تاريخ النشر: 28 تموز 2025

حجب المساعدات عن القطاع يتواصل والمجاعة لا تزال تفتك بالسكان

كتب عيسى سعد الله:
خذلت الكميات المتدنية من المساعدات التي دخلت إلى قطاع غزة، أمس، سكان القطاع الذين خرج مئات الآلاف منهم منذ ساعات الصباح الأولى لانتظارها واعتراضها، والحصول على ما تيسّر منها.
فبعد ليلة شهدت تصريحات متعددة لمسؤولين إسرائيليين وغيرهم حول النية لإدخال كميات هائلة من المساعدات عبر الحواجز الإسرائيلية، ومعبر رفح البري بين مصر والقطاع، أصيب المواطنون، أمس، بالذهول والصدمة والإحباط لعدم وجود تغيّر على آلية وكمية المساعدات التي أدخلتها قوات الاحتلال عبر حاجزي "زيكيم" وكرم أبو سالم، والتي لم تتجاوز بضع عشرات من الشاحنات المحملة بالطحين والقليل من الأرز.
وفي صورة تعكس هذا التدني والتواضع في كمية المساعدات، لم يطرأ تغير كبير على أسعار الطحين الذي بقي يتراوح سعر الكيلو الواحد منه بين ثلاثين وأربعين شيكلاً، وكذلك الأرز لا يزال في حدود الستين شيكلاً للكيلو الواحد.
ومع ساعات الظهيرة، عاد الكثير من المواطنين إلى ديارهم بعد أن أصيبوا بالإعياء وضربات شمس بسبب الأجواء الحارة الشديدة التي ضربت القطاع، أمس. والقليل من هؤلاء تمكن من العودة بكميات محدودة من الطحين والأرز، فيما عجزت الغالبية العظمى عن الحصول عليه.
وكالعادة لم يسلم المنتظرون المجوعون من القتل والإصابات، حيث سجلت الدوائر الطبية في القطاع استشهاد أكثر من 15 مواطناً وإصابة المئات بجروح في أكثر من موقع، خاصة وسط القطاع وشماله، رغم إعلان الاحتلال عن هدنة إنسانية في المناطق التي تسلكها قوافل المساعدات، خاصة في الشريط الغربي الممتد من شمال مدينة غزة وحتى شمال مدينة رفح جنوباً.
وتساءل المواطنون خلال أحاديث منفصلة مع "الأيام" عن القوافل الكبيرة التي بشّر الاحتلال وبعض المصادر العربية بها؟
وانتظر هؤلاء في مناطق مرشحة لدخول القوافل منها أو لاحتضان حاويات المساعدات التي ستسقطها الطائرات الحربية القادمة من دول الجوار، والتي لم تصل منها إلا بضع طائرات قامت بإسقاطات عشوائية وبكميات محدودة جداً تسببت في حدوث إشكالات وشجارات وتدافع بين المواطنين.
وسجلت المصادر الطبية إصابة العديد من المواطنين نتيجة تساقط حاويات المساعدات فوق رؤوسهم ومساكنهم، خاصة في شمال مدينة غزة.
ويتوق المواطنون للحصول على المساعدات بطريقة إنسانية مريحة تجنبهم عناء الانتظار والموت والقتل والتعب والإرهاق، كما قال المواطن محمود عبد الهادي، الذي عاد بخفي حنين بعد انتظار دام عشر ساعات في منطقة السودانية شمال قطاع غزة.
وأوضح عبد الهادي أنه ذهب إلى المنطقة في ساعة مبكرة من صباح أمس، ظناً منه بأن المساعدات ستتدفق بكثافة إلى القطاع بناءً على التصريحات الإسرائيلية، ولكن ما حصل أن ما دخل لا يتجاوز حدود الكميات التي كانت تدخل في السابق.
فيما أشار المواطن أحمد خليل الدنة إلى عدم وجود تغيير على روتين المواطنين في الحصول على المساعدات، خاصة تعرضهم للقتل والجرح والتعب والإرهاق ومطاردة الشاحنات.
وبيّن الدنة أن المخاطرة على حالها، وكمية المساعدات الواردة غير كافية على الإطلاق ولا تكفي لـ1% من حاجة المنتظرين الذين يتوافدون من جميع مناطق القطاع.
وعبّر الدنة في الثلاثينيات من عمره، عن مخاوفه من عدم زيادة كمية المساعدات المتدفقة كما وعد الاحتلال وبعض المصادر العربية الأخرى.
وأعلن تجمع القبائل والعشائر عن نيته وقراره تأمين شاحنات المساعدات التي ستدخل القطاع، داعياً المواطنين إلى التجاوب معه وعدم اعتراض الشاحنات وتعريض أنفسهم للخطر من أجل توصيل المساعدات إلى مستودعات المؤسسات الأجنبية والأممية والتي ستقوم بدورها بتوزيعها على المواطنين.
ولا تزال الأسواق تشهد شحاً كبيراً في السلع وارتفاع أسعار ما توفر منها، فيما بقيت المجاعة على حالها، واستمر تسجيل حالات وفاة في صفوف الأطفال.
ويواجه سكان القطاع مجاعة مميتة منذ خمسة أشهر هي الأخطر والأقسى في التاريخ الحديث، بسبب الحصار المشدد الذي تفرضه قوات الاحتلال على قطاع غزة.
وتسببت المجاعة في وفاة المئات بشكل مباشر، واستشهاد أكثر من ألف مواطن خلال محاولتهم الحصول على المساعدات من مراكز توزيع أقامها جيش الاحتلال، بالشراكة مع الولايات المتحدة الأميركية.