تاريخ النشر: 18 تشرين الأول 2025

مواطنون يعودون للمساجد المتضررة في أول صلاة جمعة بعد الهدنة

غزة - أ ف ب: عاد آلاف المصلين، أمس، إلى المساجد في قطاع غزة حيث رفعت مكبرات الصوت، لأول مرة منذ أشهر، الأذان في المساجد القليلة التي ظلت سليمة أو لم تدمّر كلياً جراء الحرب.
وتردّد أذان الصلاة بالمساجد في نفس الوقت تقريباً، بعد أسبوع على وقف إطلاق النار في القطاع الفلسطيني المدمّر.
في مسجد السيد هاشم بمدينة غزة، قال غالب النمرة لوكالة فرانس برس: إن التجمع من أجل الصلاة مجدداً "شعور لا يوصف بعد عامين على الحرمان".
ومسجد السيد هاشم أحد أقدم المساجد في أكبر مدينة بغزة، ونجا من التدمير الذي يحيط به بعد عامين على الغارات الجوية والقتال.
وبينما كان يشاهد مئات المصلين، تأثّر نمرة عندما رأى "هذا الجمع الكبير في هذا المسجد وذلك للمرة الأولى"، منذ بدء الحرب إثر هجوم حركة "حماس" غير المسبوق على جنوب إسرائيل في السابع من تشرين الأول 2023.
عندما انطلق صوت الأذان قبيل الساعة التاسعة والنصف بتوقيت غرينتش، تجمع كثيرون عبر البوابة التي تعود إلى الحقبة العثمانية.
صلّى رجال من مختلف الأعمار معاً في المسجد الذي بدا منبره سليماً، لكن وجوه المصلين في أغلبها واجمة.
من بين 1244 مسجداً في غزة، تعرّض نحو 1160 للتدمير بشكل كامل أو جزئي، بحسب تقديرات مكتب الإعلام الحكومي التابع لـ"حماس" في قطاع غزة.

وكان الهدوء يسود، أمس، مدينة غزة، لكن العديد من السكان قالوا لوكالة فرانس برس: إنهم يعيشون حالة من التيه الروحي الكبير.
وقال أبو محمود صالحة، وهو من سكان شمال غزة ونازح بمنطقة مواصي خان يونس في الجنوب: "أشعر أن روحي تتيه وسط هذا الدمار".
وأضاف: "الآن نصلي داخل الخيمة، أشتاق لصلاة الجماعة وصوت الإمام".
وتابع الرجل البالغ 52 عاماً: "الآن حين أسمع الأذان من التسجيلات عبر مكبرات الصوت، أشعر أن شيئاً كبيراً قد كسر في داخلنا".
وتعرضت المساجد في حي الفالوجا الذي كان يقطن فيه، للتدمير. وصار مثل كثيرين يصلي في الشارع منذ فترة طويلة.
أمس، واصل معظم المصلين كعادتهم منذ أشهر فرش سجادات صلاتهم في الشوارع، أو بين الأنقاض، أو في المساجد التي انهارت جدرانها.
وصلى آخرون على أطراف الخيام المنتشرة بالقطاع لإيواء النازحين في ظروف إنسانية لا تزال محفوفة بالمخاطر.
وقال معتز أبو شربي الذي نزح من حي الشجاعية في الشمال إلى دير البلح في وسط القطاع: "نحاول كل جمعة أن نجتمع في مساحة أرض صغيرة خالية لأداء الصلاة، أحياناً نصلي على الرمال أو على قطع كرتون. الأمر صعب نفسياً".
وأضاف الشاب البالغ 27 عاماً: "المسجد كان ركيزة الحياة في أحيائنا ومن طقوسنا الدينية المحببة، والآن نصلي منفردين أو مع مجموعة صغيرة في أماكن متفرقة".
وتابع: "أصعب شيء أن تفقد منزلك ومكانك الآمن (المسجد)، المكان الروحاني. كنا نجد في المسجد ملاذاً من الهموم".
وتذكر أبو محمد الحطاب (54 عاماً)، من مخيم الشاطئ بشمال قطاع غزة، أن "المسجد الذي يقرب منزلي في الحي الذي أسكنه كان ملاذنا، ليس فقط للصلاة، بل للطمأنينة وللذكر. حين دُمّر، شعرت بأن قطعة من قلبي انهارت".
وتجمع مئات المصلين أيضاً في مسجد مدمر بخان يونس، وفق ما أفاد مصور وكالة فرانس برس.
ألقى الإمام خطبة الجمعة عبر ميكروفون أمام المصلين، بينما أحاطتهم جدران متداعية وأسقف منهارة.
وقال سليم الفرا (22 عاماً) وهو من خان يونس: "كنا قبل الحرب نصلي في مساجد، اليوم لا منبر ولا سجادة ولا جدران"، مضيفاً: "نتمنى إعادة إعمار كل شيء في غزة بما فيها المساجد".