بقلم: ناحوم برنياع
ظاهراً، بدا هذا مناورة زعامية كلاسيكية، من النوع الذي اكثر بن غوريون من عمله: فدرعي يضع بين يدي مجلس حكماء التوراة رسالة استقالة. فيشعرون بأن حزبهم يتفكك امام عيونهم، عشية الانتخابات. فيجمعون اقدامهم من بيت الحاخام عوفاديا الى بيت آرييه درعي، مسافة نحو 200 متر. ويسير اعضاء "شاس" معه. والخطة هي للاستجداء، للتفاني، للصلاة، لفرض بحث توراة – وهو الموازي الشاسي لفرض حكم التوراة – الموازي الشاسي لحكم الحركة. ولكن درعي ليس في البيت. بناته فقط يستقبلنهم، وهن لا يعرفن أين أبوهن.
في المرحلة التالية ينشأ اتصال هاتفي. درعي خارج المدينة. وهو يعد بأن يجتمع اليوم مع كل حاخام على انفراد ليشرح لماذا قرر الاعتزال. الحاخامون يتوزعون الى بيته دون أن يعرفوا ما الذي سيولده اليوم. هذا وضع صعب، محرج، في كل مؤسسة سياسية، ولكن في حالة حاخامي "شاس"، محرج أكثر، لأنهم، الحاخامين، يفترض أن يعرفوا ما الذي سيولده اليوم والا لما كانوا يسمون أنفسهم مجلس الحكماء.
صحيح أنه حتى أول من أمس كان صعبا التقدير كيف ستنتهي الازمة. مناورة زعامة أم طرق باب: آرييه درعي مبني لكل واحد من الخيارين. فقد ادعى رجاله، أول من أمس، بأن الهجوم الشخصي عليه من جانب رجال ايلي يشاي – وهم يسمونه "ملاحقة" – جعلت منصبه منفرا. ليس الشريط الذي بث في القناة الثانية فقط والذي يصفه فيه الحاخام عوفاديا "بالشرير" و"الحرامي" بل كل الشائعات التي نشرت ضده في السنتين الاخيرتين. وهو يعتزم الاعتزال حقا.
الاشرطة على لسان الحاخام عوفاديا على ما يبدو موجودة بكثرة، وهي مليئة بالتناقضات. ومن أوهم نفسه بأن لدى الحاخام عوفاديا توصيفات مهينة فقط عن العلمانيين يمكنه أن يعيد النظر في تفكيره. فالحاخام الراحل كان محوطا بالهمس والنبش في "شاس" وفي شبكة العلاقات السامة داخل عائلته. كانت لديه نوازع شديدة وكانت له أنا عظيمة. وكان له لسان منفلت حاد، يضع في الظل الشتم والسب على السياسيين. عندما نزلت تسيبي ليفني على نتنياهو في البرنامج الهزلي "وضع الامة" اتهمها خصومها بأنها مخدرة. اما الحاخام عوفاديا يوسيف فقد اكتفى بالمرق.
الكلمات قيلت حول مكانة درعي وقوة جاذبية قائمة "شاس" في الانتخابات، وايضا وربما اساسا حول المرجعية المقدسة للحاخام الراحل. لسنوات وهم يمسكون بالحاخام ليصمد، يشدون ويشدون، الى أن تمزق الحاخام. ايلي يشاي، الذي في حملته الانتخابية يأخذ الحاخام عوفاديا لصفه، يسوق بضاعة مضروبة. وهو بذلك لا يمكنه ان يتهم إلا نفسه. في "شاس" وفي جمهور مصوتيه كل شيء مفتوح الآن. يحتمل أن يعلن درعي اليوم انه من اجل كرامة الحاخام قرر التراجع وقيادة "شاس" في صراع البقاء في صندوق الاقتراع؛ ويحتمل أن يصر على رفضه، فيقرر مجلس الحكماء تعيين ارئيل اتياس، الذي اعتزل من أجل الأعمال التجاريةـ، على رأس الحزب او احد من النواب الآخرين، او احد ابناء الحاخام عوفاديا. اما احتمالات عودة ايلي يشاي بقيادة "شاس"، حتى لو اعتزل درعي فطفيفة. فالجرح مفتوح والدم ينزف. احتمالات قائمته اجتياز نسبة الحسم، التي كانت غير عالية، قلت، أول من امس، بشكل كبير، وسيكون سهلا تصويره كخائن.
ان الاصوات التي سيفقدها "شاس" ستتوزع على نحو شبه مؤكد بين عدة احزاب. فأبناء توراة كثيرون سيصوتون للقائمة الاصولية الاشكنازية. آخرون، في الشريحة التقليدية للمصوتين، سيفضلون ربما "كلنا" التابع لكحلون، "البيت اليهودي"، "الليكود". فالأحزاب الاصولية تقوم على أساس نواة صلبة ومتزمتة. وهي لا تميل الى الاختفاء. و"شاس" هو حزب اصولي من نوع مختلف. فهو متعلق بقدر واسع بمصوتي المزاج. وأحداث الاسابيع الاخيرة تجعل وجوده غير يقيني.
عن "يديعوت"