غزة - "الأيام": "كانت دارين تبحث بين الأنقاض والركام عن أغراضها الشخصية، لكنها دخلت في نوبة صراخ وبكاء جعلتنا نترك كل شيء ونتدخل لتهدئتها"، هكذا قالت والدتها "أم فضل" التي عبرت عن عجزها في التعامل مع ابنتها وهي تعاني من آثار صدمة نفسية بعد مشوار طويل من النزوح، انتهى بتدمير المنزل في حي الشيخ رضوان شمال مدينة غزة.
وأضافت "أم فضل" وهي تحتضن ابنتها: "دارين دائمة التفكير والسرحان، وفجأة بتبكي وبتصرخ كلما نظرت نحو ركام المنزل"، مشيرة إلى أنها تفشل بتهدئتها في كل مرة، وتستمر بالصراخ تارة والبكاء تارة حتى تتعب وتنام".
وتعاني الطفلة دارين (12 عاماً) من صدمة نفسية انتقلت جزئياً لشقيقتها الصغرى ميار بعدما تأكدت الشقيقتان من فقدان كافة ألعابهما وأغراضهما الشخصية، ومشاهدة منزل عائلتهما مجرد طبقات متراصة من الركام، حسب حديث والدتهما.
وبينت أنها "كانت تعاني من العزلة والحزن خلال فترة النزوح، وقد عرضتها على أخصائية نفسية كانت تعمل في نقطة طبية قريبة من مكان نزوحنا في خان يونس، وشعرت بتحسن على حالتها، لكن يبدو أن هذا التحسن كان مؤقتاً، وسرعان ما عادت إلى نفس الحالة".
وذكرت أن الأعراض التي تبدو على ابنتها أكثر من قبل، وبوتيرة قوية ومستمرة، خاصة أنها صدمت عندما شاهدت ركام المنزل وبحثت عن أغراضها الشخصية ولم تجد أياً منها.
ويعاني الأطفال في قطاع غزة من أعراض نفسية ناجمة عمّا تعرضوا له من عدوان إسرائيلي، حسب مختصين أمميين زاروا القطاع خلال الفترة الماضية، ومحليين يعملون في المجال النفسي.
"لما رجع وشاهد مدرسته خربانة ومدمرة زعل كثير، وأول موصلنا حارتنا ووجدناها مدمرة إنهار وصار يبكي بحرقة"، بهذه الكلمات بدأ شقيق الطفل أحمد الخطيب (11 عاماً) حسام حديثه حول تعرضه لصدمة نفسية فور وصوله إلى مدينة غزة بعد النزوح.
وقال: "مكنتش أتوقع أن يتأثر بهذا الشكل، واعتقدت أن ذلك رد فعل طبيعي وعابر، لكن شقيقي فقد القدرة على النوم منذ أن عُدنا من جنوب القطاع، ودائم التردد على مدرسته رغم سوء حالتها".
وأضاف حسام (30 عاماً): "لما كنا مروحين كان مبسوط وسعيد، بس لما وصلنا وشاف البيت مدمر وشاف أكوام الدمار صار يبكي كتير، وصار له حوالي أسبوع على هذه الحالة".
وأشارت منظمة "اليونيسف" أن الظروف المعيشية في قطاع غزة خطيرة، وتحيط بالأطفال مخاطر جسدية ونفسية كبيرة وعديدة.
وذكرت المنظمة في بيان أصدرته مؤخراً أن نحو مليون طفل وطفلة في قطاع غزة يعانون من الصدمة النفسية نتيجة مشاهد القتل والدمار والتهجير التي يعانون منها، لكن تأثيرات هذه الصدمة تختلف من طفل إلى آخر.
وأوضحت أن هؤلاء الأطفال يحتاجون إلى برامج علاجية وتدخل نفسي من أجل مساعدتهم على تجاوز ما تأثروا به خلال فترة العدوان وما يليها.
وتحاول مؤسسات محلية وأممية إيجاد بعض البرامج العلاجية المؤقتة لتقديم تدخل نفسي ليس للأطفال فقط بل للبالغين أيضاً، لكن الواقع المعاش في القطاع سيقلل من تأثير هذه البرامج العلاجية، خاصة المتعلقة بالصدمات النفسية.