مروان ليس صفحة في تاريخ شعب وتطوى، وليس بطلا خارقا ليحتمل كل هذا الوجع، وليس حالة طارئة في مسيرة النضال الفلسطيني بل هو حالة أصيلة في مسيرة شعب يتوق للحرية والاستقلال.
مروان إنسان فلسطيني له أحلامه وطموحه ورؤيته لأسرته وأولاده، استطاع أن يدمج الخاص بالعام كما هو حال مناضلي جيله في الحركة الطلابية والنقابية والحركة الشبابية والعمل التطوعي. وكان جزءا من حالة عامة يتقاسم فيها المناضلون الهم الوطني العام.
كان يبوح ويدفع باتجاه أن خط السلام والمفاوضات يجب أن يأخذ مداه لأنه اقتنع آنذاك أن القيادة لن تقدم على تنازلات مضرة لحقوقنا الوطنية، وآمن أن مفاوضنا يجب أن يسند بخط نضالي شعبي يقوي موقفه وظل على حدَّي الشفرة تلك بين مواجهة الاستيطان ومقاطعة المنتجات الإسرائيلية وتعزيز الصمود والثبات على الأرض بتعزيز مفردات خطاب الصمود والثبات.
مروان، اليوم، في عزله الانفرادي يتعرض لعقوبات مضاعفة لكسره، وجعله نتيجة من نتائج كسر إرادة شعبنا في غزة والمغير وطولكرم وجنين والقدس ولكنه حافظ على صورة الصمود والتحدي.
ولكننا نسينا أن مروان إنسان وأب وزوج له أولوياته وأحلامه، ونغفل هذا ونذهب باتجاه البطل وزوجته زوجة البطل الصامدة وأبنائه الذين له الحق في أن يرعاهم ويكون معهم ويراقب أحلامهم ومراحل حياتهم وهم كذلك لهم هذا الحق، وأبناؤه ليسوا فقط لهم صفة أبناء مروان فهم مواطنون مثل بقية المواطنين لهم رؤيتهم لمستقبلهم ونمط حياتهم وشوقهم لمروان الأب وشعورهم بألم غياب الأب.
ترى هل نمتلك جرأة الاعتذار أننا فشلنا في الانتصار له حتى لو بإنهاء عزله الانفرادي، حتى لو سلطنا الضوء على الجانب الإنساني العاطفي الأبوي الذي غاب عن الحكاية، ولسان حال فدوى الذي باح، مؤخرا، إنني أم وزوجة وقد تألمنا ونتألم.
الاعتذار لأن مروان الذي ظل من عزله ومن أسره يصدر وثائق الوحدة الوطنية واستعادة لحمة الوطن، لأن مروان أوصى ويوصي بالوطن والناس خيرا، الذي عزز حركة جماهيرية شعبية عنوانها الحرية والاستقلال.
الاعتذار لأن الكل الفلسطيني لم يتمكن من الافراج عن مروان، ولأننا بتنا نخجل أن نصوغ جملتي تضامن مع أسرته التي باتت تحفظهما عن ظهر قلب وباتت تجرؤ على البوح انهم أسرة فلسطينية عادية من حقها أن تعيش حياتها الطبيعية ومروان الجد يداعب أحفاده ويأخذهم صوب حديقة عامة في رام الله ويحكي لهم حكاية عن كوبر وعن روعة جامعة بيرزيت.
دعوني أمتلك جرأة الاعتذار عن نفسي وعن أبناء جيلنا الذين عرفوا مروان عن قرب وأقول، إننا قصرنا.