موسكو- أ ف ب: يراقب اوليفييه الموظف الفرنسي في احد المصارف الروسية الكبرى وجوي عاملة التنظيف الفيليبينية في موسكو منذ اسابيع اسعار صرف الروبل الذي ساهم انهياره الاسبوع الماضي في اقناعهم بضرورة الرحيل.
ولا تشكل هاتان الحالتان اشارة الى وجود ظاهرة برحيل مكثف للاجانب العاملين في روسيا ويتقاضون اجورهم بالروبل. لكن كثيرين يقولون على الاقل انهم يفكرون في الأمر.
وتقول جوي (28 عاما) "عندما اتيت في نيسان كنت اتقاضى 1500 روبل اي 42 دولارا لقاء اربع ساعات في تنظيف المنازل. واليوم لا اتقاضى سوى 20 دولارا للعمل نفسه".
وتركت هذه الأم الشابة اطفالها الثلاثة في مانيلا احدى افقر دول جنوب شرق آسيا بحثا عن مستوى حياة افضل في روسيا.
واضافت ان صديقاتها المقيمات في موسكو منذ سنوات اخبرنها عن ميزات روسيا وعن "الروبل المستقر وعدم وجود منافسة كبيرة كما في دول اخرى".
وكانت جوي ترسل كل اسبوعين 60 الى 70% من مواردها الى ذويها الذين يتولون تربية ابنائها.
وقالت بتاثر "هدفي كان جمع ما يكفي لتغطية تكاليف دراسة ابني البكر وشراء دراجة نارية-تاكسي لزوجي لتكون مصدر رزق له. كما كنت اريد اصلاح سقف منزل والديّ، لكنني ادرك اليوم ان الامر مستحيل".
وتابعت "لم اعد قادرة على ارسال ما يكفي لاعالة اسرتي واهلي لا يفهمون ويعتقدون أنني اعمل لساعات اقل وانا اشعر بذنب كبير".
وفي الطرف الآخر للسلم الاجتماعي، يعبر الفرنسي اوليفييه (30 عاما) عن الندم لقراره الانتقال الى موسكو في اواخر أيلول.
وتابع هذا الوسيط المالي "عرض علي راتب جيد ومكافأة كبيرة. كنت اعتقد انها فرصة للعمل في سوق تتسم بالحيوية وتشهد نموا منذ اربع سنوات، وبدا لي انه من الجيد مغادرة أوروبا التي تعاني من الركود".
الا انه وبعد أسبوعين فقط على وصوله، بدأت خيبة أمل اوليفييه الذي يتقاضى معاشه بالروبل. وقال انه "كان مستعدا لقبول تضخم تعوض عنه الزيادات المنتظمة للراتب لكنني لم أتصور انني ساعيش -اثنين اسود- كل يوم".
واضاف اوليفييه انه "من الواضح ان الروس يبيعون كل ما لديهم من الروبل وعندما يتخلى السكان المحليون عن عملتهم هذه اشارة للأجانب بالرحيل".
وتابع "علي فعلا ان اغادر روسيا فانا اخسر نقودا كل يوم. السوق لا مستقبل لها لا على المدى القصير او المتوسط وحلمي بشراء شقة في فرنسا انتهى لانني لا اعرف اي مصرف يمكن ان يثق بشخص يسدد دينه بالروبل".
وعلى الرغم من تبدد مدخراته وتراجع راتبه بنسبة خمسين بالمئة في غضون أسابيع، يحاول اوليفييه ان يقلل من خطورة وضعه من خلال مقارنته بالروس "الذين لا يمكنهم الرحيل".
وقال "اعلم ان مشاكلي هي - مشاكل أثرياء- مقارنة بمشاكلهم. كنت اريد الانتقال الى هنا قبل عامين لأعيش في روسيا في مجدها".
ويستعد اوليفييه على غرار زملائه لحجز بطاقته لمغادرة موسكو. وقال "سأكون الأول في الرحيل لأني أعزب وليس لدي أطفال.. لكن الآخرين لن يتأخروا في ذلك ايضا".
اما جوي فتخشى الا تتمكن من شراء البطاقة لمانيلا بسبب ارتفاع كلفتها لان سعر محدد بالدولار. وقالت "ان سعرها في تزايد مستمر بينما أموالي في تناقص مستمر. يجب ان اقرر سريعا والا سأعلق في روسيا".