تباينت المواقف الفلسطينية والعربية والدولية من القرار «2803»، الذي قرره مجلس الأمن بتاريخ 17/11/2025، حيث حاز القرار على أغلبية الأصوات.
وكأي قرار دولي ينتج عن حالة صراع بين طرفين، فإن هذا القرار يأتي انسجاماً مع نتائج الصراع والمصالح والفواعل التي تتداخل وتؤثر في تفاصيل القرار.
وفق تباين الآراء، فالطرف الذي انتقد القرار لاحظ أن كلمات مثل (وقد، أو ويفضي إلى مسار، وإذا أنجزت السلطة الإصلاحات المطلوبة) عبارات فضفاضة قد تديم الأزمة لصالح إسرائيل، لا سيما أن لنا كفلسطينيين باعاً طويلاً في تجريب السلوك الإسرائيلي التفاوضي خلال اتفاق أوسلو،
فيما يراه الآخرون فرصة وإفشالاً لأهداف إسرائيل بـ(الطرد والتهجير والضمّ)، والمراهنة على فن الممكن في العلاقات والصراعات الدولية، وإذا تم ربطه بالأحداث والمواقف التي أسست للوصول إلى هذا اللحظة (الهدنة) أي 7 أكتوبر، وما تلاه من عدوان وإبادة جماعية وشعارات وأهداف رفعها نتنياهو وحكومته وجيشه (التهجير، الطرد، الإبادة، احتلال غزة والاستيطان فيها، الحسم المطلق، وتغيير الشرق الأوسط) كل هذه الأهداف والشعارات لم نرَ لها أثراً في نص القرار.
وبالتالي بالموازنة بين الحدث وتبعاته وملحقاته والفواعل والمؤثرين، يرى كثيرون أن هناك بريق أمل للفلسطينيين، حيث لا وجود لأهداف العدوان الإسرائيلي (طرد وتهجير)، ومن زاوية أخرى، حيث القرار يشير إلى نقاط توضحت أثناء العدوان على غزة، وهي أن إسرائيل الباطشة لم تكن قوية ولا باطشة لولا الدعم الأميركي المطلق عسكرياً وسياسياً، والتدخل الأميركي أشار إلى أن هناك مصالح لأميركا يمكن أن تحققها من خلال دول المنطقة وليس بوساطة إسرائيل وحدها.
هنا كان الموقف العربي، خاصة السعودي، أحد المؤثرين في صياغة القرار بهذا الشكل، حيث اشترطت السعودية أنّ لا تطبيع مع إسرائيل من دون مسار مضمون وموثوق يفضي لدولة فلسطينية، وبدبلوماسية ناعمة وقوية وازنت السعودية وأطراف عربية أخرى بين المصالح العربية والمصالح الاقتصادية الدولية، ما أثّر في إدخال تعديلات واضحة على نص القرار واستبعاد ما يمكن أن يعطي نصراً ساحقاً لإسرائيل.
جاءت تصريحات ترامب فرملة للتبجّح الصهيوني حول ضمّ الضفة الغربية، ولجماً لتصريحات نتنياهو، في تدليل على الدور الأميركي الحاسم بالمنطقة ونظام المصالح وأولوياته لدى السياسة الخارجية الأميركية.
وجاء الدور الصيني والروسي داعماً بصورة غير مباشرة للمصلحة الفلسطينية، إذ إن رفض القرار من جانب روسيا أو الصين يعني فتح الباب بلا نقاش لنتنياهو للعودة إلى التدمير والإبادة من جديد.
وفي الميزان والمعطيات الدولية والإقليمية، ووفق التحليل للظرف الملموس، فإن قبول القرار ولو مؤقتاً يعتبر مسّاً بجوهر الأهداف الصهيونية التوسعية الاستيطانية وبمكانة إسرائيل بالمنطقة، وفق المتغير والممكن بالعلاقات الدولية، يمكن تحويل القرار إلى فرصة وإنجاز تاريخي، والموضوع مرهون بالأداء الفلسطيني، حيث أداء فلسطيني مضبوط محسوب مخطط يحوز على تأييد الأغلبية من الأحزاب والنخب الفلسطينية، والنظر إلى أن هذا القرار على أنه مؤقت وليس انتداباً دائماً، وأن قوة الاستقرار ستغادر حتماً، ويمكن تطبيق نموذجها (قوة حماية دولية) على الضفة الغربية لطلب الحماية الدولية.
وفي إطار جهد عربي منظم واعٍ مؤسس على المصلحة العربية العليا ومصالح كل دولة في الإطار الإقليمي والدولي، لا سيما مع الدول الفاعلة دولياً وإقليمياً (السعودية، مصر، الإمارات، تركيا، أميركا، روسيا والصين)، يمكن تحويل المخاطر المحتملة من القرار والظروف الإقليمية والدولية إلى فرص تتحقق فيها المصلحة الفلسطينية العليا، وهي إنهاء الاحتلال، لا سيما مع وجود ملامح واضحة لتبلور توجه دولي نحو حلول للقضية الفلسطينية.