
كتب يوسف الشايب:
بعد تتويج فيلهما الروائي الطويل الأول "شكراً لأنك تحلم معنا" بالنجمة الذهبية لأفضل فيلم عربي بمهرجان الجونة السينمائي الدولي، حصلت المخرجة الفلسطينية ليلى عباس على جائزة أفضل فيلم طويل في مهرجان "أجيال" السينمائي بدورته الثانية عشرة بالعاصمة القطرية، وتنظمه مؤسسة الدوحة للأفلام، قبل أيام.
وكان الفيلم حصل، مؤخراً، على جائزة "ألكسندر" الفضية في مهرجان سالونيكي السينمائي باليونان، كأفضل مخرجة في مسابقة "قابل الجيران".
ويجسد أدوار فيلم "شكراً لأنك تحلم معنا"، نخبة من نجوم التمثيل الفلسطيني على المستوى العالمي، وبينهم: ياسمين المصري، وكلارا خوري، وكامل الباشا، وأشرف برهوم، وآدم خطار، وغيرهم.
ويتمحور الفيلم حول العلاقة بين شقيقتين يترك لهما والدهما مبلغاً ضخماً من المال، فتحاولان سوياً إيجاد خطة محكمة للهروب بالمال، قبل أن يكتشف شقيقهما الأمر، كون أن القانون يكفل له الحصول على نصف الميراث.
وأعربت المخرجة ليلى عباس، عن سعادتها لتجربتها مع فيلم "شكراً لأنك تحلم معنا"، الذي كتبت قصته ونصّه والسيناريو الخاص به، لافتة في ندوة حوارية أعقبت عرض الفيلم، إلى أنه ينتمي إلى ما يمكن وصفه بـ"الكوميديا" السوداء"، متحدثة عن الصعوبات التي واجهتهم أثناء تنفيذ الفيلم، ومنها ما يتعلق بصعوبات برمجة التصوير تبعاً لعدم توّفر كافة الكوادر والمعدات التقنية لإنتاج فيلم سينمائي في فلسطين، ما دفعها إلى استيراد الأجهزة، والاستعانة بطواقم فنيّة من الخارج، مشددة على أن "تصوير فيلم في فلسطين أمر معقد للغاية، فالشك هو سيّد الموقف على الدوام".
وكانت عباس كشفت في أكثر من حديث صحافي عن أن إنتاج الفيلم، وهو إنتاج فلسطيني ألماني، استغرق أكثر من ستة أعوام، باعتبار أن "صناعة الأفلام والمنطقة، كما في مناطق أخرى في العالم، عبارة عن رحلة مضنية للغاية، وتتطلب موازنات كبيرة للإنتاج، وفي فلسطين الأمور أكثر تعقيداً، ما يزيد من صعوبات إنجاز فيلم روائي طويل، خاصة أن لا صناديق متخصصة لدعم السينما في فلسطين كما في العديد من الدول العربية".
وحول اختيارها لموضوع "شائك" كالميراث، أشارت عباس إلى أن ثمة العديد من الأسباب وراء ذلك، منها الشخصي، ومنها الرغبة بتناول قضية تتعلق بحقوق النساء، باعتبار أن التعاطي القانوني تجاه المرأة في فلسطين والعديد من الدول العربية والإسلامية فيه ازدواجية، فهي توازي الرجل في بعض القوانين وخاصة المرتبطة بدفعها للضرائب، أو المرتبطة بالواجبات، وغيرها، وفي قضايا أخرى يتم التعاطي معها بصورة دونية، وهو ما يتطلب إعادة التفكير خاصة في قوانين الأحوال الشخصية والميراث، ومدى مواءمتها وطبيعة العصر الحالي الذي نعيش، وتركيبة الأسرة في أيامنا هذه".
وأشارت عباس إلى أن الفيلم يطالب بصرخة شُجاعة من قبل جميع المؤمنين بالعدالة والمساواة، لافتة إلى أن مجموعة من النساء اللواتي تعرفهن جيداً عانين كثيراً للحصول على حقوقهن التي تكفلها القوانين المعمول بها حالياً في فلسطين من ميراثهن، لذا "أحببتُ تناول هذه القضايا عبر قصة شائقة لعائلة فلسطينية في إطار النزاع على الميراث".
وأكدت عباس أن الاحتلال موجود في خلفية الفيلم وسياقاته، وثمة إشارات كثيرة إلى تأثيره السلبي على حيوات الفلسطينيين، ومن بينهم تلك الأسرة محور فيلم "شكراً لأنك تحلم معنا"، فمن "الصعب جداً، وغير المنطقي، عند إنتاج فيلم فلسطيني، إخراجه من السياق المحوري للشعب الفلسطيني، باعتباره شعبا يعيش تحت الاحتلال منذ عقود".
وليلى عباس مخرجة أفلام فلسطينية، درست السينما في الأردن، وإنتاج الأفلام والتلفزيون في جامعة رويال هولواي البريطانية، وكانت أخرجت ثلاثة أفلام قصيرة، في الفترة ما بين العامين 2010 و2012، قبل أن تصنع فيلمها الروائي القصير "صقيع وغبار" في العام 2014، وشاركت أعمالها في عدّة مهرجانات، وتشغل حالياً منصب المدير العام لمركز خليل السكاكيني الثقافي في مدينة رام الله.