
كتبت بديعة زيدان:
احتضنت قاعة مسرح البلد في العاصمة الأردنية عمّان، عروضاً سينمائية دعماً لمشروع "إعادة إعمار مَزارع غزة"، أو ما عرف بـ"المقاومة الخضراء" في فلسطين.
وكان الجمهور على موعد مع فيلم "أنشودة البذرة" (2015) للمخرجة التشيلية سيسيليا سيما، ويرصد رحلة بحث عن بذور محلية مهددة بالانقراض في سفوح جبال الأنديز في كالشاجوا بتشيلي، ثم فيلم "الزراعة" (1975) للمخرجة ألانيس أوبوماساوين، وهي من السكان الأصلانيين في كندا تبلغ من العمر 92 عاماً، ولا تزال تصنع الأفلام.
وتلاهما فيلم الفلسطينية الكندية رنا نزال بعنوان "بنكون أكثر أحرار" (2003)، ويعكس العلاقة بين النباتات المحلية والشعوب المستعمرة، عبر تسليط الضوء على نبتة "السماق"، مازجة بين صوتين نسويين للاجئة فلسطينية تقيم في رام الله وكندية من مجتمع "الموهوك".
وقدمت المخرجة اللبنانية مروة أرسانيوس في فيلمها "من يخاف من الأيديولوجية" (2019)، سرداً بصرياً حول النضال النسوي السوري الكردي في شمال سورية، حيث تؤسس النساء مجتمعات قائمة على الاكتفاء الذاتي والزراعة المستدامة والمقاومة المسلحة، عبر شهادات وحوارات مصورة، مسلطة الضوء على العلاقة بين الأرض، والأيديولوجيا، والتحرر.
وأخيراً عُرض فيلمان قصيران جداً، أولهما "إنه لمدهش أنك لا تزال موجوداً" لرايلي ويليامز من كندا، وصدر في العام 2021، والثاني بعنوان "نوكتورن 1" لنيكولاس غراندي، ولاتا مالي من الهند، وصدر في العام 2013.
وأشارت المنتجة الثقافية تولين توق، إلى أن الأفلام تأتي ضمن برنامج "بذور تنبت غناءً لفلسطين"، وتحكي عن العلاقة بالأرض كشكل من أشكال المقاومة والاستمرار في وجه الاستعمار والتدمير البيئي، وتتناول موضوعات "السيادة الغذائية"، وصمود الشعوب الأصلية، مبرزة العلاقات الجوهرية بين الأرض والثقافة وحق تقرير المصير، من خلال التعمق في الأهمية الرمزية والعملية للبذور والحياة النباتية والعلاقة مع الأرض، كشكل من أشكال المقاومة والاستمرارية للمجتمعات والشعوب الأصلانية، بحيث تفحص ديناميكيات الحرية والبقاء في مواجهة القمع الاستعماري والبيئي.
بدورها أشارت أريج الحنيطي، منسقة مشروع "إعادة إحياء المزارع في غزة"، إلى أهمية ما توفره عروض هذه الأفلام من دعم لهذا المشروع، الذي تمكن "بطريقة سحرية" من إدخال البذور لمزارعين في غزة خلال حرب الإبادة، وشاهدنا النتاج من خيار وبندورة وكوسا، ومن هنا قمنا بالتشارك مع "العربية لحماية الطبيعة".
وأضافت: في هذا الجانب تم التوافق على انتقاء أو إنتاج مواد قرائية وبصرية للتعريف بمفهوم "السيادة الغذائية" عامة، وخصوصيته في فلسطين، التي يحرم الاحتلال أصحاب الأرض من الوصول إلى حقولهم منذ عقود، بحيث تغدو وسيلة مقاومة في مواجهة سياسة التجويع، لافتة إلى أن عروض الأفلام المرتبطة بتبرعات للحملة في عمّان، تأتي بعد حملات شبيهة في عدّة مناطق بكندا، وفي شيكاغو، وأثينا، واسكتلندا، وغيرها، كاشفة عن الإعداد لعروض أفلام أخرى خلال أشهر، فالحملة مستمرة حتى لو توقف إطلاق النار في غزة.
أما مريم الجعجع، المديرة العامة لـ"العربية لحماية الطبيعة"، فأشارت إلى أن العمل يتواصل لديهم منذ ربع قرن لتعزيز مفهوم "السيادة الغذائية" في المنطقة، وخاصة في فلسطين، حيث بدأ عملهم كـ"حركة مقاومة خضراء" من الأردن دعماً لتجذير الشعب الفلسطيني، ما بعد انتفاضة الأقصى، في محاولة لمواجهة الهجمة الاحتلالية الشرسة الممنهجة على الأراضي الزراعية والمزارعين بهدف السيطرة على الأرض، وفك ارتباط الفلسطيني بأرضه ما يسهل ابتلاعها.
وكشفت الجعجع أنه وتحت شعار "يقلعون شجرة نزرع عشرة" بموارد محلية وإقليمية لا ترتبط بدول أو مؤسسات تتبعها، تمكنها من زراعة أول مليون شجرة مثمرة في فلسطين العام 2008، وفي العام 2014 كانت المليون الثانية، في حين كانت المليون شجرة الثالثة، مطلع العام الجاري، علاوة على حملة "إحياء العمل الزراعي في غزة" التي كنا ننفذها بعد انتهاء كل عدوان إسرائيلي على قطاع غزة.