كتب عيسى سعد الله:
شهدت الأيام الثلاثة الماضية تصعيداً ملحوظاً في عمليات جيش الاحتلال في بلدة جباليا وحيي التفاح والشجاعية بمدينة غزة، بعد نحو أسبوعين من الهدوء النسبي، الذي ترافق مع تراجع قوات الاحتلال البرية من تلك المناطق، وانتشارها على التلال المحيطة بها.
فقد زاد الاحتلال من شدة قصفه المدفعي والجوي الذي لم يتوقف طوال الليل والنهار، واستهدف العديد من البنايات القائمة أو الأشخاص الذين يحاولون العودة إلى مناطق سكناهم، لمحاولة التعرف على أماكن بيوتهم التي مسحتها قوات الاحتلال، وغيّرت معالم المنطقة بشكل كامل.
وأدت هذه الاستهدافات إلى استشهاد عدد كبير من المواطنين في هذه المناطق، وسط مخاوف شديدة وترقب من السكان الذين يسكنون بالقرب من هذه المناطق، التي لم تعد صالحة للسكن بعد أن دمرتها قوات الاحتلال على مدار أربعة أشهر من اجتياحها المتواصل.
ويخشى المواطنون من أن يكون تصاعد الاستهدافات مقدمة لاجتياح قوات الاحتلال ما تبقى من أحياء في مدينة غزة، كما أعلنت حكومة الاحتلال في اجتماعها نهاية الأسبوع الماضي.
وترافقت الغارات الجوية والقصف المدفعي مع تحليق مكثف وعلى ارتفاعات منخفضة لعشرات الطائرات الحربية المقاتلة في سماء المدينة، وكذلك تحليق كثيف للطائرات المسيّرة المسلحة والتجسسية.
وفي صورة تعكس التناقض الكبير في تصريحات جيش الاحتلال وأفعاله على الأرض، فقد قصف منزلاً مأهولاً بالقرب من ميناء الصيادين غرب مدينة غزة، رغم إعلان قوات الاحتلال هدنة في هذه المناطق في النهار.
وأدى القصف إلى استشهاد عدد من أفراد المنزل وإصابة العشرات من المارة والمناطق المحيطة بالمنزل، والتي تشهد اكتظاظاً كثيفاً بالمواطنين بعد إعلانها مناطق تخضع لهدنة من الساعة العاشرة صباحاً وحتى الثامنة مساءً بشكل يومي.
كما قصفت قوات الاحتلال منزلاً غرب جباليا يعود لعائلة المواطن حاتم البنا، ما أدى إلى استشهاد عدد من أفراده، بينهم أطفال حسب ما أفاد شهود عيان لـ"الأيام".
وحد هذا التصعيد الملحوظ من أعداد المواطنين الذين يعودون لتفقد ركام منازلهم واستصلاح ما يمكن استصلاحه من مستلزمات منزلية، كالحطب والبلاستيك والملابس والأغطية وغيرها.
ولوحظ تراجع كبير في أعداد هؤلاء المواطنين بعد استهدافهم بشكل مباشر خلال تواجدهم في منطقة وسط بلدة جباليا بطائرات مسيّرة، ما أدى إلى استشهاد العديد منهم، مساء أول من أمس.
كما شهدت الليلة قبل الماضية زيادة ملحوظة في تفجير "الريبوتات" والدبابات المفخخة في جباليا والمناطق الشمالية لحي التفاح.
وأحدثت الأصوات المرعبة والاهتزازات العنيفة المصاحبة لهذه التفجيرات رعباً في صفوف المواطنين، وأعادت إلى أذهانهم الليالي القاسية التي شهدتها مناطقهم خلال الأشهر الأربعة الماضية، قبل أن تتراجع حدتها قبل نحو أسبوعين.
ويرى المواطنون بهذه الاستهدافات مقدمة حتمية للعملية العسكرية العميقة المرتقبة لجيش الاحتلال في مدينة غزة، والتي تستهدف احتلالها بشكل كامل، وطرد السكان منها وترحيلهم إلى مناطق الجنوب، ومن ثم تهجيرهم عبر آليات مختلفة إلى خارج فلسطين.
وانسحبت قوات الاحتلال بشكل شبه كامل من معظم مناطق محافظة شمال غزة، وبعض المربعات السكنية في حيي التفاح والشجاعية شرق مدينة غزة، بعد أن دمرتها عن بكرة أبيها، ما أتاح لبعض المواطنين التسلل لهذه المناطق رغم سيطرة قوات الاحتلال النارية عليها من خلال الطائرات المسيّرة التي تجوب سماءها بشكل دائم.
ومن المتوقع أن تعود قوات الاحتلال البرية إلى هذه المناطق إذا ما قررت غزو واجتياح ما تبقى من أحياء في غرب ووسط مدينة غزة.