تاريخ النشر: 25 تشرين الأول 2025


آراء
الفعاليات ومحيط المدن
الكاتب: صلاح هنية

تجتهد مؤسسات البلد لتنظيم نشاطاتها وسط المدن وتترك المناطق المحيطة لحظها إذا نُظم فيها مهرجان، القرى البعيدة تجاهد لتكون على قائمة المشاريع وعلى خارطة التطوير الصحي والتربوي والتشغيل والإبداع والتميز.
نذهب خارج المدن وكأننا نستكشف من جديد مكانا غير مكتشف، ويضرب المسؤول على جبينه: لماذا لم نقم بدور تجاههم، أبعد شيء نفعله أن ننشئ مزرعة ومنزلا للاستجمام أو نشتري أراضي للاستثمار الخاص وفقط.
أصررت مرة على مجموعة من المسؤولين المتقدمين وكان في ذاك الزمان أسهل أن يستجيبوا، فذهبنا تجاه مجموعة من القرى غرب رام الله العام 1999، يومها حدثت الصدمة لأول وهلة وباتوا يتبادلون الانطباعات وكلهم ينظرون صوبي قائلين، خبير التوريط الإيجابي.
قبل أيام، راسلني صديق يعاتبني بحب قائلا، صديقي، اعملوا نشاطا في القرى هم الأكثر حاجة، «الموضوع مش انت»، الموضوع عام للكل.
عندما تلتقي مجموعة مؤسساتية من مختلف المحافظات وتستمع، تجد خفايا النظرة عندما يشاركون في نشاط مركزي، وتبدأ الهمسات على قاعدة «ليش فش عنا» والقصة بالنسبة لهم ليست قصا ولصقا بل هم أصحاب قدرة وخبرة وكلهم شركاء أساسيون في النشاط المركزي لكن القصور يشكل استقطابا للحدث المركزي.
غياب المؤسسات حتى وإن كان جزئيا عن القرى بنشاطاته يخلق ردة فعل سلبية تجد انعكاساتها وآثارها بعيدة المدى، وهذا ما بات حاضرا على مستوى ضيق سواء التلويح بالاستقلال في خدمات المياه بقرار من تلك القرية، ومنع دخول فرق شركة خدماتية، للإعلان أننا هنا، وهذا الأمر يجب أن يعالج بالسرعة القصوى.
ونشير هنا إلى أن عشرات المشاريع الممولة للتوعية المجتمعية وبناء القدرات بالإمكان توجيهها خارج المدن ليكون هناك شركاء جدد حاضرون بقوة، ليس فقط كمستمعين بل كمتحدثين ومدربين وباحثين، ومن يشارك في المدينة من رؤساء المؤسسات وممثلي الفعاليات الشعبية لهم اذرع بإمكانهم توجيهها إلى القرى، خصوصا إذا كان الموضوع التشغيل فهو موجه للقرى، والإبداع والتميز فإن نصيبه خارج المدينة لا بأس به، وكذلك المشاريع الصغيرة ومتناهية الصغر.
لعل الذاكرة تسعفنا أن انطلاق العمل التطوعي، والعمل الزراعي الأهلي، والمشاريع الصغيرة انطلقت من القرية عندما كانت القوى والاتحادات والشبكات تضع الأولوية للريف والمرأة الريفية وعمال الريف، وحتى المؤسسات التي انطلقت من المدينة باتت تتوجه إلى الريف حيث المستهدفون والقادرون أن يشكلوا رافعة للنشاط، وكانت انجح النشاطات التوعوية الميدانية بين جمهورها المستهدف في الحقل والمزرعة.
استخلاصا للعبر، من الواجب، اليوم، أن نقوم بتوزيع جغرافي عادل للنشاطات دون طغيان موقع على الآخر، وضرورة الاستعانة بالبلديات والمجالس القروية والجمعيات التعاونية والنسوية لتنظيم النشاط واحتضانه، وهناك عشرات النماذج التي كانت حاضنة له، وباتت النشاطات في الريف على الأجندة سنويا ما شكل استقطابا للريف والمرأة الريفية العاملة ولنموذج التعاونيات.
[email protected]