تاريخ النشر: 17 تشرين الأول 2025

"لا أحد سيجبر السكان على المغادرة"

أميركا: العمل جارٍ على تشكيل قوة دولية وإعادة إعمار القطاع قد تبدأ من رفح

 

كتب عبد الرؤوف أرناؤوط :

 

كشف مستشاران للرئيس الأميركي دونالد ترامب النقاب عن أن التخطيط قد بدأ لإرسال قوة دولية إلى غزة وأن اتصالات تجري لإقامة حكم فلسطيني تكنوقراطي غير سياسي ليس من "فتح" ولا من "حماس".
ولكنهما أشارا في حديث عبر الهاتف مع صحافيين حصلت "الأيام" على نصه الكامل إلى أنه "ينصبّ التركيز الأول على تهيئة الظروف المناسبة، أي خفض مستوى الصراع، وتقديم المساعدات الإنسانية، ثم التركيز على نزع السلاح".
وذكرا أن إعادة الإعمار في غزة ستبدأ من المناطق الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية وأن العملية قد تبدأ من رفح.
وذكر أحد المستشارين أنه "بعد أن انتهينا من التوقيع وتبادل الرهائن، والتي كانت لحظة رائعة حقاً، دخلنا المرحلة التالية من الاتفاق.. كانت المرحلة الأولى من الاتفاق هي تمهيد الطريق للانسحاب حتى الخط الأصفر، وتهيئة الظروف لوقف إطلاق النار، وفتح باب المساعدات الإنسانية، ثم إتمام عملية تبادل جميع الرهائن والسجناء. وقد نجح ذلك".
وقال: "من الواضح أن الثقة بين الجانبين ضعيفة. وقد بذل الرئيس ترامب جهوداً حثيثة، بالتعاون مع الوسطاء، لإتمام هذا الأمر. الآن، ندخل مرحلة علينا فيها تحديد الخطوات التالية. لا يزال التركيز على المدى القصير منصباً على فض النزاع لضمان عدم قيام الأطراف باستفزازات غير ضرورية".
وأضاف: "أما فيما يتعلق بنزع السلاح، فما نسعى إليه الآن هو مجرد استقرار أساسي للوضع. بدأ تشكيل قوة الاستقرار الدولية، وبمجرد حدوث ذلك، ستُبذل المزيد من الجهود. ولكن هناك الكثير من التخطيط والمحادثات الإيجابية للغاية بين الجانبين. وحتى الآن، لا يبدو أن هناك أي نية لعدم الالتزام بالاتفاق".
وشددا على أن "الأولويات الآن هي تخفيف حدة الصراع، والمساعدات الإنسانية، وانتشال الجثث المتبقية، ثم التأكد من قدرتنا على استعادة النظام قدر الإمكان لتهيئة الظروف لإعادة التطوير وإعادة الإعمار، وهناك العديد من مسارات العمل التي بدأت تدرس جدوى إعادة الإعمار".
وقال: "الهدف هو التحرك بسرعة كبيرة للبدء في خلق فرص عمل وفرص لسكان غزة، بالإضافة إلى توفير أماكن للسكن".
وأشار المستشار الأميركي إلى أنه فيما يتعلق بنزع السلاح فإن "من الواضح أن الطرفين اتفقا على أن غزة ستكون منزوعة السلاح. من الواضح أن تحقيق ذلك أمرٌ في غاية الصعوبة. ونحن الآن بصدد تحديد كيفية تحقيق ذلك بطريقة تُمكّن الجميع من معرفة ما سيُنقل إليه".
وأضاف: "كما تعلمون، ليس من الواقعي الاعتقاد بأن الجميع سيدخلون ويتركون أسلحتهم ويقولون، حسناً، ها أنا ذا أسلم السلاح. أعتقد أن الكثير من الناس، حتى من جانب حماس، يخشون انتقام الآخرين داخل غزة. لذا، فهي ديناميكية معقدة للغاية. لكن الشعور السائد لدى الوسطاء العرب وحماس هو أنهم ما زالوا يرغبون في مواصلة العمل معاً وإيجاد طريقة لتحقيق ذلك".
وتابع: "لذلك نحن نعمل عن كثب وبإبداع وحماس لمحاولة إيجاد النتيجة الصحيحة التي تُرضي أهداف الجميع".

 

إعادة الإعمار
وكشف أحد المستشارين النقاب أن "ما قلناه بوضوح هو أنه لن تُخصص أي أموال لإعادة الإعمار في المناطق التي تسيطر عليها حماس".
وقال: "نحن نتطلع إلى البدء بإعادة الإعمار في المناطق التي تُعتبر حالياً مناطق خالية من "إرهاب" حماس. وستتمكن هذه المناطق من البدء بتهيئة البيئة المناسبة لجعل غزة مناطق فاعلة. نأمل أن يكون هذا مثالاً على ما يمكن تحقيقه في المنطقة بأكملها إذا نجح هذا البرنامج".
وأضاف: "هذا هو الوضع الحالي. إنها عملية معقدة للغاية، لكن هناك الكثير من الناس يعملون بجد لتحقيقها. إنه هدف صعب للغاية، لكن لا يزال هناك الكثير من العمل للوصول إليه. ما أود قوله هو التحلي بالصبر والمراقبة. أعتقد أننا سنعرف خلال الأسابيع المقبلة إذا ما كانت الخطة الصحيحة ستتطور، وإذا ما كنا سنجعل الجميع على وفاق بشأن كيفية القيام بذلك".
وتابع: "ومن الواضح أنه إذا لم نتمكن من القيام بذلك، وإذا حاولت حماس إعادة تشكيل نفسها بطريقة تُشكل تهديداً طويل الأمد لإسرائيل، فسيكون ذلك انتهاكاً للاتفاق. لكننا لم نصل بعد إلى مرحلة نشعر فيها بذلك".

 

لن يجبر أحد على مغادرة غزة
وأكد مستشار للرئيس ترامب على أنه "لا أحد يُجبر أحداً على مغادرة القطاع. أعتقد أن سكان غزة غادروا لأن ظروفهم المعيشية صعبة للغاية، لكنهم أناس أقوياء، وقد عانوا الكثير، ويبدو أنهم صامدون، ويعودون إلى ديارهم، وينصبون الخيام، والمساعدات تتدفق".

البداية قد تكون في رفح
وبشأن المناطق الواقعة تحت السيطرة الإسرائيلية والتي يمكن إعادة الإعمار منها، قال: "هناك مناطق مثل رفح حالياً تقع خلف الخط الأصفر، وهي مُهجّرة بالكامل، ويمكن أن تكون مرحلة أولى رائعة لإعادة التطوير، حيث يمكنك حثّ الكثير من الناس على العمل بسرعة كبيرة ومحاولة البدء في إعادة الإعمار بجدية. ويمكنك إنشاء قوة أمنية محلية، وتوفير بيئة مدنية مناسبة، تُمكّن الناس من العيش من
جديد".


القوات الدولية
وأعلن المستشار أن إندونيسيا والإمارات ومصر وقطر وأذربيجان ودول أخرى أبدت الاستعداد للمشاركة في القوة الدولية في غزة.
وقال: "هناك العديد من الدول العربية والإسلامية التي تُجرى محادثات معها، مثل إندونيسيا. مصر بالتأكيد، وأعتقد أن القطريين هم من يتحدثون. أذربيجان ترغب في لعب دور هنا. والناس يريدون المشاركة وتقديم المساعدة. وقد سمعتم ما قلناه عن رغبة تركيا في إرسال فريقها للمساعدة في انتشال الجثث، لأنهم يتمتعون بكفاءة عالية في هذا المجال وخبرة واسعة. لذا، نرى الأمر نفسه فيما يتعلق بقوات الأمن الدولية أيضاً. هناك الكثير من المؤشرات الإيجابية".
وأشار المستشار إلى أنه "فيما يتعلق بالقوات، هذه أدوار إشرافية لوجستية، وليست قتالية على الإطلاق. هذا ليس ما يُسمى قوات برية، من حيث المشاركة في القتال أو تعريض حياة الناس للخطر. إنهم في الأساس بمثابة آلية تنسيق وإشراف".


 

حكم فلسطيني تكنوقراطي غير سياسي

وكشف مستشار آخر أنه جارٍ العمل على "حكم فلسطيني تكنوقراطي غير سياسي".
وقال: "بدأت هذه العملية في إيجاد الأشخاص المناسبين، وتجنيدهم، وتهيئة الظروف المناسبة لذلك. لكن، كما تعلمون، الهدف من هذا ليس الانغماس في ألعاب الحرب القديمة، مثل الدولة والسيادة والحكم. إنه مثل "دعونا نجعل هذا المكان عملياً".
وأضاف: "الرئيس ترامب يُركز على البراغماتية والنتائج. ونحن نحاول الابتعاد عن أساليب الدبلوماسية التقليدية التي، بصراحة، لم تحقق حياة أفضل للشعب الفلسطيني ولا السلام في المنطقة. لذا، كما تعلمون، يعتقد الرئيس ترامب أن الطريق لتحقيق السلام الحقيقي هو من خلال معالجة القضايا المهمة، وهي الأمن والفرص الاقتصادية".
وتابع: "كان هناك بالفعل الكثير من الأشخاص الذين تواصلوا معنا، ونحن نسير ببطء في هذا الصدد. مرة أخرى، ينصب التركيز الأول على تهيئة الظروف المناسبة، أي خفض مستوى الصراع، وتقديم المساعدات الإنسانية، ثم التركيز على نزع السلاح. لدينا بعض الوقت لذلك، ولكن هناك الكثير من الأشخاص الذين يتواصلون معنا. أعتقد أن الناس يدركون أن حماس أضعف من أي وقت مضى، ويرون أن المستقبل بدأ يختلف في غزة. ولذلك، يمتلك المزيد والمزيد من الناس الشجاعة لبدء التواصل معنا".
وأردف بهذا الشأن: "كما تعلمون، كان الكثير من الفلسطينيين في الشتات..هناك الكثير من الفلسطينيين الناجحين للغاية في الشتات، والذين، كما تعلمون، يرغبون حقاً في رؤية نهاية لمعاناة شعبهم، وقد تواصلوا أيضاً سعياً للمشاركة. هذه هي المرة الأولى التي يعتقدون فيها بإمكانية إيجاد بديل جديد. ليس السلطة الفلسطينية ولا حماس، قد يكون ذلك أخيراً قيادة تسمح للشعب الفلسطيني بالتحرر من الفقر، والأوضاع السيئة التي يعيشونها، والتي غالباً ما تكون ناجمة عن سوء القيادة والقرارات الخاطئة".
وأشار إلى أنه "لذا، هناك الكثير من الناس يتواصلون، حيث ستختار اللجنة، أو مجلس السلام، في النهاية، من سيختارون، ممثلين مختلفين. لكن هناك الكثير من الناس، وأعتقد أن الأمر قد يكون ناجحاً للغاية إذا توافر القادة المناسبون الذين يقومون بذلك لأسباب وجيهة ويحاولون إنشاء نظام جديد مقارنة بأنظمة المحسوبية والفساد القديمة التي فشلت".