تاريخ النشر: 20 شباط 2025

"المسيح الأندلسي" لتيسير خلف على قصيرة "البوكر" العربية

كتبت بديعة زيدان:

 

اختيرت رواية "المسيح الأندلسي"، للروائي والباحث الفلسطيني السوري تيسير خلف، والصادرة عن منشورات المتوسط في إيطاليا، من بين روايات القائمة القصيرة للجائزة العالمية للرواية العربية، وفق ما أعلنت، أمس، لجنة تحكيم الجائزة للعام 2025، من مكتبة الإسكندرية بجمهورية مصر العربية.
وتتنافس رواية "المسيح الأندلسي" على الجائزة مع روايات: "صلاة القلق" للمصري محمد سمير ندا، و"وادي الفراشات" للعراقي أزهر جرجيس، و"دانشمند" للموريتاني أحمد فال الدين، و"ميثاق النساء" للبنانية حنين الصايغ، و"ملمس الضوء" للإماراتية نادية النجار.
وتتميّز "المسيح الأندلسي" ببناء سردي محكم لتاريخٍ موازٍ، في رواية تعانق الواقع في عديد النكبات التي ترافق المسلمين والعرب، كما حدث ويحدث في فلسطين، أو سورية، أو العراق، أو اليمن، أو ليبيا، أو السودان، أو غيرها، بحيث نرى خلف يمزج المتخيّل بالوقائع التاريخية المتكئة على مراجع مُحقّقة، وهي بذلك رواية حاضر، تتفاعل مع ما يحصل من حروب إبادة، بسبب اختلاف الدين، أو العِرق، أو اللغة، كمظلات لتبرير حكم استعماري إحلالي، فما حصل مع "الموريسكيين"، حصل ويحصل مع الفلسطينيين، وبشكل وبآخر مع العراقيين من طوائف بعينها، كالإيزيديين، وهو ما ينطبق على سورية أيضاً.
وتشكلت لجنة تحكيم الجائزة لهذا العام برئاسة الأكاديمية المصرية منى بيكر، وعضوية كل من: الأكاديمي والباحث اللبناني بلال الأرفه لي، والمترجم الفنلندي سامبسا بلتونن، والأكاديمي والناقد المغربي سعيد بنكراد، والناقدة والأكاديمية الإماراتية مريم الهاشمي.
وأشارت بيكر إلى أن الروايات الست المرشحة لهذا العام تميّزت بتركيزها على إنسانية أبطالها، سواء أكانت امرأة درزية في قرية لبنانية في القرن الحادي والعشرين كما في "ميثاق المرأة"، أو رجل الدين الإسلامي الإمام أبو حامد محمد الغزالي في القرن الثاني عشر كما في "دانشمند"، أو في تصوير رحلات إنسانية، مثل رحلة شابة عمياء تستكشف حواسها الأربع في "ملمس الضوء"، ورحلة عيسى أو يسوع الأندلسي الباحث عن قاتل أمه في "المسيح الأندلسي"، في مزج بين الواقع والخيال، وبين المأساة بالكوميديا، بينما تتكئ الشخصية المحورية في "وادي الفراشات" على السخرية كسلاح لمواجهة الواقع المأساوي، في حين يمكن النظر إلى شخصيات "صلاة القلق" كرموز سياسية أو اجتماعية، كما يمكن تفسير سيناريوهات الرواية النابضة بالحياة على العديد من المستويات المختلفة، مؤكدة: "لم يكن الاهتمام الرئيسي لأعضاء لجنة التحكيم المضمون فحسب، فالرواية هي في المقام الأول بناء فني، والتمثيل السردي وأشكاله هو وسيلة الروائي لخلق عوالم لا يمكن تحقيقها إلا من عبر الخيال".
أما د. ياسر سليمان، رئيس مجلس أمناء الجائزة فشدد على أن "هذه قائمة مختصرة يجب تذوقها والاستمتاع بها بسبب مجموعة موضوعاتها وفنونها الأسلوبية وتنوع الأصوات وانتشارها الديموغرافي، ولكون الإطار الأنثروبولوجي في بعض الروايات يأخذ القارئ في رحلات اكتشافية ينحرف فيها السرد إلى مسارات أقل وطأة في الحياة الثقافية العربية، كما تظهر الشخصيات النسائية وديناميكيات الأسرة بشكل بارز في بعض الأعمال المختارة، ما يكشف في بعض الأحيان عن وتيرة التغيير الاجتماعي البطيئة والمتعرجة، كما تتخلل آثار الكوارث السياسية الأخيرة في العالم العربي بعض الروايات، وتكشف عن عالم بائس من الخسارة والتفكك الاجتماعي والمخاوف المؤلمة.. إن ظهور أربعة كتّاب جدد في القائمة، من بينهم أول موريتاني على الإطلاق، سيكون مصدر بهجة لمحبي القراءة".