بقلم: بيرتس لفي*
قبل بضعة أسابيع عدت بمشاعر مختلطة من جولة في الولايات المتحدة وكندا. وفي عشرات المناسبات واللقاءات اتضحت أمامي صورة وضع مركبة ومقلقة.
بداية الأنباء الطيبة: علاقاتنا الاكاديمية تعيش حالة ازدهار غير مسبوق. ففي كل لقاءاتي مع الرؤساء وكبار المسؤولين في الجامعات لاقيت معاملة متعاطفة وحارة ورغبة شديدة في تقدم التعاون الاكاديمي في جملة متنوعة من المجالات. حتى هنا نصف الكأس المليء.
الصورة مختلفة تماما في حرم الجامعات. هنا وضع إسرائيل صعب، ان لم نقل على شفا السقوط. وحسب تقرير عصبة منع التشهير، نشر قبل نحو شهر، جرت منذ بداية السنة الدراسية الاكاديمية نحو 90 مناسبة مناهضة لإسرائيل في حرم الجامعات في ارجاء الولايات المتحدة – الضعف مقارنة بالفترة الموازية من العام الماضي. ويدور الحديث عن مظاهرات، حواجز، وأسوار وهمية، بل وحتى "أوامر اخلاء" دست من تحت أبواب الطلاب اليهود والإسرائيليين. وليس أقل من 15 مجلسا طلابيا طرحت على البحث والتصويت اقتراحات لسحب الاستثمارات والمقاطعة الاكاديمية على إسرائيل. ورغم أن هذه لم تقر جميعها، فمجرد طرح الموضوع على البحث والتصويت بمثل هذا الحجم هو ظاهرة غير مسبوقة.
رغم أن أحداث "الجرف الصامد" توفر تفسيرا جزئيا للارتفاع في عدد الفعاليات المناهضة للإسرائيليين، فان النبرة، الحجج، ونوع المناسبات لا تدع مجالا للشك: ما بدأ قبل بضع سنوات كمبادرات محلية في جامعات قليلة اصبح حملة معادية، منظمة وممولة جيدا بأهداف واضحة: عزل ومقاطعة إسرائيل بشكل عام والاكاديمية الإسرائيلية بشكل خاص. وتستخدم هذه المنظمات على نحو واسع الشركات الاجتماعية لنشر مواد مناهضة لإسرائيل، بما في ذلك مواد لاسامية صرفة.
الى جانب ذلك تجري في اماكن عديدة حملة هدفها التشهير والتخويف لمؤيدي إسرائيل المعروفين في الحرم الجامعي. ومؤخرا قرر مجلس طلاب الماجستير في جامعة منيسوتا رفض مرشح إسرائيلي لعضوية مجلس ادارة لجنة المالية في الجامعة. وشبه القرار المنظمات المؤيدة لإسرائيل التي اقامها المرشح وبين الكو كلوس كلان سيئة الصيت والسمعة.
ميل مقلق آخر هو الارتفاع في مشاركة اعضاء الطاقم والدوائر الاكاديمية في الجامعات في منح الرعاية بل والمشاركة النشطة في المناسبات المناهضة لإسرائيل في الحرم الجامعي. ويحصي تقرير عصبة منع التشهير 57 مناسبة من هذا النوع في السنتين الاخيرتين.
اما الطلاب المؤيدون لإسرائيل فيقفون امام هذه الظاهرة وهم عديمو الوسيلة. فالكثيرون يشعرون بانهم مهددون، وفي الحديث معهم يعربون عن تخوفهم من ابراز الرموز اليهودية ومن الاعراب عن التأييد العلني لإسرائيل. "اين انتم؟ أين الرد الإسرائيلي؟"، سألوني المرة تلو الاخرى.
سؤال جيد. لمن ينظر من الجانب يصعب عليه التحرر من الاحساس بان دولة إسرائيل، بفروعها المختلفة، وكذا المنظمات اليهودية العاملة في حرب لا يقدمون جوابا حقيقيا على الموجة المناهضة لإسرائيل. والطلاب اليهود أنفسهم يقللون من المشاركة في المناسبات في الحرم الجامعي ولا يبدون اهتماما كبيرا في حلقات البحث والبرامج التي تستهدف تأهيلهم لتمثيل إسرائيل على المستوى الاعلامي. ومجرد كثرت المناسبات المناهضة لإسرائيل، الخطاب العنيف والحقيقة في أن كل مناسبة علنية تقريبا تعنى بإسرائيل، باليهودية او بالشرق الاوسط تترافق وجدال صاخب علني، تخلق في أوساط الكثيرين امتناعا غريزيا عن كل انشغال بإسرائيل، حتى لو لم يكن يرتبط بالنزاع على الاطلاق.
حسن يفعل اصحاب القرار في إسرائيل اذا ما رفعوا هذا الموضوع المهم الى مكان عال في جدول أعمالهم. ثمة حاجة عاجلة الى هز الاركان في موضوع صورة إسرائيل في الحرم الجامعي في شمال أميركا وفي اوروبا. وينبغي ان يعين على عجل مسؤول رسمي لمعالجة الموضوع، واسناد هذا التعيين بالميزانيات والصلاحيات. كل يوم يمر دون عمل حازم معناه استمرار المس الهدام والتآكل في مكانة إسرائيل وصورتها في اوساط الزعماء، مصممي الرأي العام والمقترعين المستقبليين.
عن "يديعوت"
*بروفيسور، ورئيس التخنيون.