تاريخ النشر: 25 تشرين الأول 2025

أميركيون مصابون بالتوحّد غاضبون من ترامب

نيويورك - أ ف ب: أطلق وليام بارنيت قناته عبر "يوتيوب" لعرض موهبته الموسيقية، لكن في ظل خطاب دونالد ترامب المثير للجدل بشأن التوحّد، بات يستخدمها حالياً للتنديد بتصريحات الرئيس الأميركي ووزير الصحة روبرت كينيدي جونيور.
يقول المؤلف الموسيقي البالغ من العمر 29 عاماً، والذي يعاني اضطراب طيف التوحد: "لقد دفعت هذه التصريحات عدداً كبيراً من المصابين إلى الاعتقاد أنهم أمام مشكلة ولا ينتمون إلى المجتمع".
ويضيف من شقته في كوينز في نيويورك: "أتساءل فقط ما إذا يعتبروننا جميعاً مجرد بيادق".
على عكس ما تُجمع عليه الأوساط العلمية، أشار دونالد ترامب وروبرت كينيدي جونيور، المناهضان للّقاحات واللذان يصفان التوحّد بأنه "مرعب" و"أزمة صحية"، إلى أنّ هذا الاضطراب قد يكون مرتبطاً باللقاحات أو الباراسيتامول.
وأكّد بارنيت أن هذه التصريحات تُؤجج الخوف لدى الأهل وتُشوّه سمعة أشخاص مثله.
والتوحد هو اضطراب في النمو العصبي ذو طيف واسع جداً، يتميز بصعوبات متنوعة في التواصل والسلوك والتفاعلات الاجتماعية.
وبحسب منظمة الصحة العالمية، يُرجَّح أن يكون سببه مزيجاً من العوامل الوراثية والبيئية.
وارتفعت الحالات خلال العقود الأخيرة في الولايات المتحدة ودول غربية أخرى، ويعزى ذلك أساساً إلى تحسُّن طرق التشخيص، وفق خبراء.
شُخِّص وليام بارنيت في سن الثالثة تقريباً.. ويقول: "في طفولتي، كنت أتساءل دائماً كيف ستكون حياتي لو كنتُ شخصاً لا يعاني هذه المشكلة العصبية". ويضيف: "أردت فقط أن أكون طبيعياً".
كشاب بالغ حاصل على شهادة ويعمل بشغفه، يرى بارنيت في حالته قوة وليس ضعفاً، خصوصاً مع دعم "عائلته الثانية" في جمعية "أوتيستيك أدالتس نيويورك".
حديثاً، شاركت المنظمة، التي يقودها أشخاص بالغون يعانون التوحّد، في مسيرة مخصصة للأشخاص ذوي الإعاقة.
يشير سيباستيان بونفيسوتو (26 عاماً)، الذي كان حاضراً في المسيرة، إلى أنّه "غاضب" و"محبط" من إدارة ترامب، ويقول: "يعاملوننا كما لو أننا لسنا من المجتمع".
كذلك، تعتبر مريم غاردنر (26 عاماً)، التي كانت حاضرة أيضاً، أنّ هذه التصريحات "خطرة"، وتقول: إنّ "الأمر صعب"، مضيفة: "بصرف النظر عمّن أنت، تستحق أن تُعامَل كإنسان".
يعتبر بونفيسوتو وغاردنر وآخرون أنّ على الحكومة الأميركية العمل على تحسين تمويل خدمات دعم المصابين بالتوحد، إذا كانت ترغب فعلاً في تحسين الأوضاع.
وفي حين يشير بارنيت إلى أنّ عدداً كبيراً من الأشخاص يعانون صعوبات أشدّ مما يواجهه، يشدد على خطر "التعميم المفرط" لمفهوم التوحد من جانب إدارة ترامب.
واضطراب التوحّد واسع جداً، إذ بينما يحتاج بعض المصابين به إلى رعاية ومساعدة كبيرتين طيلة حياتهم، يستطيع آخرون العيش باستقلالية.
ويقول بارنيت: "التحديات التي أواجهها تتجاوز ما ترونه على الشاشة أو طريقة تقديمي لنفسي أمام الجمهور"، معتبراً أنّه محظوظ جداً، لأنه استفاد من سنوات من علاجات النطق واللغة، بالإضافة إلى دورات في المهارات الاجتماعية.
عمل بارنيت مع إليزابيت لوغيسون، الأستاذة في الطب النفسي لدى جامعة كاليفورنيا في لوس أنجليس.
وترى هذه المتخصصة أن خطاب البيت الأبيض بشأن التوحد يتمحور على فكرة "الشفاء"، ويعيد إلى الأذهان "الماضي القاتم".
وتقول: "لقد أحرزنا تقدماً كبيراً، لكن الآن أشعر بأننا نتراجع"، مؤكّدة أنّ "التوحد ليس مأساة أو أمراً يجب تصحيحه لكثيرين. إنه اختلاف في النمو العصبي وجزء من التنوع البشري".