تاريخ النشر: 05 كانون الأول 2025

"الأيام" ترصد مشاهد من غزة في ظل خروق الاحتلال المتواصلة

 

كتب محمد الجمل:

 

رصدت "الأيام" مشاهد جديدة من قطاع غزة، في ظل تصاعد خروق الاحتلال لاتفاق التهدئة، وتفاقم معاناة المواطنين.
ومن بين المشاهد الجديدة التي رصدتها "الأيام"، مشهد بعنوان: "مجزرة في قلب المخيم"، ومشهد آخر يوثق استياء المواطنين من التلاعب بأخبار معبر رفح من قبل إعلام الاحتلال، ومشهد ثالث جاء تحت عنوان: "المخدرات سلاح الاحتلال الجديد ضد غزة".

 

مجزرة في قلب المخيم
استفاق النازحون القاطنون في مخيم "النجاة"، الملاصق للمستشفى الكويتي الميداني بمواصي خان يونس، جنوب قطاع غزة، على وقع ثلاثة انفجارات قوية، تبعها انتشار لألسنة النار التي التهمت خياماً داخل المخيم.
وما هي إلا ثوانٍ معدودات حتى بدأ صراخ وأنين الجرحى والضحايا يُسمع في أرجاء المخيم، حينها هرع سكان المخيمات المجاورة للنجدة، فكان المشهد صادماً، إذ أصابت صواريخ الاحتلال عدداً من الخيام، ودمرتها وقتلت وجرحت مَن فيها.
ونقل مسعفون روايات صادمة عمّا شاهدوه في الخيام عند الوصول إليها، حيث كانت الجثامين ممزقة، وبعض المصابين تعرضوا لبتر في أطرافهم جراء قوة الصواريخ المستخدمة في المجزرة.
وشهد المستشفى الكويتي وصول 5 شهداء، وأكثر من 30 مصاباً، جميعهم من النازحين القاطنين في المخيم، حيث تسببت الصواريخ بنشر شظايا معدنية متفاوتة الأحجام على مسافات بعيدة، أصابت النازحين في خيامهم، وقد وصفت بعض الإصابات بالحرجة.
ووفق شهادات نقلها مواطنون من قلب مخيم "النجاة"، فإن ما حدث كان مجزرة، استهدفت النازحين الآمنين في خيامهم، وقتلت عدداً منهم من بينهم امرأة وأطفال.
ولم يكتفِ الاحتلال بإيقاع ضحايا في صفوف المدنيين، إذ دمر عدداً كبيراً من الخيام في قلب المخيم، حيث أشار الشاب كريم حسونة من سكان المخيم، إلى أن عدداً كبيراً من الخيام المحيطة بالخيام المستهدفة دمرت وأحرقت ومزقت ولم تعد صالحة لإقامة النازحين فيها، وهذا شكّل عبئاً إضافياً على النازحين، الذين يحاولون منذ يومين توفير خيمة ومأوى جديد.
وفي ساعات صباح أمس، ودع ذوو الضحايا جثامين 5 من أحبتهم من داخل مجمع ناصر الطبي، في أجواء من الحزن الممزوج بالغضب.
من جهته، أكد الناطق باسم الدفاع المدني في قطاع غزة محمود بصل، أن ضحايا مجزرة مواصي خان يونس لم يكونوا في منطقة قتال بل في مخيم إيواء في المكان الذي قيل لهم إنه "آمن".
وتساءل بصل قائلاً: "كم من مجزرة أخرى يجب أن تُرتكب حتى يفهم الجميع أن ما يحدث في غزة ليس رداً على حدث ما، بل استهداف ممنهج وقتل مباشر للمدنيين"؟، مشيراً إلى أن هذه المجزرة ليست حادثاً معزولاً بل هي فصل جديد من كارثة إنسانية مستمرة.

 

أخبار معبر رفح.. تلاعب بالأعصاب
يتناول الإعلام العبري أخبار معبر رفح باستمرار، وينشر أخباراً تتحدث عن قرب فتح المعبر بين الفينة والأخرى أمام المغادرين، ليتبين لاحقاً أنها غير صحيحة.
ومنذ بدء اتفاق التهدئة الحالي قبل نحو شهرين، نشرت وسائل إعلام عبرية العديد من الأخبار المشابهة، كان آخرها ما نشرته بعض وسائل الإعلام العبرية أول من أمس، نقلاً عما يسمى "منسق أعمال الحكومة الإسرائيلية في المناطق المحتلة" قوله "وفقاً لاتفاق وقف إطلاق النار وتعليمات المستوى السياسي، سيتم فتح معبر رفح في الأيام القريبة لخروج السكان فقط من قطاع غزة إلى مصر"، دون تحديد موعد دقيق لذلك.
وقال المواطن إبراهيم ماضي إنه ينتظر فتح المعبر بفارغ الصبر، حتى يغادر قطاع غزة برفقة ابنه المريض الذي يحتاج لعلاج في الخارج، موضحاً أنه بات لا يثق بما يتم نشره عبر وسائل الإعلام الإسرائيلية، التي كذبت أكثر من مرة بخصوص المعبر.
وبيّن ماضي أن ما يحدث تلاعب بأعصاب العالقين في القطاع، الذين ينتظرون بفارغ الصبر فتح المعبر، ويرغبون في المغادرة، خاصة المرضى والجرحى.
وأعرب ماضي عن أمله بأن تصدق الأخبار هذه المرة ويتم فتح المعبر بشكل حقيقي، لإنهاء معاناة ابنه وغيره من الجرحى الذين يحتاجون للعلاج في الخارج.
وزعمت وسائل إعلام إسرائيلية أنه سيتم السماح بخروج السكان بتنسيق مع مصر، بعد الحصول على موافقة أمنية من إسرائيل، وبإشراف بعثة الاتحاد الأوروبي، وذلك وفقاً للآلية التي تم العمل بها في شهر كانون الثاني الماضي.
بينما قال المواطن أيمن نصر، إنه ينتظر فتح المعبر حتى يغادر وعائلته القطاع، فهو قرر الهجرة، ولا يرغب بالبقاء في القطاع، خاصة بعد أن خسر بيته، وعمله، وسيارته، لكن استمرار إغلاق المعبر يحول دون ذلك.
ولفت إلى أنه حتى لو فتح المعبر فهناك أمور غير واضحة، وقد يكون لفئات محددة وبأعداد قليلة، كما حدث بداية العام الجاري، لذلك يعتقد أن السفر من القطاع سيكون صعباً.
وأشار إلى أن هناك عدداً كبيراً من المواطنين يرغبون في مغادرة قطاع غزة، بانتظار فتح المعبر ليتمكنوا من المغادرة، ورغم مرور نحو شهرين على الاتفاق، مازالت الأمور عالقة وما زال الاتفاق مجمّداً.

 

المخدرات سلاح الاحتلال الجديد
شهدت الفترة الماضية تصاعداً كبيراً وغير مسبوق في محاولات الاحتلال تهريب كميات كبيرة من المخدرات إلى قطاع غزة، حيث جرى ضبط بعض الكميات، بينما يتم ترويج كميات كبيرة داخل القطاع.
وباتت شاحنات البضائع هي وسيلة الاحتلال الأبرز لتهريب المخدرات من خلالها للقطاع، بالتعاون مع مروجين وعملاء للاحتلال داخل القطاع.
وتصدّر عقار "روتانا - كبنتاغون"، قائمة المواد المخدرة الأكثر تهريباً للقطاع، وهو عقار هلوسة خطير، يؤدي إلى الإدمان، ويرفع نسبة الجريمة في القطاع، ومع المدى الطويل يفتك بمتعاطيه نفسياً وجسدياً.
ووفق مصادر أمنية مطلعة، فإنه وخلال التهدئة الحالية، ومع وصول شاحنات بضائع بصورة يومية، نشطت عمليات التهريب، حيث يتم دس المخدرات وسط البضائع، وهناك صعوبات في العثور عليها، بسبب غياب الأجهزة المختصة، وعدم وجود منافذ برية مجهزة، رغم ذلك جرى ضبط كميات كبيرة من المخدرات خلال محاولة تهريبها للقطاع.
كما أكدت نفس المصادر أنه يتم استخدام طائرات مُسيّرة صغيرة "درون"، في تنفيذ عمليات التهريب، ما زاد الأمور صعوبة.
بينما أكدت مصادر أخرى أن المخدرات بشتى أنواعها باتت تروج في القطاع بصورة غير مسبوقة، خاصة في المناطق التي تقع قرب نقاط التماس مع الاحتلال.
وحذر "تجمع القبائل والعشائر الفلسطينية"، من المحاولات الخبيثة والمتكررة التي ينفذها الاحتلال لاستهداف الجبهة الداخلية في قطاع غزة، عبر تهريب كميات كبيرة من المواد المخدرة إلى القطاع، في الأسابيع والأشهر الأخيرة، مستخدماً أساليب وطرقاً متعددة بهدف إغراق المجتمع وتمزيق نسيجه وضرب منظومته الأخلاقية والاجتماعية.
وأشار التجمع إلى أن هذه المخططات الخطيرة تأتي في سياق حربٍ ممنهجة تستهدف فئة الشباب، باعتبارهم عماد المستقبل وحملة قضايا الشعب الوطنية.
وشدد التجمع على أنّ مواجهة هذه الآفة تعدّ واجباً وطنياً وأخلاقياً يتطلّب تكاتف الجهود الحكومية والمجتمعية، وتوحيد الطاقات والإمكانات، وتعزيز دور المؤسسات الأهلية والتربوية والدينية، من أجل حماية المجتمع وبناء جبهة داخلية صلبة قادرة على الصمود.
كما دعا التجمع إلى تشديد الرقابة على المعابر والحدود، وتكثيف حملات التوعية، ورفع مستوى التعاون بين العائلات وأجهزة الاختصاص، والإبلاغ عن كل مَن يثبت تورطه في ترويج هذه السموم أو تيسير دخولها، باعتبار ذلك خيانة وطنية تستهدف أمن المجتمع وقيمه.