تاريخ النشر: 03 كانون الأول 2024

رحيل المخرج العراقي قيس الزبيدي.. عُمْرٌ مع السينما الفلسطينية

 

كتب يوسف الشايب:

 

بالتزامن مع اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني، رحل المخرج العراقي قيس الزبيدي، عن عمر يناهز 85 عاماً، حسب ما أعلنت عائلته، مساء أول من أمس.
وترك الزبيدي وراءه إرثاً سينمائياً غنياً في مجال السينما الوثائقية العربية، وخاصة الفلسطينية منها، حيث قدم العديد من الأفلام المهمة التي وثقت القضية الفلسطينية، مُخرجاً ومُمنتجاً (مونتير)، ومن أبرزها: فيلم "بعيداً عن الوطن" (1969)، من إنتاج التلفزيون العربي السوري، وأعده له السيناريو وصوّره بنفسه، وهو وثائقي في 35 دقيقة يسلط الضوء على حكايات ومعاناة اللاجئين الفلسطينيين عبر أطفال مخيم "سبينة" قرب دمشق، وفيلم "الزيارة" (1970)، وهو روائي قصير في عشر دقائق، من تمثيل منى واصف ويوسف حنا، وهو فيلم شاعري عن فلسطين، يتضمن قصائد لمحمود درويش، وتوفيق زياد، وسميح القاسم، ورسوماً لنذير نبعة، والفيلم التسجيلي "شهادة الأطفال الفلسطينيين في زمن الحرب" (1972)، إنتاج المؤسسة العامة السورية للسينما، ويطرح القضية الفلسطينية من خلال رسومات الأطفال في مخيمات اللجوء بالأردن، وشارك في تصويره الشهيد هاني جوهرية، أحد أبرز مؤسسي سينما الثورة الفلسطينية، ونداء الأرض (1976) التسجيلي القصير، ووضع له الموسيقى الفنان الفلسطيني الراحل مصطفى الكرد، ويعبر فيه عن مقاومة الشعب الفلسطيني والعنصرية الصهيونية، بالاتكاء على مواد من أرشيف وكالات الأنباء العالمية.
أما فيلم الزبيدي التسجيلي "صوت من القدس" (1978)، فاشتمل على رسومات للفنان الفلسطيني الراحل مصطفى الحلاج، وهو عبارة عن لقاء مع الفنان مصطفى الكرد، الذي يغني ويعزف فيه أيضاً، وفي العام نفسه خرج بفيلم تسجيلي آخر حمل عنوان "حصار مضاد"، أنتجته، كما سابقه، دائرة الثقافة والإعلام في منظمة التحرير الفلسطينية، تلاه فيلمه التسجيلي الطويل والأشهر "وطن الأسلاك الشائكة"، أعد السيناريو الخاص به بنفسه، وشاركت فيه طواقم أجنبية، ووضع موسيقى الفيلم الفنان الفلسطيني الراحل حسين نازك، ويتناول موضوع الاستيطان الصهيوني في فلسطين.
أما فيلم "فلسطين سجل شعب" (1982)، وهو تسجيلي طويل، وأنتجته دائرة الثقافة والإعلام في منظمة التحرير الفلسطينية، بالاتكاء على أرشيفات برلين وبودابست وروما ولندن ووارسو، ويعتبر تسجيلاً فريداً من نوعه للقضية الفلسطينية، عبر قراءة تمتد من أوائل القرن الماضي حتى منتصف سبعينيّاته، أتبعه بفيلم وثائقي قصير حول الاجتياح الصهيوني للجنوب اللبناني وغزو بيرو، وحمل عنوان "مواجهة" (1983)، ومن ثم فيلم "ملف مجزرة" (1984) وتوسع فيه بتسليط الضوء على جرائم جيش الاحتلال في لبنان، مع التركيز مع مجزرة "صبرا وشاتيلا"، وجميعها من إنتاج دائرة الثقافة والإعلام في منظمة التحرير الفلسطينية.
وفي العام 1989 خرج الزبيدي بفيلم تسجيلي طويل حول أشكال المقاومة اللبنانية والفلسطينية المتنوعة التي قامت بها الفصائل في لبنان، وكان تحت عنوان "واهب الحرية"، وشارك الفنان مارسيل خليفة في وضع موسيقى الفيلم، وهو من إنتاج "أنصار المقاومة الوطنية اللبنانية"، في حين كان فيلمه الصادر في العام 1990 بعنوان "صوت الزمن الصامت"، وهو تسجيلي طويلي من إنتاج ألماني لـ"مفيستو توبنغن"، ويتحدث عن محامية الأسرى الشهيرة فيليسيا لانغر.
والزبيدي المولود في بغداد العام 1939، تلقى تعليمه السينمائي في معهد الفيلم العالي في بابلسبرغ بألمانيا، حيث حصل على دبلوم في المونتاج العام 1964، وآخر في التصوير العام 1969.
وساهم المخرج الراحل في تأسيس "الأرشيف السينمائي الوطني الفلسطيني" بالتعاون مع الأرشيف الاتحادي في برلين، وبالتنسيق مع وزارة الثقافة الفلسطينية، كما ترك بصمة واضحة في مجال النقد والتأليف السينمائي من خلال عدة مؤلفات قيمة، منها بيبلوغرافيا الأفلام "فلسطين في السينما" في جزأين عن مؤسسة الدراسات الفلسطينية، وكتاب "الفيلم التسجيلي: واقعية بلا ضفاف"، وأعادت نشره وزارة الثقافة الفلسطينية.
وامتدت مسيرة الزبيدي المهنية عبر عدة عواصم، حيث عمل في دمشق والقاهرة وبيروت وتونس، وحصل على العديد من الجوائز العربية والدولية تقديراً لإسهاماته في تطوير السينما العربية، علاوة على حضوره اللافت في السينما التسجيلية الألمانية.
وكان العديد من المخرجين والفنانين والكتاب الفلسطينيين والعرب نعوا الزبيدي عبر وسائل التواصل الاجتماعي، متحدثين عن دوره الريادي، خاصة في التوثيق مخرجاً وممنتجاً وباحثاً للسينما الفلسطينية، علاوة على دوره في الثورة الفلسطينية في حقبة بيروت.