تاريخ النشر: 27 تشرين الأول 2025


أطراف النهار
اسم واضح في الفوضى
الكاتب: غسان زقطان

لا يغيب اسم الأسير مروان البرغوثي عن أي حدث في المشهد الفلسطيني.. الانتخابات وتوزيع القوائم، إضرابات الأسرى ونضالاتهم، صفقات التبادل وقائمة أصحاب المؤبدات، برامج الإصلاح وحوارات المصالحة، إنهاء الانقسام واستعادة الوحدة الوطنية، كان دائماً هناك خارج الخلافات والمصالح الفصائلية الصغيرة يحيطه ما يشبه إجماعاً غير متحقق.. وها هو الآن يطرح بقوة من قبل صاحب "خطة غزة" كأحد الخيارات على الطاولة المزدحمة بالأفكار والاقتراحات والخرائط، اسم واضح بمقاطع كاملة في فوضى الحديث المتشابك حول اليوم التالي في غزة.
ليس واضحاً إلى أي مدى سيذهب الرئيس الأميركي في فكرته، يصعب الحكم على جدية تصريحه، ولكن تداول فكرة تحرير القائد الفلسطيني من اعتقاله القاسي الطويل تعود للظهور بقوة في أحد المفاصل التاريخية للصراع الفلسطيني مع المشروع الصهيوني.
مروان البرغوثي هو أكثر الأسماء الفلسطينية المتداولة شعبياً، اسم يلجأ إليه الفلسطينيون كملاذ وطني في مواجهة السؤال حول اليوم التالي لكل شيء.. سؤال الوحدة وسؤال القيادة، سؤال الإصلاح الإداري والمالي، وسؤال المشروع الوطني.
لعله لا يملك حلولاً لكل هذا، ولعله حُمّل أكثر مما يمكن لقائد أن يحمله وحده، هذه مسؤولية جماعية لا يمكن أن يحققها فرد مهما بلغت قدراته، ولكنه، دون شك، يملك القدرة على توفير بيئة سياسية تسمح ببناء ائتلاف وطني عبر قيادة جماعية وشراكة فاعلة وحاضنة شعبية، وهذا ضروري لمرحلة يتهدد فيها حاضر وتاريخ ومكتسبات الحركة الوطنية الفلسطينية.
في إسرائيل يعرفون جيداً رمزية مروان وحضوره الراسخ كأحد رموز الوطنية الفلسطينية، الحضور الذي اكتسبه عبر سيرة نضالية طويلة وغنية اتسمت باعتداله الوطني، وفكره الوحدوي، وشجاعته وصلابته في مواجهة سجانيه.
لذلك جاء رد وزير الشرطة والسجون، إيتمار بن غفير، على تصريح ترامب، مباشراً، رافضاً، وفجاً، بن غفير الذي يعتبر مروان سجينه الخاص، يعرف جيداً، أكثر من أي شخص آخر، قوة الرجل وصلابته ومعنى أن يتجول حراً.
مرة أخرى، لا يمكن الركون إلى تصريح هوائي من الرئيس الأميركي ترامب، ولكن التصريح بحد ذاته هو اعتراف واضح بحضور القائد الفلسطيني الأسير، قوة تأثيره حتى بعد ما يقرب من ربع قرن على اعتقاله ومحاولة تفكيك رمزيته.