تاريخ النشر: 10 تشرين الأول 2025

"الأيام" ترصد مشاهد جديدة من العدوان والحصار على غزة

 

كتب محمد الجمل:


واصلت "الأيام" رصد مشاهد جديدة من العدوان الإسرائيلي المُتواصل على القطاع عامة، ومدينة غزة على وجه الخصوص، ونقلت أبرز القصص التي تُوثق مآسي المواطنين في ظل تصاعد الحصار على المدينة، بينما جرى رصد معاناة النازحين في مناطق المواصي وغيرها من مناطق القطاع.
ومن أبرز المشاهد الجديدة التي رصدتها "الأيام" مشهد تحت عنوان "عدوان صامت"، ومشهد آخر يُسلّط الضوء على اشتداد الحصار الإسرائيلي على مدينة غزة، ومشهد آخر يرصد النشاط الكبير لمُسيّرات الاحتلال في "المناطق الإنسانية".

 

عدوان صامت
شهدت الأيام القليلة الماضية انخفاضاً ملحوظاً على أعداد الشهداء والجرحى الذين يسقطون جراء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، جراء انخفاض عدد الغارات الجوية والهجمات على المناطق المأهولة.
غير أن تقليص الهجمات لم ينتج عن توقف العدوان، أو الانسحاب من بعض المناطق، فما زال جيش الاحتلال يُسيطر على نحو 80% من مساحة قطاع غزة، بينما تتواصل عمليات الهدم والتدمير للمنازل والبنية التحتية في مدينة غزة، وشرق ووسط خان يونس. كما يواصل الاحتلال حصار وعزل مدينة غزة، ويمنع الإمدادات الأساسية من الوصول إليها، بينما يواصل عزل مدينة رفح الخالية من سكانها عن باقي مناطق القطاع.
ووفق جهاز الدفاع المدني في غزة فإنه ورغم أن الأرقام قد توحي بانخفاض في وتيرة الجرائم والاستهداف المباشر للمدنيين، "فإننا نؤكد أن الواقع الميداني يُظهر كارثة إنسانية تتخفّى خلف ستار تخفيف وتيرة القتل".
ووفق متابعات فرق الدفاع المدني فإن قوات الاحتلال، وفي ظل العمليات التفاوضية الراهنة، تتجنب ارتكاب مجازر جماعية علنية، لكنها في المقابل تكثّف عملياتها التدميرية الواسعة والممنهجة، من قصف ونسف للمنازل والمربعات السكنية داخل مدينة غزة، بهدف مواصلة سياسة الأرض المحروقة، وإفراغ المدينة من سكانها. فهي بصمة الاحتلال الواضحة المعروفة في غزة: "ألا يترك مكاناً يمكن أن يعود إليه الفلسطينيون".
وأكد الدفاع المدني أن الاحتلال لا يوقف عملياته، بل يُبطئ وتيرة القتل المباشر للمدنيين العزل، بما يتماشى مع مصالحه السياسية، في محاولة لتسويق صورة زائفة تُظهره كمن يسعى إلى وقف الحرب، دون أي اعتبارٍ للأرواح والبنى التحتية التي تتهاوى يوماً بعد يوم.
وأشار إلى أن ما يجري في غزة ليس هدوءاً، بل إبادة مستمرة بأساليب متغيرة، هدفها النهائي محو الوجود الفلسطيني من قلب المدينة، وحرمان السكان من أي مكان يعودون إليه بعد الحرب.
ودعا "الدفاع المدني" في غزة المجتمع الدولي إلى عدم الانخداع بانخفاض أرقام الضحايا اليومية، فالحقيقة أن آلة الحرب الإسرائيلية تعمل بوتيرة متسارعة، وبصمت أكثر قسوة من القصف العلني.

 

الحصار يشتد على مدينة غزة
بينما يدعي الاحتلال وقف احتلال مدينة غزة، وتجميد العمليات العسكرية في المدينة، جرى تشديد الحصار على سائر أنحاء المدينة، وإغلاق جميع المنافذ المؤدية إليها، باستثناء شارع الرشيد المفتوح باتجاه المغادرين من المدينة فقط، دون السماح لأحد بالعودة إليها.
وذكرت مصادر محلية وشهود عيان، أن جيش الاحتلال يمنع إمدادات الطعام عن مدينة غزة، حيث واصلت الأسعار الارتفاع، وسط نقص شديد في الخضراوات والدقيق.
وجرى توثيق عدة استهدافات لمواطنين حاولوا العودة إلى مدينة غزة، بعضهم عبر مركبات، وآخرون كانوا يحاولون العودة سيراً على الأقدام، ما تسبب بسقوط عدد من الشهداء والجرحى.
ومن بين الاستهدافات، كان قصف مركبة تستقلها عائلة، كانت تحاول العودة إلى مدينة غزة، بعد عدم تمكنها من إيجاد مكان أو خيمة تقيم فيها في مواصي خان يونس، ما أدى إلى استشهاد كل مَن كان في المركبة.
بينما أكد مواطنون ما زالوا يتواجدون في مدينة غزة، أن الاحتلال شدد في الأيام الماضية الحصار على المدينة، وبات دخول المساعدات أو الطعام إليها شبه مستحيل، خاصة بعد إغلاق طرق فرعية وزراعية تربط المدينة بوسط القطاع، بينما جرى إغلاق "معبر زكيم"، أمام حركة شاحنات المساعدات والبضائع.
ولفت مواطنون إلى أن الحصار المشدد تسبب في تدهور الأوضاع في المدينة، وشكل ضغطاً إضافياً على أكثر من 350 ألف مواطن ما زالوا يتواجدون في غزة، ويرفضون النزوح منها.
من جهته، قال المواطن عبد الله الخطيب، إنه وصل إلى مواصي خان يونس بعد أن نزح من مدينة غزة قبل أسبوعين، وحاول جاهداً إيجاد مكان يؤويه وعائلته لكن دون جدوى، وبعد أن ضاقت الدنيا به، قرر العودة إلى مدينة غزة، فمنزله غرب المدينة مازال موجوداً.
وأوضح الخطيب أنه حاول وعائلته عدة مرات عبور شارع الرشيد لكنه اكتشف أن العودة إلى مدينة غزة أمر محفوف بالمخاطر، وشاهد الدبابات تتمركز على مقربة من الشارع المذكور، وتطلق النار على كل من يحاول السير من الجنوب باتجاه الشمال، سواء مشاة أو مركبات، بينما تحلّق المسيّرات المزوّدة بصواريخ ورشاشات، فوق المنطقة، وتتربص بكل من يحاول العودة إلى مدينة غزة.
وأشار إلى أن الحصار على مدينة غزة جرى تشديده بشكل كبير، والدبابات تحتل أكثر من 95% من "محور نتساريم"، الذي يفصل شمال القطاع عن جنوبه ووسطه.

 

نشاط مكثف للمُسيّرات في "المناطق الإنسانية"
شهدت ما باتت تعُرف بـ"المناطق الإنسانية"، في مواصي مدينة خان يونس، جنوب قطاع غزة، نشاطاً مكثفاً لطائرات الاحتلال المُسيّرة، خاصة خلال ساعات الليل.
وذكر مواطنون يعيشون في منطقة المواصي ومحيطها، أنه ومنذ عدة أيام كثفت الطائرات المُسيّرة طلعاتها الجوية، وباتت تحلّق في الأجواء لساعات طويلة، وتسبب لهم الإزعاج والخوف.
وقال المواطن عبد الله المصري، الذي يعيش في منطقة المواصي، إن النشاط المكثف للمسيّرات فوق خيام النازحين تزايد بصورة كبيرة، خاصة المُسيّرات الكبيرة والمتوسطة، إضافة إلى مسيرات صغيرة "كواد كابتر"، وهي أكثر الأنواع تحليقاً.
وبيّن المصري أن بعض الأوقات تشهد تحليق أكثر من طائرة مُسيّرة في نفس الوقت، فيكون الصوت الناجم عنها مزعجاً للغاية، ويحرم المواطنين من النوم والراحة، موضحاً أن الاحتلال يستخدم مُسيّرات تصدر أصواتاً مرتفعة وضجيجاً يؤرق المواطنين، خاصة خلال ساعات الليل، وهي أوقات مفترض أنها مخصصة لراحة الجميع.
وأعرب المصري عن خشيته من أن يكون النشاط المكثف للمُسيّرات في أجواء القطاع عامة، وفوق "المنطقة الإنسانية" على وجه الخصوص، يأتي تحضيراً لتوسيع العدوان واستئنافه بعد تراجع استمر عدة أيام، على غرار ما حدث في الثامن عشر من آذار الماضي، بعد انهيار التهدئة عقب اختراقها من قبل إسرائيل، وما تبع ذلك من تصعيد للعدوان، وسقوط آلاف الشهداء، وعشرات آلاف الجرحى.
بينما قال المواطن حازم عبد الله، الذي يقيم في خيمة بمنطقة "بئر 19"، في مواصي خان يونس، إن الاحتلال يطلق كل ليلة عدداً كبيراً من المُسيّرات الصغيرة "كواد كابتر"، تحلّق فوق خيام النازحين مباشرة، وبعضها جرى رصدها وهي تحط على الأرض في ساحات أمام الخيام.
وأشار عبد الله إلى أنه وقبل يومين شعر بهواء مراوح المُسيّرة يلامس خيمته، ما أشعره بالخوف والقلق، خاصة أن تلك الطائرات تقوم بإنزال قنابل وعبوات ناسفة، وزرعها فوق منازل المواطنين والخيام في مدينة غزة.
وأكد أن المواطنين من سكان المواصي باتوا يكرهون الليل، لما يسبب قدومه إزعاجاً كبيراً لهم، يتخلله خوف وقلق بسبب المُسيّرات وتحليقها المتواصل في الأجواء.