عواصم- وكالات: بدأ في ساعة مبكرة من فجر اليوم (الجمعة) وقف إطلاق النار في قطاع غزة حيز التنفيذ بعد أن صادقت الحكومة الإسرائيلية عليه، ضمن المرحلة الأولى من خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، والذي وقع من جميع الأطراف المعنية في شرم الشيخ بمصر، فجر أمس، ما شكّل محطة أساسية باتجاه إنهاء الحرب المستمرة منذ سنتين في القطاع المُحاصر والمدمر والتي أوقعت عشرات آلاف الشهداء والجرحى وخلّفت كارثة إنسانية.
وقد تأجلت هذه الجلسة أكثر من مرة، جاء آخرها بسبب مباحثات لرئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو مع ستيف ويتكوف وجاريد كوشنر مبعوثي الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى المنطقة.
وقالت القناة 12 العبرية، إن ويتكوف وكوشنر دخلا مع نتنياهو إلى جلسة الحكومة، وإنهما غادرا الاجتماع بعد نصف ساعة من بدء الجلسة.
وقال كوشنر خلال مشاركته في جلسة الحكومة الإسرائيلية: "أبرمنا صفقةً تعزل حماس وتدفع العالم العربي نحو السلام، والاتفاقية تحمي أمن إسرائيل".
وأضاف كوشنر: 'إذا اضطررنا للقوة، فسنفعل. إما أن تسير الأمور على ما يرام، أو أن تنتهي على نحوٍ سيئ'.
ويمثل تصديق الحكومة ضوءاً أخضر لبدء انسحاب الجيش الإسرائيلي من قطاع غزة إلى خط متفق عليه كمرحلة أولى، وإطلاق سراح أسرى فلسطينيين مقابل الأسرى الإسرائيليين في غزة.
وفي وقت سابق، أفادت القناة الـ 12 العبرية بأنه لم يجر تصويت على اتفاق غزة خلال اجتماع المجلس الوزاري المصغر الذي كان قد دخل في اجتماع خُصص لمناقشة اتفاق وقف إطلاق النار في غزة.
وقالت المتحدثة باسم الحكومة الإسرائيلية شوش بدرسيان، إنه "سيُفرج عن جميع رهائننا، الأحياء منهم والأموات، في غضون 72 ساعة كحد أقصى بعد دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، أي بحلول يوم الإثنين".
وقال وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر إن إطلاق سراح الرهائن "يجب أن يضع حداً للحرب".
ولفتت المتحدثة أيضاً إنّه بعد غضون 24 ساعة من دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، ستنسحب القوات الإسرائيلية من بعض المناطق التي تنتشر فيها، لكنها ستبقي سيطرتها على 53% من أراضي قطاع غزة.
وأكد كل من وزيري المال والأمن القومي الإسرائيليين المتطرفين بتسلئيل سموترتيش وإيتمار بن غفير معارضتهما الاتفاق معربَين عن رفضهما لإطلاق سراح المعتقلين الفلسطينيين.
وحذر بن غفير، من أن حزب "القوة اليهودية" الذي ينتمي إليه سيسعى لإسقاط حكومة نتنياهو ما لم تفكك حركة (حماس) في نهاية المطاف.
وقال في بيانه "إذا لم تُفكك حكومة حماس، أو إذا اكتفوا بالقول إنها مُفكّكة بينما هي في الواقع لا تزال قائمة تحت ستار مختلف، فإن حزب القوة اليهودية سيسقط الحكومة".
وأعلن الوسيطان المصريّ والقطريّ، والرئيس الأميركيّ، فجر أمس، التوصّل إلى اتفاق على كافة بنود وآليات تنفيذ المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة.
وقال الرئيس الأميركيّ، دونالد ترامب، مُعلناً التوصّل إلى اتفاق، إن "حماس وإسرائيل توصلتا إلى اتفاق، بشأن المرحلة الأولى من اتفاق السلام".
وذكر ترامب أنه "سيتم إطلاق سراح جميع الرهائن، قريباً جداً"، مضيفاً أن "إسرائيل ستسحب قواتها إلى خطّ متفق عليه، كخطوات أولى نحو سلام قوي ودائم".
وقالت حركة حماس في بيان، إنه بعد مفاوضات مسؤولة وجادّة خاضتها الحركة وفصائل المقاومة الفلسطينية، بشأن مقترح الرئيس ترامب في شرم الشيخ، بهدف الوصول إلى وقف حرب الإبادة على شعبنا الفلسطيني، وانسحاب الاحتلال من قطاع غزّة؛ تعلن الحركة التوصّل إلى اتفاق يقضي بإنهاء الحرب على غزّة، وانسحاب الاحتلال منها، ودخول المساعدات، وتبادل الأسرى".
ومنذ ساعات الفجر، تجمّع شبّان فلسطينيون خارج مستشفى ناصر في خان يونس حيث غنوا ورقصوا على وقع أغان وطنية فرحين بالتوصل إلى اتفاق ينهي سنتين من الحرب في قطاعهم المحاصر والمدمّر.
وقال أيمن النجار لمراسل وكالة فرانس برس "رغم الجراح ورغم الإبادة التي تعرضنا لها وفقدان الأحبة والأقارب لكننا سعداء وفرحتنا كبيرة بسبب وقف إطلاق النار".
وفي "ساحة الرهائن" في تل أبيب، تجمع آلاف الإسرائيليين مبتهجين على أمل عودة الرهائن، بعد سنتين من الانتظار والقلق.
وقالت راشيل بيري لمراسل وكالة فرانس برس "جئنا جميعاً من المكتب إلى هنا لأننا ببساطة غير قادرين على التركيز والعمل. إنه يوم انتظرته إسرائيل كلها لعامين، في كل ثانية، كل يوم".
وقال مسؤول فلسطيني إن الرهائن الأحياء سيُفرج عنهم مقابل نحو ألفَي أسير فلسطيني تحتجزهم إسرائيل، بالتزامن مع انسحابات إسرائيلية محددة من غزة والسماح بدخول مزيد من المساعدات الإنسانية، من دون أن يذكر مصير الرهائن المتوفين.
وأعلن الجيش الإسرائيلي من جهته أنه يستعد لإعادة تموضع قواته داخل قطاع غزة.
وبدأت تظهر بالفعل علامات على الأرض حول استعداد القوات الإسرائيلية للانسحاب. وقال شاهد قرب مخيم النصيرات بوسط قطاع غزة لرويترز إنه رأى الجيش الإسرائيلي يفجر موقعاً عسكرياً مهجوراً وينزل رافعة كان يستخدمها لمراقبة المنطقة.
وبالقرب من محور نتساريم، وهي منطقة تجمع رئيسية للقوات الإسرائيلية في وسط غزة، أطلق الجيش عشرات القنابل الدخانية، التي تستخدم عادة كغطاء أثناء تحرك القوات.
وخلال اتصال هاتفي الخميس، شكر رئيس الوزراء الإسرائيلي الرئيس الأميركي "على جهوده القيادية العالمية التي جعلت كل ذلك ممكناً"، بحسب المتحدثة باسم الحكومة الإسرائيلية، معتبراً، شأنه شأن الرئيس المصري، أن ترامب "يستحق جائزة نوبل للسلام".
وقال مسؤول في حركة حماس إن المفاوضات حول المرحلة الثانية من خطة ترامب ستبدأ "فوراً" بعد توقيع اتفاق المرحلة الأولى.
ونصّت خطة ترامب المكونة من 20 نقطة إلى جانب وقف إطلاق النار والإفراج عن الرهائن، على أن تدير شؤون غزة لجنة فلسطينية من التكنوقراط بإشراف "مجلس السلام" برئاسة ترامب وعضوية رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير، من دون أن يكون لحماس أي دور في حكم القطاع.