
كتبت بديعة زيدان:
تحضر فلسطين في القائمة الطويلة لجائزة البوكر الدولية 2025، عبر النسخة الإنكليزية لرواية "سِفر الاختفاء" للروائية الفلسطينية ابتسام عازم، عن ترجمة الروائي العراقي سنان أنطون، وفق ما أعلنت لجنة تحكيم الجائزة، برئاسة الروائي البريطاني ماكس بورتر، أول من أمس.
ووفق اللجنة، فإن القائمة تتكون من ثلاثة عشر مُؤَلفاً سردياً، بينها إحدى عشرة رواية ومجموعتان قصصيتان، وتم اختيارها من بين 154 كتاباً، في أعلى نسبة مشاركة منذ إطلاق الجائزة بنسختها الحالية.
وصدرت الرواية، في ترجمتها الإنكليزية، عن منشورات "جامعة سيراكيوز" في الولايات المتحدة الأميركية العام 2019، ثمّ عن دار "آند أذر ستوريز" في بريطانيا في العام 2024.
وعن أسباب اختيارها "سِفر الاختفاء" أشارت لجنة التحكيم إلى أن "رواية ابتسام عازم، وهي ثاني أعمالها، رواية تخييلية تأمّلية آسرة، تُقارب بشكل استثنائي، نسج الذاكرة، والتاريخ، والجغرافيا النفسية"، مشيرة إلى أنها "تنطلق من فكرة صادمة ومزعزعة، وجريئة في الوقت ذاته، وهي حدث اختفاء الفلسطينيّين بين ليلة وضحاها، بحيث تتحدّانا الكاتبة أن نتخيّل، ومن موضع التخيُّل هذا سيبرز تحدّي أن نقرأ بشكل مختلف عكس التيار".
وأضافت اللجنة: لهذه الرواية القديرة، المترجمة برشاقة ورصانة، رجع ومعانٍ جديدة، اجتماعية، وسياسية وأخلاقية وعاطفية، لها كلّها تبعات في المناخ الحالي.
ولعل الصدمة هي العنوان الأبرز لرواية "سِفر الاختفاء"، حيث يستيقظ الإسرائيليون ذات يوم، ليجدوا أن بلادهم المزعومة من البحر إلى النهر، أي فلسطين التاريخية، خلت في ليلة وضحاها من الفلسطينيين، فينقسم الشارع الإسرائيلي إلى فريقين، أحدهما تملكه الفرح حدّ الرقص في الطرقات من فرط سعادتهم بهذا الاختفاء الفلسطيني غير معروف الأسباب، متمنين أن يكونوا قد غادروا إلى الدول العربية المجاورة وغير المجاورة وعدم التفكير بالعودة مجدداً إلى ما اعتبروها "أرض إسرائيل التاريخية"، وآخَر متخوّف من تبعات هذا الاختفاء المفاجئ، بل يحيكون حوله سيناريوهات متعددة من بينها أنها خطوة تكتيكية من الفلسطينيين للانقضاض عليهم، ومباغتتهم تحت باب "لعله يكون الهدوء الذي يسبق العاصفة"، فالمختلفون لم يكونوا معنيين بالفلسطينيين، بقدر ما اختلفوا في مدى الاهتمام باختفائهم، وانعكاسات ذلك على إسرائيل.
وأشار بيان الجائزة إلى أن سنان أنطون، مترجم رواية "سِفر الاختفاء"، هو أول مترجم عراقي يترشح في القائمة الطويلة للبوكر الدولية، فيما مؤلفة الرواية ابتسام عازم هي ثاني روائية فلسطينية تصل إلى القائمة الطويلة، بعد الروائية عدنية شبلي بترجمة روايتها "تفصيل ثانوي" في العام 2021.
وابتسام عازم من مواليد طيبة المثلث في الداخل الفلسطيني، درست في القدس ثم في ألمانيا، حيث حصلت على الماجستير في دراسات الشرق الأوسط والأدب الإنكليزي والألماني من جامعة "فرايبورغ"، كما حصلت على درجة ماجستير أخرى في "العمل الاجتماعي" من جامعة نيويورك، حيث تعيش وتعمل صحافية.
وتحتفي القائمة بأفضل الأعمال الروائية الطويلة أو المجموعات القصصية المترجمة إلى الإنكليزية والمنشورة في بريطانيا و/أو أيرلندا، فيما تبلغ قيمة الجائزة المالية 50 ألف جنيه إسترليني مقسمة بالتساوي ما بين المؤلف والمترجم، في حين سيتم الإعلان عن القائمة القصيرة للجائزة، يوم الثامن من نيسان المقبل، فيما يُعلن عن الفائز في حفل يقام في متحف "تيت مودرن" بالعاصمة البريطانية لندن، في العشرين من أيار 2025.
واللافت أن الروائيين وكتّاب القائمة الثلاثة عشر، يصلون إليها للمرة الأولى، وإلى أن ثلاثة منهم حققوا هذا الإنجاز عبر كتبهم الأولى، وثمانية مع منشوراتهم الأولى باللغة الإنكليزية.
وأشارت لجنة التحكيم إلى أن "العناوين الثلاثة عشر تستكشف نطاقاً واسعاً من التجارب الإنسانية الرائعة والمترابطة، التي يتم معايشتها وتخيلها، ويتم سردها بجرأة وأصالة، ففي بعض الأحيان تكون تجارب مفجعة ومضحكة في آن، وهي تجارب الأفراد الذين يعيشون على هامش المجتمع أو الذين أصبحوا غير مرئيين من قبل أولئك الذين هم في مناصب السلطة.. إنها تجارب جارك أو أي شخص عادي على الجانب الآخر من العالم، صيغت بطرق مختلفة للغاية، فهي قصص البقاء: البقاء على قيد الحياة في التاريخ الشخصي والسياسي، والبقاء على قيد الحياة داخل هيئة أو مجتمع، والقتال من أجل حياة المرء، ومحاربة المستقبل والماضي، بحيث تبدو أحداث الروايات والمجموعات القصصية قريبة من منزلك أو على بعد مليون ميل من حياتك الخاصة، لكن التجارب والعواطف التي التقطها الكتّاب والمترجمون المدرجون في القائمة الطويلة هي تلك التي يمكن لأي شخص، في أي مكان في العالم، التعرف عليها: الحب، والحزن، والخوف، والغضب، والفرح، وغيرها".