كتب عيسى سعد الله وفايز أبو عون:
أثار حادت احتراق الطفلين خالد ومحمد الهبيل جراء حريق شب في منزلهما بسبب استخدام الشمع للإضاءة الذعر وسط سكان القطاع الذين فجعوا للحادثة التي أصبحت على لسان الجميع.
ولم يتوقف ذعر هؤلاء المواطنين بسبب حادثة وفاة الشقيقين الهبيل ولكن لأن غالبيتهم يستخدمون نفس أداة الموت للإضاءة بسبب أزمة الكهرباء التي تفاقمت منذ عشرة أيام.
وأطفأت شمعة صغيرة حياة الطفلين عمر وخالد محمد الهبيل، بعد احتراق منزلهما الواقع على أطراف مخيم الشاطئ غرب مدينة غزة مساء أول من أمس.
وزادت برودة الأجواء من اعتماد المواطنين على الإنارة البديلة والتدفئة دون الأخذ بعين الاعتبار المخاطر المترتبة عليها.
وسيطر الغضب على أقارب وجيران الطفلين الذين تفقدوا غرفتهما المحترقة وسط دعوات لحل أزمة الكهرباء.
كشف المواطن خالد الهبيل (50 عاماً)، وهو جد الطفلين اللذين قضيا حرقاً وخنقاً مساء أول من أمس، داخل منزلهما في مخيم الشاطئ شمال غربي مدينة غزة الذي اندلعت فيه النيران نتيجة اشتعال شمعة بغطاءيهما بعد سقوطها عليهما، النقاب عن أن حفيده عُمر (4 سنوات)، وجد جثة هامدة متفحمة داخل خزانته التي لجأ للاختباء بها ظناً منه أنها ستحميه من لهيب النيران المتوهجة، فيما عُثر على الطفل خالد (عامان) وسط الغرفة مختنقاً جراء استنشاقه الدخان المنبعث من كل مكان بالغرفة التي كانا يبيتان فيها والمنزل.
وأضاف الهبيل، إن وقوع الكارثة ومأساة العائلة بدأت في تمام الساعة السابعة مساء حين انقطع التيار الكهربائي عن المنطقة، ودخل والد الطفلين للاستحمام بعد أن أشعل لهما شمعة لتنير لهما عتمة الليل الموحش، حيث كان عمر وخالد يغطان في نوم عميق.
وتابع، «ما هي إلا لحظات قليلة حتى شاهد الجيران ألسنة النيران وأعمدة الدخان تخرج من شبابيك الشقة وتتصاعد إلى عنان السماء، ما جعلهم يهرعون بآنيتهم الصغيرة وهم ينادون علينا أن النيران اشتعلت في منزلنا، ما جعلنا نتوجه برفقة الجيران للطابق الثالث مكان اشتعال الحريق، وحاولنا جاهدين العمل على إخمادها».
وأكد أن جميع من تواجد في المكان من الأقارب والجيران حاولوا إنقاذ من بداخل المنزل، في حين أن بعضهم اتصل هاتفياً على مديرية الدفاع المدني ليخبرهم بوقوع الحادث، إلا أن طواقم الإنقاذ تأخرت نحو 40 دقيقة بعد اتصال أحد الجيران بها.
ولفت الهبيل إلى أن الجيران هم من قاموا بإخماد النيران بإمكانياتهم البسيطة وبما توفر لديهم من أدوات كالماء والأغطية الثقيلة ساهموا في إخماد النيران، موضحاً أنه بعد أن تم إخماد النيران ودخل الجميع للمنزل وُجد الطفل خالد ملقى على الأرض فيما كان عمر مختبئاً داخل خزانته ظناً منه أنها ستحميه من لهب النيران التي شبت في سرير نومه.
ولم يخف محمد الهبيل احد اقارب وجيران الطفلين عن مخاوفه من تكرار الحادثة مع عائلته او عائلات اخرى.
ووصف الهبيل مشهد الطفلين بعد انتشالهما من الغرفة بعد احتراقهما بالمأساوي والمفجع، محملاً المسؤولية لكل المسؤولين لعدم التزامهم وقيامهم بحل مشكلة الكهرباء.
ورغم هول الحادثة الا ان باسل الهبيل احد اقارب الطفلين المحترقين استبعد ان يستغني عن الاضاءة البديلة والشمع تحديداً لعدم وجود خيار آخر امامهم.
وحذر الهبيل من تكرار الكارثة التي وقعت بحق اقاربه مع كل العوائل التي تفتقد الانار الطبيعية او الامنة.
أما فارس النجار وهو اول من هرع لانقاذ الطفلين فقال انه لا يضمن عدم تعرض منزله واطفاله لنفس الحادثة.
واعترف النجار باستخدامه الشمع منذ فترة لعدم كفاية شواحن الكهرباء لتغطية كامل المنزل.
ودفع تقليص وصل التيار الكهربائي المواطنين إلى الاعتماد بشكل اكبر على انارة الشمع وغيرها.
ومع قرب دخول موجة برد قارسة يتوقع ان يزداد استخدام المواطنين للشمع والانارة والتدفئة غير الامنة كالفحم والحطب وغيرها.
ويقول احد اقارب الطفلين الهبيل انهما عاشا لحظات من الرعب والذعر قبل وفاتهما، حينما هبتّ النار في الغرفة وتلاحقهما حتى داخل «الخزانة» التي حاولا الاختباء بداخلها للاحتماء منها.
وكان المتحدث باسم جهاز الدفاع المدني محمد الميدنة قد أكدّ في تصريحات صحافية، أن سبب وفاة الطفلين الهبيل نشوب حريق كان سببه شمعة في منزل العائلة.
وحذر الدكتور سعيد السعودي مدير عام الدفاع المدني في قطاع غزة المواطنين من عدم الانتباه وتهوية المنزل أثناء تشغيل مواقد النار حتى لا تتحول التدفئة إلى كارثة بالأسرة.
وطالب السعودي المواطنين بفتح نافذة الشقة او المنزل اثناء ايقاد الفحم حتى يتجدد دخول الأكسجين ولا تحدث مشاكل تؤدي الى الاختناق خاصة الاطفال.
ونوه السعودي في تصريحات صحافية إلى أن ضرورة تنبه المواطنين لمخاطر الشموع على حياة أبنائهم وحياتهم، وعدم استخدامها في الانارة لما لها من مخاطر تؤدي الى حرائق كبيرة خاصة في ساعات النوم، موضحاً أن الكثير من المنازل اندلعت فيها النيران وأدت الى حالات وفاة بسبب الاستخدام الخاطئ للشموع.
ولم تنجح الحادثة التي هزت المدينة في زيادة ساعات وصل التيار الكهربائي.
وأعلنت سلطة الطاقة والموارد الطبيعية، أمس، أنها بصدد تشغيل مولد واحد فقط بمحطة توليد الكهرباء لتدعيم برنامج التوزيع الحالي بواقع (6 ساعات وصل)، وهو البرنامج الذي يتضرر كثيراً وتتقلص ساعاته مع الأجواء الشتوية الباردة هذه الأيام.
وقالت الطاقة إنه يصعب العمل بجدول 8 ساعات وصل لأن كميات الوقود المتوفرة محدودة.
وطالبت الطاقة بغزة السلطة بضمان تدفق الوقود دون أي ضرائب على سعره الأصلي وبشكل دائم، لاستمرار عمل محطة التوليد دون توقف حتى يتم العمل ببرنامج 8 ساعات وصل.
وفي سياق متصل، أكدت حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، أمس، أن الشعب الفلسطيني ليس ألعوبةً بيد أحد، وليس رهينةً لسجالات السياسة، داعيةً إلى انتظام عمل التيار الكهربائي.
وقالت حركة الجهاد في بيان صحافي تسلمت «الأيام» نسخة منه، تعقيباً على وفاة طفلين من عائلة الهبيل جراء حريق منزلهم بمخيم الشاطئ، «إن تقليص ساعات الوصل مؤخراً في قطاع غزة، لا يعدو كونه سياسة لإدامة الحصار، يدفع ثمنها يومياً مواطنون أبرياء».
وعبرت عن أسفها عن مقتل الطفلين من عائلة الهبيل، وإصابة والديهما الليلة قبل الماضية في مخيم الشاطئ، قائلة: «إن هذا الحادث الأليم ينكأ جرح الحصار المفتوح الذي تسبب بمعاناة مستدامة لشعبنا وأهلنا، ويُحتم على دوائر الاختصاص المختلفة، النهوض بمسؤولياتها وواجباتها لضمان عدم تكرار مثل هذه المآسي المفجعة؛ لاسيما وأننا في بداية موسم الشتاء».
وأضافت الجهاد: «إن الجهات المسؤولة والمتنفذة ليست بمعزل عن هذه المسؤولية، ولا ينبغي التذرع بأية حجج يمكن أن يسوقها البعض لتكون مبرراً لإزهاق أرواح الناس، ما يحتم عليها اتخاذ التدابير اللازمة للحيلولة دون تكرار هذه الحادثة الأليمة»، مشيرة إلى وقوف الجميع أمام مسؤولياتهم الحقيقية، وأن يتقوا الله في أبناء شعبهم، فشعبنا ليس ألعوبةً بيد أحد، وليس رهينةً لسجالات السياسة بين هذا الفريق أو ذاك.