
بقلم: رونين بيرغمان
هل رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، مستعد لتقديم تنازل حاسم قد يُعرّض أمن دولة إسرائيل للخطر، مقابل عدم الاعتراف بحل الدولتين؟
يتضح ذلك من التصريحات المقلقة للغاية لمسؤولي الأمن بشأن الاتفاقية التي يجري تشكيلها بين السعودية والولايات المتحدة في الأيام الأخيرة.
فقد أعرب مسؤولون أمنيون عن مخاوف جدية في الأسابيع الأخيرة في ضوء الأنباء الواردة إلى إسرائيل حول استعداد الولايات المتحدة لبيع عدد كبير جداً من طائرات F35 الشبحية للسعودية.
في اجتماع عُقد مؤخراً حول هذا الموضوع، اتفق عدد من كبار المسؤولين المعنيين بالأمر على أن هذا يُشكل «خطراً واضحاً ومباشراً على التفوق النوعي لسلاح الجو»، وأنه لو كان الأمر يعتمد عليهم لكان على إسرائيل معارضة هذه الصفقة بأي شكل من الأشكال.
ووفقاً لمصادر قانونية اطلعت على القضية في المؤسسة الأمنية من المحتمل جداً أن يُشكل بيع الأسلحة للسعودية انتهاكاً لمجموعة القوانين الأميركية المصممة لضمان الحفاظ على «التفوق العسكري النوعي» لإسرائيل، والتي تُلزم الولايات المتحدة بالتشاور مع إسرائيل وضمان حصولها في الوقت نفسه على قدرات أخرى (أو نسخ مُحسّنة من قدراتها الخاصة) تُحافظ على الفجوة التكنولوجية لصالحها.
لكن وفقاً لمعلومات وصلت إلى المؤسسة الدفاعية، ستكون الحكومة الإسرائيلية مستعدة للتخلي عن معارضتها، مقابل تنازلات سعودية بشأن القضية الفلسطينية، التي كانت العقبة التي أعاقت حتى الآن الاتفاق وإمكانية إقامة علاقات دبلوماسية بين البلدين.
ووفقاً لأحد المصادر، فإن نتنياهو «مستعد الآن للتنازل عن جزء كبير من التفوق النوعي لسلاح الجو، شريطة أن يتمكن من تحقيق التطبيع دون التطرق إلى حل الدولتين لشعبين».
وقال مصدر عسكري رفيع المستوى: «لا يُمكن وصف هذا إلا بأنه ضربة موجعة للجيش الإسرائيلي، حيث تُبدي الحكومة استعدادها للتخلي عن كل شيء، كما كانت مستعدة للتخلي عن أوراق بالغة الأهمية في مفاوضات الرهائن، والأهم هو عدم إشراك السلطة الفلسطينية. نحن مستعدون للتخلي عن أمن الدولة، والأهم هو عدم إغراق القاعدة بوعود إقامة دولة فلسطينية».
ووفقاً لمسؤولين كبيرين، أحدهما في وزارة الدفاع والآخر في الجيش الإسرائيلي، بدأت التقارير الأولية بالوصول قبل نحو شهرين - من خلال محادثات مع مسؤولين أميركيين وحتى من رجال أعمال مطلعين على ما يحدث في السعودية - تُفيد بأن الرئيس دونالد ترامب على وشك الموافقة على صفقة ضخمة، يقول البعض إنها أكبر صفقة أسلحة في التاريخ، بين واشنطن والرياض. كما تتضمن الصفقة جزءا مهماً من طائرات F35 الأكثر تطوراً وتحديثاً.
خارطة الاهتمامات: «خطة نتنياهو للانتخابات القادمة»
أُثيرت هذه القضية في عدة اجتماعات عُقدت في سلاح الجو وقيادة الجيش الإسرائيلي، ووزارة الدفاع، حيث أعرب هؤلاء عن قلقهم البالغ إزاء توريد الأسلحة، ما قد يُعرّض حرية طيران سلاح الجو الإسرائيلي في جميع أنحاء الشرق الأوسط للخطر إذا وقعت المملكة وسلاحها الجوي في أيدي عناصر متطرفة.
وقال أحد المصادر: «إن وجود طائرة F35 في أيدي دولة قريبة كالسعودية لا يضر بقدرة سلاح الجو الإسرائيلي على العمل في ساحات بعيدة كاليمن أو إيران فحسب، بل يضر أيضاً بقدرة سلاح الجو الإسرائيلي على حماية أجواء البلاد».
حتى الآن، لم تتوصل إسرائيل والسعودية إلى اتفاق بشأن التطبيع بينهما، على الرغم من الجهود الكبيرة التي بذلتها إدارتا بايدن وترامب، والرغبة القوية للدول الثلاث في التوصل إلى اتفاق.
الولايات المتحدة معنية بصفقة الأسلحة، التي ستساعدها أيضاً في تمويل مشروع F35، الذي أصبح أغلى مشروع أسلحة وأكثرها إثارة للجدل في التاريخ؛ بينما تهتم السعودية باتفاق دفاع مع الولايات المتحدة، والموافقة على عقود لمشروع نووي مدني، وهي مسألة أخرى يُبدي نتنياهو استعداده للتخلي عنها، وفي إسرائيل معنيون بالتطبيع مع السعودية، وهو إنجازٌ بالغ الأهمية لنتنياهو، «وربما الطائرة التي يمكنه ركوبها في طريقه إلى الانتخابات المقبلة»، كما قال أحد المصادر.
لكن هذا لم يحدث حتى الآن، لأن إسرائيل لم توافق على أي تنازل في القضية الفلسطينية.
لم توافق إسرائيل حتى على المطالب السعودية بإحراز تقدم ملموس، دون التزام واضح بجدول زمني لإقامة دولة فلسطينية، حيث تم تجاوز هذا الحد بعد 7 تشرين الأول.
منذ هجوم «حماس» والحرب على غزة زادت السعودية من مطالبها بالتزام إسرائيلي كامل بحل الدولتين لشعبين، وفق جدول زمني معروف ومحدد مسبقاً.
والآن، يحاول الرئيس ترامب إبرام صفقة تمنح كل طرف ما يريده بشدة: السعوديون اتفاق الدفاع وقاذفات الشبح الخاصة، وإسرائيل التطبيع دون أي شروط مسبقة.
يُبقي نتنياهو أوراقه طي الكتمان، ولا يُطلع المؤسسة الأمنية على ما تم الاتفاق عليه، ولكن بحسب المعلومات المتوفرة حالياً في الجيش الإسرائيلي ووزارة الدفاع، من المقرر أن يوافق نتنياهو على بيع 50 طائرة من طراز F35 من أحدث طراز، وربما يصل عددها إلى 100 طائرة (بِيعَت لإسرائيل 75 طائرة، سُلِّم منها حوالى 50 طائرة) مقابل تخلي السعودية عن الالتزام الإسرائيلي بحل الدولتين لشعبين.
إضافة إلى ذلك، وفي مقابل تجاهل إسرائيل لتحذيرات سلاح الجو، يطالب نتنياهو السعودية بالالتزام بالتنسيق مع إسرائيل بشأن قضية غزة، وبتنازل السعودية عن مطالبها المتعلقة باليوم التالي في غزة، «بألا تُطالب السعودية بما لا نريده».
«التأميم الأميركي» للأمن القومي الإسرائيلي
صرّح أحد المسؤولين الرفيعين، الليلة قبل الماضية: «على عكس الإحاطات الصادرة عن مكتب رئيس الوزراء، والتي تُحاول تبييض هذه الصفقة، فإن الخطر لا يكمن في التطبيع. حتى لو لم يكن هناك تطبيع، فلا يوجد خطر كبير من أن يُعلن النظام السعودي الحالي الحرب على إسرائيل. ولكن ماذا سيحدث إذا دخل نظام آخر إلى هناك؟!».
وأضاف: «هذه الحادثة ليست حادثة منفردة، بل هي تعبير آخر عن التأميم الأميركي للأمن القومي الإسرائيلي. نحن في أيديهم تماماً، في أيديهم، تحت إرادتهم، سواء أردنا أم لا، وسواء قاتلنا أم لا. وبالتالي، في جوهر الأمر ليس لنتنياهو أي رأي في صفقات الأسلحة حتى لو ألحقت بنا ضرراً مباشراً، لكن الأهم هو وجود رسالة من ترامب يطلب فيها العفو».
عن «يديعوت»