف مشروع إنتاجي ريادي أسري في فلسطين، وتشغل تلك المشاريع ما يزيد على 185 ألف عامل.
والتركيز على إحلال الواردات في السلع القابلة للإحلال مكان الاستيراد وتفعيل دعم المنتجات الفلسطينية من هذا الباب، وهي سلع بالإمكان إنتاجها فلسطينياً بجودة عالية تشمل الأعلاف، الإسمنت، العجول، أغذية الأطفال، صناديق الألمنيوم، لحوم عجول مجمدة، أغناماً حية، بيض التفريخ، أصنصات/ إضافات طعام، لحوم دواجن مجمدة، الأسمدة الحيوانية أو النباتية، مدخلات أعلاف، أحذية ستاتية، حقائب ستاتية.
السؤال الملح: ما أهمية المنتجات الفلسطينية؟
قد يظن البعض أن المنتجات الفلسطينية مصلحة ذاتية ضيقة للمنتجين الفلسطينيين أنفسهم، وهذا منطلق خاطئ طالما ناقشناه مع أصحابه على مدار السنوات السابقة الطويلة، إذا زدنا مساهمة المنتجات الفلسطينية في الناتج المحلي الإجمالي إلى 32%، بالتالي نضمن زيادة 100000 فرصة عمل جديدة، ونساهم في ضخ دخل في الاقتصاد الفلسطيني يعمّ على قطاعات واسعة من أبناء شعبنا وإنعاش الدورة الاقتصادية، ولعل نموذج إحلال الواردات سيساهم في إدخال صناعات جديدة وتوسعة صناعات قائمة، وستعم الفائدة على المستوردين الذين سيتوجهون إلى استيراد المواد الخام والسلع الأساسية غير المتوفرة فلسطينياً.
ماذا بعد؟
نحن أمام تحدٍّ حقيقي، تعزيز الصمود والبقاء على الأرض، ودون منتجات صناعية، وقطاع زراعي، وتجارة، لن يتحقق عامل الصمود، ويصبح حالنا كأننا نشكل قوة طاردة للناس؛ فانتشار البطالة، وتراجع القدرة الشرائية، وتآكل الدخل، وارتفاع الأسعار، كلها عوامل طاردة، واجبنا أن نتصدى لها، ونعالجها برفع قدرات القطاعات الاقتصادية الفلسطينية، وزيادة إنتاجيتها، وزيادة حصة المنتجات الفلسطينية في الناتج المحلي الإجمالي، وزيادة حصة المنتج السوقية، وتعديل ميزان التجارة الخارجية بين الاستيراد والتصدير، بحيث لا نعظم الاعتماد على السوق الإسرائيلي بالاستيراد وتنويع تجارتنا الخارجية، وعدم حصرها في السوق الإسرائيلي.
اليوم مختلف جذرياً عن الماضي، وأمامنا فرص يجب أن نستفيد منها استناداً إلى دراسات وإحصاءات وتوصيات بخصوص الاقتصاد الفلسطيني، وألا تظل حبراً على ورق، سواء ما أصدره معهد أبحاث السياسات الاقتصادية (ماس)، والجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، ومؤتمرات وورش الجامعات الفلسطينية، وكلها ذهبت باتجاه استقلالية الاقتصاد الفلسطيني، دعم المنتجات الفلسطينية وتعزيز تنافسيتها، المزيد من التركيز على معايير الجودة، إحلال الواردات، الاستمرار بسياسة منح الأفضلية للمنتجات الفلسطينية في العطاءات والمشتريات الحكومية، واعتبار كل ما ينتج في فلسطين منتجاً فلسطينياً.
المرحلة الراهنة تتطلب التركيز على تدمير البنية الصناعية والزراعية والتجارية في قطاع غزة، والأمر ينسحب مع اختلاف نسبي على الضفة الغربية، إعادة توحيد الاقتصاد الفلسطيني بين أسواق الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس، تعميق العلاقات الاقتصادية مع الأسواق العربية خصوصاً مصر والأردن.
المنتج الفلسطيني أولاً ودائماً...
لم نعد نمتلك ترف التعاطي السلبي مع المنتجات الفلسطينية في الوضع الراهن؛ لأن الظرف الراهن يتطلب اقتصاداً قوياً قادراً على دعم الصمود والبقاء، وهذا لن يتحقق إذا كنا ننال من قدرة الاقتصاد على تحقيق الصمود، وهو الأجدر على تحقيقه. وعلى مدار السنوات التي مضت، كان الاقتصاد مرتبطاً بالتغيرات السياسية، وفي الوقت الذي وقف فيه المجتمع الفلسطيني ليعزز صموده، كان الاقتصاد ظهيره الأساسي، سواء في أواسط الثمانينيات، وبداية 2000، ومروراً بالعام 2014 تعاظم الالتفاف الشعبي والوعي باقتصاد الصمود والبقاء، والوضع الراهن.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* رئيس جمعية حماية المستهلك الفلسطيني.
www.pcp.ps
aya2abd@yahoo.com