تاريخ النشر: 19 تشرين الأول 2025

أصحاب الأراضي الحدودية يتخوفون من مصادرتها والقضاء على الزراعة

 

كتب خليل الشيخ:


"لا أحد يتحدث أو يفكر بكيفية استعادة الأراضي التي صادرها الاحتلال شرق قطاع غزة، ولا علم لنا حول كيفية إعادة الحياة للقطاع الزراعي المدمر منذ عامين"، هكذا قال إبراهيم مصبح (62 عاماً) الذي يمتلك أرضاً زراعية واسعة المساحة ملاصقة للجدار الحدودي شرق خان يونس.
وأضاف: "كلهم بتحدثوا عن تسليم الأسرى وجلب خيام، واحنا صارلنا سنتين وأراضينا مصادرة ومش عارفين شو بيصير فيها".
وتابع مصبح، الذي لم يصل إلى أرضه من السابع من تشرين الأول 2023: "مش بكفي هدوا الدار وشردونا، كمان بدهم يصادروا أراضينا ويحرمونا من ممارسة عملنا في الزراعة".
وأشار إلى أنه كان يعمل في زراعة الخضراوات ويعتاش من تجارتها قبل الحرب، لكنه أمضى سنتين من دون عمل، وأصبح يعتاش على المساعدات الغذائية، ويتمنى أن يجلب ولو صنفاً واحداً من الخضراوات لأسرته. وقال: "صارلي سنتين مشتغلتش وعانيت من الفقر والقلة، طيب لأيمتى بدنا نضلنا بدون عمل وأرضنا منقدرش نوصل إلها".
وجاءت مخاوف المزارع مصبح ضمن مخاوف مئات المزارعين وأصحاب الأراضي الواقعة عند الجدار الحدودي، من مصادرة أراضيهم ضمن ما تدعيه قوات الاحتلال من توسيع والحفاظ على مناطق عازلة على امتداد خط التحديد شمال وشرق قطاع غزة.
وتعززت مخاوف هؤلاء المزارعين عقب التهديدات التي أطلقها وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، بقتل كل من يقترب من المناطق التي سماها "العازلة"، والأكثر من ذلك ترسيم ما يسميه الاحتلال "الخط الأصفر" الذي يفصل قطاع غزة إلى جزأين، وفقاً لاتفاق وقف إطلاق النار على القطاع.
ويحتاج سكان قطاع غزة، المنهكون اقتصادياً، إلى أصناف الخضراوات والفواكه مرتفعة الثمن في الأسواق المحلية.
وذكرت وكالة الغوث "الأونروا" أن جميع الأراضي الزراعية في قطاع غزة تقريباً مدمرة أو يتعذر الوصول إليها. وأضافت: "غالبية أسر المزارعين الذين كانوا يعملون في القطاع لا تمتلك دخلاً مالياً بسبب انقطاعها عن العمل طوال فترة الحرب، وباتت بحاجة إلى تمكينها من استعادة أراضيها وتهيئتها للزراعة من جديد، لدعم السلة الغذائية في القطاع، وعدم الاكتفاء بإدخال المساعدات فقط.
وأشارت إلى أن المواطنين في غزة لا يستطيعون شراء الطعام من الأسواق، لا سيما أصناف الخضراوات والفواكه، مطالبة بضرورة العمل على تعافي القطاع الزراعي.
من جهته، قال المزارع ياسين البابا (46 عاماً) من بيت لاهيا، إنه لن يقوى على مواجهة البطالة طوال حياته، وأنه بحاجة للعمل واستعادة أرضه وزراعتها، مشيراً إلى أنه لا يستطيع مواجهة الاحتلال من أجل استرداد أرضه، ولا الاستكانة للفقر والبطالة.
وأوضح أن لديه أرضاً تبلغ مساحتها نحو عشرة دونمات بجوار السياج الحدودي، وكان يزرع فيها أصنافاً متعددة من الخضراوات البيتية التي تسد حاجة أسرته من المال، وتفي باحتياجات الأسواق المحلية، لكنه يعاني من البطالة ولا يقوى على استعادة أرضه.
ويستشعر البابا خطراً على مستقبله ومستقبل أسرته في حال بقيت الأرض تحت سيطرة الاحتلال، لا سيما أنه يسمع بنية الاحتلال الإبقاء على مساحة عازلة شمال بيت لاهيا حتى في نهاية فصول ومراحل اتفاق وقف إطلاق النار. وقال: "آمل أن أستعيد أرضي القريبة من خط التحديد، وألا ينفذ الاحتلال تهديداته"
وذكر المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان أن إسرائيل تحتل نحو 93% من الأراضي الزراعية في قطاع غزة، ودمرت نحو 1200 بئر زراعية ونحو 85% من الدفيئات.
وأشار في تقرير أصدره قبيل توقف العدوان بقليل إلى أن "الهجمات الإسرائيلية حالت دون تمكن المزارعين من الوصول إلى بعض مساحات الأراضي التي نجت من التدمير، فيما تعذر استصلاح أخرى بسبب انعدام التجهيزات والموارد".
يذكر أن مدخلات الزراعة لا تتوفر في قطاع غزة بسبب الحرب وإغلاق المعابر، فيما أدى تعطل الإنتاج الزراعي المستمر لعامين في القطاع، إلى مفاقمة انعدام الأمن الغذائي لسنوات قادمة.