تاريخ النشر: 27 تشرين الأول 2025

"الأيام" ترصد مشاهد جديدة من غزة في اليوم الـ17 للتهدئة

 

كتب محمد الجمل:

 

واصلت "الأيام" رصد مشاهد جديدة من قطاع غزة، في اليوم الـ17 من بدء سريان اتفاق وقف إطلاق النار في مرحلته الأولى، خاصة في ظل استمرار خروق الاحتلال للاتفاق، ومعاناة المواطنين بسبب عرقلة تنفيذ باقي بنوده.
ومن بين المشاهد الجديدة التي رصدتها الأيام مشهد بعنوان: "خروق التهدئة تتحول إلى روتين يومي"، ومشهد آخر يرصد قلق المواطنين من تأخر تنفيذ المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار، ومشهد ثالث يكشف تعرض الطبيب المعتقل مروان الهمص، لتعذيب جسدي شديد في سجون الاحتلال.

 

خروق التهدئة تتحول لروتين يومي
رغم مرور أكثر من 17 يوماً على بدء تطبيق اتفاق التهدئة في قطاع غزة، إلا أن الاحتلال يواصل خروقه للاتفاق بشكل يومي، موقعاً ضحايا في صفوف المدنيين.
وأطلق خبراء ومحللون على ما يحدث في القطاع مصطلح "لبننة غزة"، في إشارة لنقل نموذج لبنان وما يحدث هناك من قصف وغارات يومية مخالفة للاتفاق إلى قطاع غزة، وهذا بات واضحاً من خلال تسجيل أعداد جديدة من الشهداء والجرحى بشكل يومي في قطاع غزة، كما يحدث في لبنان تماماً.
وقال المواطن يوسف نصر الذي عاد إلى ما تبقى من منزله وسط مدينة خان يونس، جنوب القطاع، بعد ترميم جزء منه، ووضع خيمة إلى جانبه، إن اختراق الاحتلال لاتفاق التهدئة تحول إلى روتين يومي يعيشه سكان القطاع، فالانفجارات لا تتوقف، وعمليات نسف المنازل والمربعات السكنية تحدث عدة مرات كل يوم، خاصة في مناطق شرق وجنوب مدينة خان يونس، وفي مدينة رفح، جنوب القطاع، إضافة إلى التحليق المكثف والمستمر للطائرات المُسيّرة في الأجواء، التي تستهدف أي شخص يحاول الوصول إلى بيته في مناطق شرق القطاع.
وأشار نصر إلى أن أكبر وأخطر خرق للاتفاق هو استهداف المناطق التي يفترض أنها آمنة، وهذا يتكرر باستمرار وكان أخطره الأحد الماضي، حيث سقط حينها 45 شهيداً جراء سلسلة غارات جوية استهدفت تلك المناطق، إضافة إلى عمليات القصف المدفعي، التي تستهدف وسط مدينة خان يونس، وتكررت عدة مرات مؤخراً.
ولفت إلى أن عدم محاسبة الاحتلال، وعدم تدخل الوسطاء، يحوّل الخروق الإسرائيلية إلى أمر اعتيادي، لذلك يجب التدخل ولجم الاحتلال بأسرع وقت ممكن، وإجباره على الالتزام بالاتفاق، وعدم خرقه.
من جهته، أكد المختص بشأن الصيادين زكريا بكر، أن الخروق الإسرائيلية تركزت في الآونة الأخيرة ضد صيادي الأسماك، حيث يتم تنفيذ اعتداءات يومية بحق الصيادين، تشمل إطلاق نار، واعتقالات، وتفجير قوارب، وهذا تكرر أكثر من مرة خلال الأيام الماضية.
وذكر مواطنون يقيمون على شاطئ البحر، أن زوارق الاحتلال الحربية التي تنتشر في المياه، تُطلق النار بشكل مستمر باتجاه خيامهم، خاصة في ساعات الليل، ما يعرضهم للخطر الشديد.

 

قلق من تأخر المرحلة الثانية
تسود حالة من الترقب والقلق أوساط المواطنين في قطاع غزة، مع استمرار تأخر دخول المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار، وبقاء الاحتلال مُسيطراً على نحو نصف مساحة القطاع، بما فيها مدينة رفح بالكامل.
وأشار مراقبون إلى أن مماطلة الاحتلال وربط تنفيذ المرحلة الثانية من الاتفاق باستعادة جميع الجثث أمر يثير الريبة والشكوك، ويعيد للذاكرة مماطلة الاحتلال في تنفيذ المرحلة الثانية من اتفاق كانون الثاني الماضي، وانقلابه على الاتفاق بعد ذلك، وعودة الحرب.
وقال المواطن أحمد البيوك إن مماطلة الاحتلال ورفضه تنفيذ المرحلة الثانية، إنما يشير إلى نوايا مريبة، تشبه ما حدث في لبنان، بعد رفض الاحتلال تطبيق الاتفاق، وبقائه في مناطق واسعة من جنوب لبنان.
ووفق البيوك فإن ما يحدث هو إدارة الحرب بشكل جديد، وليس إنهاءها، كما يعتقد البعض، فالشكل الجديد للحرب على غزة يشمل بقاء الاحتلال مُسيطراً على نصف مساحة القطاع على الأقل، وهي خطوة تسبق تقسيم القطاع إلى جزأين، مع استمرار العمليات العسكرية في المناطق التي يسيطر عليها جيش الاحتلال، بما في ذلك تدمير المنازل والبنية التحتية، والأمر الثاني استمرار تنفيذ عمليات قصف مركزة باستغلال حدث أو افتعال حدث وهمي، كما حدث قبل نحو أسبوع، والأمر الثالث استمرار الحصار، وتقنين دخول السلع، وإغلاق المعابر، بما يبقي سكان القطاع تحت خطر وتهديد المجاعة في أي وقت.
بينما قال المواطن ياسر عوض، إن ما حدث هو خطة وخديعة أميركية إسرائيلية، وليس اتفاقاً، وباتت ملامح هذه الخديعة تظهر، فلم يتم تطبيق المرحلة الثانية، ولم تفتح المعابر، خاصة معبر رفح، ومازال القطاع الصحي يواجه الانهيار، والانفجارات تسمع على مدار الساعة، والمُسيّرات لا تغادر الأجواء.
وأشار عوض إلى أن المواطنين في قطاع غزة يواجهون فصلاً جديداً من التضييق والخنق، وكل ما قيل عن الإعمار ورفع الحصار ووقف الحرب كذب، ويبدو أن الاحتلال يغيّر خططه بعد أن فشلت خطة الحسم العسكري، موضحاً أنه لا يشعر بالتفاؤل مطلقاً لما قد تحمله الأيام المقبلة من تطورات.

 

تعذيب الطبيب الهمص
أفادت مصادر متعددة، بتعرض الطبيب مروان الهمص، المسؤول في وزارة الصحة بقطاع غزة لتعذيب جسدي شديد، خلال تواجده في السجن، مع استمرار منع محاميه من زيارته.
وبيّن أبناء الطبيب الهمص أنهم حصلوا على معلومات مؤكدة، تفيد بتعرض والدهم لتعذيب وحشي داخل سجون الاحتلال، حيث تم اقتلاع أظافر يديه خلال التحقيق، في جريمة تمثل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي الإنساني.
وحمّل أبناء الطبيب الهمص سلطات الاحتلال كامل المسؤولية عن هذا الانتهاك، وعن حياة وسلامة والدهم، مناشدين منظمة الصحة العالمية، واللجنة الدولية للصليب الأحمر، وكافة المؤسسات الدولية والحقوقية، التدخل من أجل ضمان الإفراج عن والدهم.
وكشف مدير مؤسسة الضمير لحقوق الإنسان في غزة، علاء السكافي، أن قوات الاحتلال تحتجز رئيس المستشفيات الميدانية في غزة المختطف مروان الهمص في سجن "عسقلان"، بعد أن أصيب بطلق ناري في قدمه أثناء اعتقاله من قبل قوة خاصة إسرائيلية غرب خان يونس.
ولم يكتفِ الاحتلال باعتقال الطبيب الهمص، إذ قامت قوة من العملاء باختطاف ابنته تسنيم بداية الشهر الجاري، وهي في طريقها إلى النقطة الطبية التي تعمل فيها كممرضة، وتبيّن لاحقاً أنها تقبع في الأسر داخل سجن "عسقلان".
ولم تستبعد العائلة أن يكون اختطاف ابنة الطبيب مروان الحكيمة تسنيم، محاولة لابتزازه، وإجباره على الإدلاء باعترافات، خاصة أن الأخيرة لم يسبق لها أي نشاط، وكانت تعمل ممرضة.
وأكدت العائلة أن ما حدث ويحدث مع الطبيب الهمص وابنته جريمة مروعة ومركّبة، كونهما عاملين في القطاع الصحي، ويتمتعان بحماية خاصة.
وحذر المركز الفلسطيني للمفقودين والمخفيين قسراً، من إخضاع الممرضة الهمص للتعذيب واستخدامها في إطار الضغط والابتزاز لمحاولة نزع اعترافات منها أو من والدها.
وحسب المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، يُشكّل اعتقال العاملين في الوحدات الطبية دون أساسٍ قانوني مشروع، أو إساءة معاملتهم، أو استغلال التخفي بصفة مدنية لسلبهم الحماية المقرّرة لهم، انتهاكاً جسيماً لأحكام القانون الدولي الإنساني، وجريمة بموجب نظام روما الأساسي؛ فالعاملون الطبيون يتمتعون بحماية خاصة بموجب اتفاقيات جنيف، ولا يجوز المساس بهم أو تقييد حريتهم.