واشنطن - أ ف ب: بدأ الإغلاق الحكومي في الولايات المتحدة، منتصف الليلة قبل الماضية، بعدما فشل الكونغرس في تجاوز خلاف بشأن الموازنة أثناء مفاوضات صعبة تعطلت على خلفية مطالبات الديمقراطيين بتمويل الرعاية الصحية.
وسارع الجمهوريون والديمقراطيون فوراً إلى تبادل الاتهامات بشأن الجمود الذي سيؤثر على مئات آلاف الموظفين الحكوميين، وملايين الأميركيين الذين يعتمدون على الخدمات.
ويأتي الإغلاق، الذي سيوقف العمل في عدة وزارات ووكالات فيدرالية، في وقت عززت فيه الانقسامات العميقة في واشنطن المخاوف حيال مدة وتداعيات الإغلاق.
وهدد ترامب بمعاقبة الديمقراطيين وناخبيهم عبر استهداف أولوياتهم التقدّمية، والدفع باتّجاه خفض كبير في عدد الوظائف بالقطاع العام في أول إغلاق منذ الشلل الحكومي في ولايته السابقة.
وقال ترامب للصحافيين: "لذلك، سنسرّح عدداً كبيراً من الأشخاص.. هم ديمقراطيون، وسيكونون ديمقراطيين.. الكثير من الأمور الجيدة يمكن أن تأتي من عمليات الإغلاق".
وأعلنت عدة سفارات أميركية، على "إكس"، أن حساباتها لن تُحدّث إلا بـ"معلومات عاجلة للسلامة والأمن"، بينما ذكرت "ناسا" أنها باتت "مغلقة بسبب نقص في التمويل الحكومي".
وبدأ توقف العمليات الحكومية، عند الساعة 12:01 صباحاً (04:01) أمس، بعد محاولة محمومة فشلت في النهاية بمجلس الشيوخ للمصادقة على قرار تمويل قصير الأمد أقره مجلس النواب.
وأفاد زعيما الديمقراطيين في المجلس تشاك شومر وحكيم جيفريز، في بيان، بأن "ترامب والجمهوريين أغلقوا الآن الحكومة الفيدرالية لأنهم لا يريدون حماية الرعاية الصحية للشعب الأميركي".
وجاء في البيان، الذي نُشر فور انقضاء المهلة، أن "الديمقراطيين ما زالوا مستعدين لإيجاد مسار إلى الأمام لإعادة فتح الحكومة"، لكن هناك حاجة إلى "شريك ذي مصداقية"، بحسب ما أفاد بيان نشر بعد انقضاء المهلة النهائية.
ولن يؤثر الإغلاق على القطاعات الحيوية مثل خدمة البريد والجيش، وبرامج الرعاية الاجتماعية مثل الضمان الاجتماعي وبطاقات التموين.
لكن قد يوضع يومياً ما يصل إلى 750 ألف موظف في بطالة تقنية ولن تدفع أجورهم حتى انتهاء الإغلاق، وفق مكتب الميزانية في الكونغرس.
يعد هذا الإغلاق الأول منذ أطول إغلاق في تاريخ الولايات المتحدة استمر 35 يوماً قبل نحو سبع سنوات خلال ولاية ترامب السابقة.
وبقيت الآمال بشأن التوصل إلى تسوية معلّقة منذ الإثنين الماضي، عندما فشل اجتماع في اللحظات الأخيرة بالبيت الأبيض في تحقيق أي تقدم.
ويواجه الكونغرس مهلاً نهائية للموافقة على خطط الإنفاق، وغالباً ما تكون المفاوضات متوترة، لكن عادة ما يتم تجنب الإغلاق.
ويسعى الديمقراطيون، الذين يشكلون أقلية في مجلسَي الكونغرس، إلى إثبات أنهم قادرون على التأثير على الحكومة الفيدرالية بعد ثمانية أشهر على رئاسة ترامب الثانية التي شهدت تفكيك وكالات حكومية.
ويضاف تهديد ترامب بخفض المزيد من الوظائف إلى المخاوف المنتشرة أصلاً بين موظفي الإدارات الفيدرالية، والتي أثارتها عمليات تسريح واسعة النطاق أقرّتها "هيئة الكفاءة الحكومية" التي كان يرأسها إيلون ماسك في وقت سابق من هذا العام.
وبعد بدء الإغلاق، كتب رئيس مجلس النواب الجمهوري مايك جونسون، على "إكس": "إلى متى سيسمح تشاك شومر بتواصل هذا الألم من أجل دوافعه الأنانية؟".
وأضاف: "النتائج: أمهات وأطفال يخسرون برنامج التغذية التكميلية الخاصة للنساء والرضع والأطفال. وجنود سابقون يخسرون الرعاية الصحية وبرامج منع الانتحار. الوكالة الفيدرالية لإدارة الطوارئ تعاني من نقص خلال موسم الأعاصير. سيبقى الجنود وعناصر إدارة أمن النقل بلا رواتب".
من جانبها، كتبت المرشحة الديمقراطية السابقة للرئاسة كامالا هاريس، على "إكس"، أن الجمهوريين هم المسؤولون عن البيت الأبيض ومجلسَي الكونغرس.
وأضافت هاريس التي شغلت في الماضي منصب نائبة الرئيس: "هم وراء هذا الإغلاق".
ويتطلب مجلس الشيوخ، الذي يضم 100 عضو، بأن تحصل قوانين التمويل الحكومي على 60 صوتاً، في زيادة بسبعة أصوات عن عدد أصوات الجمهوريين.
واقترح الجمهوريون تمديد التمويل الحالي حتى أواخر تشرين الثاني، بانتظار مفاوضات على خطة إنفاق أطول أمداً.
لكن الديمقراطيين يسعون إلى أن يعاد إنفاق مليارات الدولارات على الرعاية الصحية، خصوصاً ضمن برنامج "أوباماكير" للضمان الصحي للعائلات منخفضة الدخل، والذي يرجّح أن تلغيه إدارة ترامب.
وصوّت جميع الديمقراطيين في مجلس الشيوخ تقريباً ضد إجراء مرره مجلس النواب، مدته سبعة أسابيع، لسد فجوة التمويل قبل مهلة منتصف الليل النهائية.
وأغلقت الحكومة الفيدرالية 21 مرة منذ العام 1976 عندما طبّق الكونغرس عملية الميزانية الحديثة.
وبدأ أطول إغلاق في 22 كانون الأول 2018، عندما وجد الديمقراطيون وترامب أنفسهم أمام طريق مسدود على خلفية مبلغ قدره 5.7 مليار دولار طالب به الرئيس من أجل جدار حدودي في ولايته الأولى.