كتب يوسف الشايب:
تنطلق مساء اليوم، في قصر رام الله الثقافي، فعاليات «الأيام الثقافية الروسية في فلسطين»، بعرض لفرقة «روسيا» (عازفي الأكاديمية الوطنية الروسية)، وهي الفعاليات التي تتواصل في كل من رام الله وبيت لحم حتى الخامس والعشرين من الشهر الجاري.
ويعود الفضل في إنشاء فرقة «روسيا» إلى ليودميلا جورجيفيزكينوج الشهيرة بـ»ليودميلا زينيكا» العام 1968، والتي قررت خلق فرقة تعمل باستمرارية وبإممكانها التنقل. وكانت الفرقة بالأساس مكونة من عازف الآلة الوترية، وعازف الأوكورديون، وعازف الجيتار، وعازف الكونترباص، إلا أنها استطاعت بقيادة المايستر فيكور غاردينا إلى تقديم مؤلفاتها الموسيقية الخاصة، بل وأنتجت العديد من التسجيلات في الإذاعة بمشاركة أبرز الموسيقيين والعاوفين المنفردين الروس.
ومنذ العام 2004 بدأ المايسترو والموزع الموسيقي والملحن سويليف أناتولي نيكلوفيتش إدارتها، لتنطلق خارج روسيا حاصدة العديد من الجوائز المحلية الروسية والعالمية، وهي تضم اليوم مطربة روسيا الأولى، لودميلا زكينوج، المعروفة بمطربة الشعب، والموسيقار الحائز على عدة جوائز عالمية دمتري متريكنو، مايسترو ومدير الفرقة.
وقال اليكساندر روداكوف، ممثل روسيا الاتحادية لدى السلطة الوطنية الفلسطينية، في مؤتمر صحفي بوزارة الإعلام، أمس، للإعلان عن «الأيام الثقافية الروسية»: تأتي هذه الأيام الثقافية الروسية، تتويجاً لعمق العلاقات الثقافية بين روسيا وفلسطين، والتي لها تاريخ قديم يعود إلى زيارات الحجاج الروس إلى الأرض المقدسة، والاهتمام الخاص للعملاء المستشرقين الروس بفلسطين، حيث أثرت الحياة الثقافية الفلسطينية بالثقافة الروسية عن طريق النخبة الفلسطينية في روسيا، وخريجي الجامعات السوفييتية والروسية من الفلسطينيين، لافتاً إلى أن التأثير المتبادل للثقافتين الروسية والفلسطينية على بعضهما البعض انعكس في مختلف صنوف الثقافة والفنون، ما يجعلنا نتحدث هنا ليس عن التقارب فحسب بين الثقافتين، بل الانسجام والتداخل فيما بينهما.
وأضاف روداكوف: كان روسيا، ولا تزال، تؤيد فلسطين على الساحة الدولية، فقد دعمت بقوة، بل كان لها دوراً حاسماً في قبول فلسطين كعضو في اليونسكو، كما قدمت النصائح للفلسطينيين في أيلول وتشرين الأول من العام 2011، عندما كانت روسيا الاتحادية، دولة رئيسة لليونسكو، بخصوص قبول فلسطين في هذه المؤسسة، وهو ما تم بالفعل، حيث بذلت روسيا جهوداً كبيرة كي يتم التصويت لصالح قبول كنيسة المهد وطريق الحجاج في بيت لحم إلى قائمة التراث العالمي التابعة لليونسكو.
وأشار روداكوف إلى أن التعاون الرسمي بين روسيا الاتحادية وفلسطين بدأ رسمياً منذ عشرة أعوام فقط، بإبرام اتفاقية حكومية بين البلدين حول التعاون الثقافي والعلمي، مشيراً إلى أنه في حزيران من العام 2011، قام وفد من وزارة الثقافة الفلسطينية بزيارة روسيا، وتم خلال هذه الزيارة التوقيع على مذكرة تفاهم، وإطلاق آلية تنظيم أيام الثقافة الفلسطينية في روسيا، وأيام الثقافة الروسية في فلسطين.
بدوره، قال سيرغي شبلابوف، رئيس المركز الروسي للعلوم والثقافة في بيت لحم: تنتظم أيام الثقافة الروسية في فلسطين على مدار أربعة أيام، ما بين 22 و25 الجاري، حيث يكون الافتتاح بحفل موسيقي لفرقة «روسيا»، يليه في اليوم التالي افتتاح معرض فن الديكور (تشكيلات فيسفساء من روسيا) إضافة إلى استضافة المركز الروسي للعلوم والثقافة في بيت لحم عرضاً ثانياً لفرقة «روسيا»، أما اليوم الثالث للفعاليات، فسيكون جمهور فلسطين، وفي قصر المؤتمرات على موعد مع عرض موسيقي راقص لفرقة «بيرزكا» (فرقة الفلكلور والرقص الروسي)، وهي الفرقة التي تختم الفعاليات في قصر رام الله الثقافي.
وتعد فرقة «بيرزكا» واحدة من أشهر الفرق الفنية الروسية، وهي الفرقة التي أنشئت في العام 1948 من قبل مصممة الرقص ناديزدا ناديزدانا، حيث باتت منذ ذلك الوقت رمزاً ثقافياً وفنياً بالنسبة لروسيا.
وما يميز الفرقة التي قدمت عروضاً في أكثر من ثمانين دولة، أنها تقدم رقصاتها وفق التقنية الروسية المعروفة باسم «كوروفود»، عبر خطوات انسيابية تظهر للعيان أنهم بالكاد بتحركون، كما أنهم ساكنون بالفعل والمسرح هو من يتحرك أسفلهم.
أما معرض «تشكيلات فسيفساء من روسيا»، فيقدم للجمهور الفلسطيني ستين عملاً لفنان روس بارزين، ومن أجيال مختلفة، تحفظ أعمالهم في البيت الروسي للفن الشعبي، وتتراوح ما بين أعمال تصويرية، وديكورات مجردة وواقعية تشتمل على بطانيات وصور وسجاد ودمى وحقائب وسترات، بما يعكس روح وتاريخ الثقافة الروسية.
بدوره شدد د. موسى أبو غربية، وكيل وزارة الثقافة، على أهمية حدث كـ»أيام الثقافة الروسية»، والتي من شأنها الإسهام في إنعاش الحركة الثقافية في فلسطين، وتأتي كثمرة للعلاقات الثقافية الفلسطينية الروسية العميقة والمتجدزرة .. وقال: لفلسطين دور واضح في إثراء رونق الحياة الروحانية في روسيا، عبر ارتباط الشعب الروسي بالأراضي المقدسة، وهو ما انعكس في دور الرحالة والمستشرقين الروس في نقل تلك الثقافة إلى شعبهم، كما نقلوا طابع الحياة الروسي، والثقافة والأدب الروسيين إلى فلسطين منذ مئات السنين .. كذلك كان لطلاب فلسطين في الجامعات الروسية دور في المزيد من تعميق العلاقة الثقافية الفلسطينية الروسية، والتي جاءت انعكاساً للعلاقات السياسية المتميزة بين البلدين، لافتاً إلى أن الأسبوع الثقافي الفلسطيني الأول في روسيا ان في تشرين الأول من العام 2011 في كل من موسكو وسان بطرس بيرغ، كذلك استقبلت فلسطين بالتزامن مع زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لفلسطين، وافتتاح المركز الروسي للعلوم والثقافة في بيت لحم، الأيام الثقافية الروسية، في حزيران من العام 2012 بمشاركة وزير الثقافة الروسي.