تاريخ النشر: 06 كانون الثاني 2015

نيبال: آخر حمال سيارات يتذكر مرحلة "ما قبل الطرقات"

شيتلانغ - النيبال - أ.ف.ب: بات دان باهادور غول في سن الثانية والتسعين آخر ممثل عن جيل من الحمالين كانوا ينقلون السيارات الفخمة على الأقدام عبر ممرات جبلية منحدرة الى حكام نيبال في كاتماندو.
فقبل شق اول طريق سريع في هذا البلد الواقع في جبال الهملايا في العام 1956، وحدها العاصمة كاتماندو كانت تنعم بطرق معبدة وكان الحمالون الوسيلة الوحيدة لإيصال السيارات الى اسرة رانا الغنية الحاكمة.
ولم يكن غول قد سمع بوجود سيارات حتى عندما بدأ يعمل كحمال في سن العشرين.
ومع ان بلدة شيتلانغ التي ولد فيها العام 1922 تبعد 16 كيلومتراً فقط عن كاتماندو، لم تصلها السيارات إلا قبل عقد من الزمن فقط.
كان والده مزارعاً ويجبي الضرائب لعائلة رانا التي حكمت النيبال في رئاسة الوزراء بالتوارث حتى العام1951.
ويروي غول لوكالة فرانس برس في منزله في البلدة «لم نملك المال يوما فكانت عائلة رانا تأخذ كل اموال الضرائب وكان علينا الاعتماد على الزراعة لنقتات».
في المقابل كانت عائلة رانا قادرة على شراء سيارات فاخرة من ماركة مرسيدس وفورد ودفع المال لعشرات الحمالين لنقل السيارات عبر الجبال من الهند.
وكان شغفهم بالسيارات الفخمة معروفا جدا بحيث أهدى ادولف هتلر في العام 1939 سيارة مرسيدس بنز الى الحاكم في ذلك الحين جودا شومشير جونغ باهادور رانا، لإقناعه بإبقاء قوات غورخا المرهوبة الجانب خارج الحرب العالمية الثانية.
بدأ غول يوم عمله الأول عند الساعة الخامسة صباحا. وبعدما وصل الواحا خشبية ببعضها البعض لتشكيل حمالة للسيارة، حمل هو و63 حمالا اخر حمولتهم هذه على اكتفاهم وباشروا السير عبر ممرات جبلية منحدرة وفوق انهر دفاقة لمدة خمسة أسابيع.
ويقول غول: «بعدما سلمنا السيارة الى السائق ادار المحرك وبث الحياة فيها. كان الأمر أشبه بحضور ضرب من السحر».
وكان من الصعب جدا الوصول الى نيبال التي تعتبر من اكثر بلدان العالم عزلة، عبر وسائل النقل الحديثة في تلك الفترة.
وخلال السنوات التالية، شارك غول في حمل سيارات عدة وكان يستريح لايام قليلة بين مهمة واخرى.
وكان يحصل على على 25 روبية (0,25 سنتا من الدولار) كأجر شهري ساعده في بناء منزله الذي يتشاطره الان مع احد احفاده وعائلته.
ويؤكد، «كان علينا ان نهتم بالسيارة وبسلامتها خلال عمليات الصعود وعبور الأنهر والمنعطفات القوية. لكننا كنا نتسلى وكنا جميعا من الشباب تربطنا علاقة صداقة».
وتوقف هذا العمل فجأة مع بناء طريق سريع يربط بين وادي كاتماندو ومدينة بيرغونج الجنوبية قرب الحدود مع الهند.
ويقول «قاموا ببناء الطريق ولم يعودوا بحاجة الينا بعد ذلك».
وكانت اسرة رانا قد فقدت حينها السلطة الا ان الامور لم تتغير كثيرا في شيتلانغ.
ويقول غول: «لم يكن لدينا مدرسة او طريق او طبيب او مراحيض. ولم يقم اي من الملوك بأي بادرة باتجاهنا».
وعندما ألغت النيبال النظام الملكي وأصبحت جمهورية العام 2008 بعد تمرد ماوي استمر عشر سنوات كان غول متحمسا للتصويت في اول انتخابات تشهدها البلاد بعد انتهاء الحرب.
ورغم الاستياء العارم من فشل الحكومات المتتالية في اقرار دستور للجمهورية الجديدة يقول غول انه متفائل بمستقبل بلاده.
ويؤكد، «كل شيء افضل الآن لدينا الكهرباء والماء والطعام. وعندما لا تعجبنا الحكومة يمكننا التخلص منها اما في السابق فالأمر كان مستحيلاً».
ويقول غول الأرمل بعدما تزوج ثلاث مرات ولديه عدد لا يحصى من الأحفاد انه لا يزال يستفيق باكرا ويمشي في التلال كل صباح.
ويؤكد ان كل زملائه السابقين توفوا في العقود الستة منذ عملوا للمرة الأخيرة معاً كحمالي سيارات.
وطوال فترة عمله لم يركب يوما في سيارة.
ويوضح، «أظن ان السيارات كانت مفيدة لملوكنا لكنها لم تكن تنفعنا بشيء. انا لست مهتما بتاتا بركوب سيارة انا سعيد جدا في منزلي. على اي حال بت متقدما جدا في السن لأخوض المغامرات».