تاريخ النشر: 19 شباط 2025

"بصمات مقدسية 4".. رسومات تكرّس الهوية الوطنية وتقاوم التهويد والإبادة

كتب يوسف الشايب:

 

بمشاركة ثلاثة وثلاثين فناناً وموهوباً، جلهم من الإناث، وعدد من بينهم أطفال، انتظم معرض "بصمات مقدسية 4"، في قاعة الجليل بمتحف محمود درويش، في مدينة رام الله، مساء أول من أمس.
وافتتح المعرض بكلمة لوزير الثقافة عماد الدين حمدان، شدد فيها على أهمية ما يحويه المعرض من لوحات تعكس الواقع الفلسطيني المَعيش، وتحت مسمى "بصمات مقدسية"، برمزياته ودلالاته الكبيرة، خاصة أن "القدس هي البوصلة دائماً، وهي محور اهتمامنا، وستبقى حتى تحريرها عاصمة لدولة فلسطين"، لافتاً إلى أن رسومات المعرض تعكس إبداعاً وطموحاً لدى المشاركين فيه.
وغلب طابع البورتريه على الكثير من الرسومات المشاركة في المعرض، ليصور المشاركون رسماً للرئيس الشهيد ياسر عرفات، والشاعر الكبير محمود درويش، والشاعر سميح القاسم، والشهيدة دلال المغربي، والشهيدة الصحافية شيرين أبو عاقلة، وغيرهم.
وأشارت الفنانة رنا شقير، وكانت من بين من رسموا أبو عاقلة، إلى أن الصحافية الشهيدة كانت داعمة كبيرة لهم كفنانين ومتدربين في المعهد العالي للإبداع، الذي نظم معرضاً مهدى إلى روحها تحت عنوان "من مسافة قريبة"، وكانت هذه اللوحة من بين لوحات المعرض الذي يخلد ذكراها، لافتة إلى أن ابتسامتها التي لا تفارقها ترفع من معنوياتنا، وتجعلنا نفكر بالأمور في إيجابية، حتى في أصعب الظروف.
وبما أن القدس هي بوصلة المعرض، الذي نظمته الجمعية الفلسطينية للفن المعاصر (باكا) بالشراكة مع المعهد العالي للإبداع، تحت رعاية وزارة الثقافة، فقد حضرت القدس عبر رسومات لأبرز مواقعها الدينية والتاريخية، علاوة على حضور النكبة والتمسك بحق العودة، كما لم تغب حرب الإبادة الإسرائيلية على قطاع غزة عن رسومات المعرض.
وجسدت الفنانة فاطمة الحسيني روح التحدي في مواجهة الإبادة عبر لوحتين: الأولى تبرز مقاوماً شهيداً يصعد إلى السماء بجناحي ملاك، والتي تعبر حسب صاحبتها عن "حالة النهوض"، فيما الثانية لفتاة وشاب يعتمران الكوفية الفلسطينية، ولا تخلو نظراتهما من عبارات حب لم تقل لفظاً، فالحب في زمن الحرب فعل صمود ومقاومة، وهي اللوحة التي وصفتها صاحبتها بـ"الحب النضالي".
ومن بين لوحات المعرض تميّزت لوحة للفنانة كرمل محمد المغربي، تحاكي، بعيداً عن المُباشرة، المعاناة المركبة للفلسطينيات تحت الاحتلال، وفي ظل ظروف صعبة على أكثر من صعيد، وهي التي تأتي كما أشارت صاحبتها، وهي طالبة فنون في السنة الثالثة بجامعة بيرزيت في إطار الفن التجريبي الذي يستهويها، لافتة إلى أن جل أعمالها تنحاز إلى المرأة ومعاناتها، لاسيما المجتمعية، مشيرة إلى أن الفنان محمد صالح خليل هو من شكل ويشكل مصدر إلهام لها، معربة عن إصرار في إكمال مسيرتها بحيث تقدّم ما يؤهلها لإقامة معارض منفردة، وربّما التدريس بعد سنوات في ذات الجامعة، التي تتخرج فيها بعد عام.
بدوره أشار الفنان عصام الصباح، المشرف على المعرض، إلى أنه يأتي بعد ثلاثة معارض متتالية في محيط المدينة المقدسة، لتثبيت بصمات الرسامين الذي اجتازوا مرحلتين متتاليتين عبر سنوات التعليم الأكاديمي في المعهد العالي للإبداع بالقدس، مشدداً على دور معارض كهذه في النهوض بالفن التشكيلي الفلسطيني، في تشابك للخطوط لجهة الخروج بلوحات وطنية، مشكلين فعل مقاومة بالفحم وأقلام الرصاص والألوان والقماش، والأدوات المتعددة.
ولفت مدير الجمعية الفلسطينية للفن المعاصر (باكا)، الفنان أسامة نزال، إلى أن هذا المعرض يأتي ليعكس رسالة الجمعية في توثيق التاريخ الفلسطيني عبر سردية الفنون البصرية، التي شكلت وتشكل لغة إنسانية عالمية، مؤكداً على تنوع المدارس والأعمار للمشاركين في "بصمات مقدسية 4"، الذين أصروا على الإبداع، رغم عام ونصف العام من الإبادة في قطاع غزة، واستهداف وتدمير يتواصل في الضفة الغربية، وتهويد يتصاعد في القدس، وفي الداخل الفلسطيني.