تاريخ النشر: 25 تشرين الأول 2025


ومضات
ومضات
الكاتب: وليد بطراوي

كذبنا الكذبة وصدقناها
لطالما تغنينا كفلسطينيين بأننا لا نؤمن فقط بحرية التعبير بل نمارسها في حياتنا بشكل يومي حتى أصبحت كما قال الرئيس الراحل أبو عمار، «سكّر زيادة». لقد كشفت حرب الإبادة في غزة عن أننا نمارس الإرهاب الفكري ضد كل من لا يتفق معنا بالرأي، بل ونريد من الجميع أن يسيروا وراء رأينا كالقطيع، ونذهب إلى أبعد من ذلك بالتخوين. وهذا ليس غريباً، فقد نشأنا وما زلنا ننشئ الأجيال على السمع والطاعة بمفهومهما الديكتاتوري في المنزل والمدرسة والعمل وغيرها من مجالات الحياة.
أبو الشباب وأم الشباب
انتهت كل قضايانا، وانتهى كل شيء في الدنيا، ولم يعد لدينا إلا قضية أبو الشباب، ومن خلفه أم الشباب وما قالت عن أبو الشباب. ارحمونا، فالحديث عن الموضوع لا يقدم ولا يؤخر ويعطي أهمية لمن لعب دورا قذرا كما فعل آخرون في أزمنة سابقة وانتهوا إلى مزابل التاريخ. انسوه ولا «تجيبوا سيرته»، سينتهي من تلقاء نفسه ويتحلل كأي من المخلّفات. وتذكروا أن من يبدأ بالحديث عنه في الغالب هو الإعلام الإسرائيلي لإشغالنا في قضية من صنعه وحرف البوصلة عن الإبادة، وللأسف نقع في الفخ.
الخط الأحمر
في صغري، كنت اذهب إلى بائع الطحين، ودكانه قرب بريد البيرة القديم، اطلب منه «كيس طحين أبو خط احمر». والخط الأحمر في كيس الطحين، كان علامة تقول لمعبئه انه وصل إلى الخمسين كيلوغراما. وبعد أن كبرت، وتفرق أفراد العائلة لإنشاء عائلاتهم النووية، لم نعد نشتري كيس الطحين «أبو خط احمر»، ولم يتبقَ لنا إلا «الثوابت الوطنية» كخط احمر. على ما يبدو أن هذا الخط قد تعرض إلى العديد من التغيرات التي جعلت منه خطاً ازرق ثم اصفر وخطاً احمر لكن برؤية إسرائيلية!
لماذا نكتب؟
سألني احد القرّاء مرة «لماذا لا تكتب في أمور البطالة وحقوق العمال المنتهكة والأسعار وغياب القانون والبلطجية والفساد الإداري؟» أجبته أن الكتابة في هذه المواضيع شائعة، وان كانت قليلة. فمن السهل الحديث عن البطالة وخاصة أن هناك العشرات من التقارير التي تبحث في هذا الموضوع، ومن السهل الحديث عن الفساد الظاهر، والفساد الكبير، ومن السهل الحديث عن الفلتان الأمني، وكأننا نسير «على الموضة». لكن ليس من السهل أن نستشعر بواطن الأمور وان نكتب عن الإيجابي كما السلبي. ومهمتنا أن نسمع صوت الناس الذين لا تصل أصواتهم ولا يسيرون وراء الرأي السائد حول القضايا المصيرية والذين يخشون التعبير عن رأيهم ويفضلون الصمت.
لو كنت مسؤولاً
لكانت تصرفاتي وردود أفعالي متعقلة، فلا يجوز أن اتخذ القرارات وفقاً لمزاجي أو لحساباتي الشخصية، وان اخرق القانون أو أن اصنع لنفسي قانوناً يخولني أن احرق الأخضر واليابس أو أن أحاول الضغط على هذا الطرف أو ذاك لاتخاذ إجراءات وخطوات تصب في صالحي على حساب الصالح العام، وان اخلط الحابل بالنابل والأوراق بحيث لا يستطيع احد أن يعيد ترتيبها!
الشاطر أنا
الواحد منّا لما بعيش برا البلد بفكر حاله شاطر، وانه بيقدر يعمل كل شيء، لأنه البلد اللي ما حد بعرفك فيها (الباقي عندكم). بصراحة، الحقيقة عكس هذا تماماً، يا أخي والله وأنا برا البلد بشوف ناس ما كنت اشوفهم في البلد. مرة طالع من المترو أنا وزوجتي وبنتي، أول ما طلعنا من المحطة دارت هالست وجهها علينا وسألت عن مكان قريب، أنا أول ما شفتها قلت لها «فلانة مش معقول» طلعت بنت جيرانا في الحارة القديمة. ومرة كنت قاعد أنا وبنتي في متنزه إلا واحد بيجي بوقف قدامي بسألني «مش انت بطراوي» طلع من رام الله وصديق أصدقاء لي. يا سيدي خوذ هاي، بنتي راحت ع الباكستان تحضر عرس، المهم عملت شعرها في صالون، وقالت لصديقاتها إنها بدها تروح وظلوا الصديقات في الصالون يكملوا، بتدخل ست وحكي بجيب حكي، بسألوها من وين بتقول لهم من فلسطين، بقولولها صاحبتنا من فلسطين قبل شوي كانت هون، مين هي ومن وين من فلسطين، رام الله، معقول! معلومة ع معلومة طلعت الست جارتنا في الحارة وكانت تعلم بنتي نفسها! طبعا ممكن ما حد يصدق هالقصص ويقولوا الشاطر بألّف من عنده، علشان هيك صرت كل ما يصير معي هيك موقف أصوره. المحصلة انه صرت امشي في الشارع اتلفت حولي بلاش يطلعلنا شاطر من البلد.

للتعليق [email protected]