تاريخ النشر: 22 تشرين الثاني 2024

"بيت الذاكرة".. متحف القدس في عمّان!


 

كتبت بديعة زيدان:

 

أقل ما يمكن وصف "بيت الذاكرة" في حي اللويبدة بالعاصمة الأردنية عمّان، بأنه "متحف القدس"، فهو يوثق لذاكرة المدينة المقدسة على مختلف الصعد، فمنذ تأسيسه قبل ثلاثة أعوام، وهو يعمل على نقل رواية القدس، من زوايا مختلفة، إلى العالم، علاوة على معاناة المقدسيّين على مختلف الصعد، وفضح الإجراءات الاحتلالية في هذا الجانب، إضافة إلى تعريف زوّاره من الأردنيّين والعرب والأجانب بالقضية الفلسطينية، وما يحدث في القدس خاصة، لاسيما الأجيال الجديدة.
د. جودت منّاع، مدير عام "بيت الذاكرة"، وكان عمل صحافياً في القدس، وجد أن تأسيس متحف حول القدس في العاصمة الأردنية عمّان، سيكون له وظيفة إعلامية بشكل أو بآخر، فهو يهدف، كما أشار في حديث لـ"الأيام"، إلى الإحاطة بكل ما أمكن الإحاطة به حول القدس، وإبراز معاناة الشعب الفلسطيني في المدينة المقدسة ومحيطها.
وثمة في "بيت الذاكرة" مجسّمات فنيّة من مواد متعددّة تُبرز المعالم الأثرية والتاريخية والدينية في المدينة، والتي تعكس، حسب منّاع، هوية المتحف، حيث تم بناء مجسم تفصيلي للقدس القديمة على مساحة تسعة أمتار، علاوة على مجسمّات أبرز الأبنية فيها، وهي البنية الأساسية لمتحف القدس.
وكشف منّاع لـ"الأيام"، أن "متحف القدس"، سيتم افتتاحه بشكل رسمي، يوم التاسع والعشرين من تشرين الثاني الجاري، بالتزامن مع اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني، لافتاً إلى أنه يحوي مجسّمات لخمسة وسبعين موقعاً ومبنى أشير إليها بنقاط إضاءة، يمكن تشغيلها، عبر الهواتف المحمولة، من خلال تطبيق خاص بمتحف القدس في "بيت الذاكرة"، وبالتالي الاطلاع على معلومات عن كل موقع أو مبنى بوسائط نصية مقروءة وأخرى مسموعة، وبست لغات معتمدة في الأمم المتحدة.
ويحتضن المتحف في قاعة فيصل الحسيني، عروضاً سينمائية، بواقع عرضين شهرياً على أقل تقدير، وهي أفلام حول القدس بالدرجة الأولى، وحول فلسطين وقضيتها عامة.
كما يحتضن "بيت الذاكرة" معارض فنيّة تتعلق بالقدس، كان آخرها، الشهر الماضي، معرض الفنان الفلسطيني المقدسي شهاب القواسمي، بعنوان "القدس العتيقة"، واحتوى على خمس وعشرين لوحة توثيقية للقدس بمعالمها وأهلها، كما ينظم فعاليّات إطلاق كتب حول القدس، للتعريف بها، وللتعريف بأدبائها وكتّابها، والإنتاجات البحثية والإبداعية حولها من فلسطين، والأردن، والدول العربية، والعالم.
أما المكتبة التي تحمل اسم "الشهيدة شيرين أبو عاقلة"، وافتتحتها، سفيرة جنوب أفريقيا في عمّان، مؤخراً، فتضم مراجع وكتباً تتعلق بمدينة القدس، لباحثين وكتّاب وأكاديميين فلسطينيين وعرب وأجانب، وتحوي إضافة إلى المؤلفات، كرّاسات ووثائق وصوراً.
وكشف منّاع لـ"الأيام"، أنه يجري العمل على رقمنة محتويات المكتبة كافة، بما في ذلك آلاف الصور والوثائق المتعلقة بالقدس منذ العهد التركي ومن ثم العهد البريطاني، وذلك بالتعاون ما بين "بيت الذاكرة"، واللجنة الملكية للقدس ووزارة الأوقاف الأردنية، وأيضاً وزارة الأوقاف الفلسطينية والإحصاء المركزي الفلسطيني، لتعزيز السردية الفلسطينية في مواجهة سردية النقيض المُحتل.
ولفت منّاع، وهو صانع أفلام وثائقية وأسير محرّر من سجون الاحتلال الإسرائيلي، إلى أن "بيت الذاكرة" يمنح جائزة سنوية للفاعلين والمؤثرين من المتضامنين مع القضية الفلسطينية، وتحمل اسم جائزة "فارس القدس"، وحاز عليها، الشيخ عكرمة صبري خطيب المسجد الأقصى، والمرحوم غازي عبد القادر الحسيني، وسفيرة جنوب أفريقيا في الأردن تشيلاني موكوينا، لدور بلادها في دعم القضية الفلسطينية.
وحصل "بيت الذاكرة"، هذا العام، على جائزة أفضل مؤسسة ثقافية عربية، من بين جوائز القدس التي يقدّمها ملتقى المثقفين المقدسي، وهو ما وجد فيه منّاع ارتباطاً وثيقاً بين ما يقوم به المتحف، ومقاومة وصمود الشعب الفلسطيني على أرضه في الضفة الغربية بما فيها القدس، وفي قطاع غزة الذي يتعرض لحرب إبادة متواصلة تقترب من شهرها الرابع عشر.
وأشار منّاع إلى أن "بيت الذاكرة"، الذي سبق وأطلق "الحملة الدولية للدفاع عن القدس"، يستعد قريباً للإعلان عن انطلاق شبكة أصدقاء القدس العالمية (WE Jerusalem)، وتضم عشرات آلاف الداعمين للقدس، والمتضامنين مع الشعب الفلسطيني في نضاله العادل من أجل التحرّر والاستقلال وإقامة دولته بعاصمتها القدس.
وختم منّاع حديثه لـ"الأيام"، بأن رسالة "بيت الذاكرة"، إنسانية بالأساس، فهي تعرض القضية بعقلانية يراد منها دق ناقوس الخطر، كي يستنهض العالم ضمائره لإقرار حق الشعب الفلسطيني على أرض وطنه، وللحفاظ على مقدسات وتاريخ مدينة القدس الفلسطينية العربية.