أحمد جابر
«حب يحوم كبعوضة مزعجة»، ديوان شعري أول للشاعرة شذا أبو حنيش، والصادر عن دار الأهلية للنشر والتوزيع.
أبدأ قراءتي من العنوان، «حب يحوم كبعوضة مزعجة»، أتخيل نفسي جالسًا، حولي بعوضة تتفنّن بإزعاجي، يمنةً ويسرةً، ومهما حاولت أن أبعدها تعود، هذا هو الحب حسب ما وصفته الكاتبة، طنينٌ مزعج، وعدم استسلام أو كلل، كأنه يلبسك.
أتخلص من البعوضة فتزورني الشياطين في الإهداء، شياطين شذا فيها، تتخيّل ضخامة الفكرة التي تكتبها لسبب واحدٍ أن ديوانًا شعريًا كهذا لا يُهدى لشخص معيّن أو مجهول حتى، إنما تهديه للنزاعات بداخلها، للظلمة فيها، لشياطينها، لها.
أنتهي من حاجزين غامضين، وأهيّئ نفسي لانفجارات أنثى، صرخات، أو ربما انتصارات.
في «حب يحوم كبعوضة مزعجة»، تنكر أبو حنيش شرنقة الواقع، تخرج فراشة محاولة معاكسة التيار، فلا تريد ما يريده الباقون وطرائقهم الاعتيادية ثم تعود إلى ما كانت عليه، بلا حول أو قوة كسندريلا في عالم الحكايات، جميلة الوجه والروح، بائسة الكوخ، تنشد قصائدها لأميرها، بكن أو لا تكن، ناسجة مواصفات خاصة بها.
وبقوة الأنثى وأنفة المرأة، تكتب شذا أوراقها الخمس، فيها سوء وخوف وظلم وسخافة وسهولة لا يعرفها الرجل تماماً، تكمل قصائدها كأنها تصعد درجًا، ليكون لابنها وزوجها نصيباً من قلمها، أمومتها وسعادتها، حبان هادئان يكبران معها.
ولم أجد نهاية أفضل مما قالته في نهاية ديوانها والقول لها: «لست إلا فرخًا صغيرًا/ يحاول أن يكسر بيضة العالم».