تاريخ النشر: 18 كانون الأول 2014

باكستان في حداد على ضحايا مجزرة المدرسة


بيشاور (باكستان) - أ.ف.ب: دخلت باكستان، أمس، في حداد لثلاثة أيام على ضحايا المجزرة التي ارتكبتها حركة طالبان في مدرسة وأسفرت عن مقتل 148 شخصاً معظمهم من التلاميذ في الهجوم الأكثر دموية في البلاد.
وهذا الهجوم اثار موجة ادانات واسعة في العالم كما وضع الحكومة تحت ضغوط جديدة لمكافحة التمرد في البلاد.
واثر الهجوم الذي وقع الثلاثاء في بيشاور شمال غربي البلاد اغلقت معظم المدارس في مختلف انحاء البلاد فيما اقيمت صلوات خاصة في ذكرى الضحايا في المدارس التي فتحت ابوابها.
وقامت مجموعة من مسلحي طالبان بالدخول من صف إلى آخر وقتل التلاميذ في هجوم استمر ثماني ساعات واثار ادانات عالمية.
وفي اقليم خيبر باختونخوا (عاصمته بيشاور) اغلقت المدارس والادارات والاسواق.
واعلن المتحدث باسم الجيش الباكستاني الجنرال عاصم باجوا لوكالة فرانس برس ان حصيلة الهجوم ارتفعت من 141 ليلاً الى 148 قتيلاً بينهم 132 تلميذا.
وعلى الجانب الآخر من الحدود في الهند وضع رئيس الوزراء نارندرا مودي العداوة القديمة مع باكستان جانبا وطلب من المدارس الالتزام بدقيقتي صمت في ذكرى الضحايا.
وبدأت مراسم تشييع الضحايا الذين سحبت جثثهم من المدرسة وهم لا يزالون باللباس المدرسي الاخضر الملطخ بالدماء، في وقت متأخر الثلاثاء وتواصلت، أمس.
وشاهد مراسل وكالة فرانس برس جنوداً متمركزين على سطوح المدرسة امس، فيما تدخل إليها أليات عسكرية.
وقال شهود، إن المهاجمين الستة قدموا بسيارة بيضاء واحرقوها قبل البدء باطلاق النار لإبعاد المتطفلين وقفزوا فوق جدار لدخول المدرسة.
وافاد احد الشهود وكالة فرانس برس بأن «احدهم سكب النفط على السيارة ثم اضرم النار بها. ثم فتحوا النار في الشوارع وقد هربت مع شخص آخر لإنقاذ حياتنا».
واعمال القتل الاسوأ كانت في قاعة مسرح في المدرسة حيث كان مئات التلاميذ يتابعون محاضرة. وتم العثور هناك على اكثر من مئة جثة كما اعلن الجيش.
وقال احمد فراز (14 عاما) الذي نجا من الهجوم واصيب برصاصة في كتفه لوكالة فرانس برس من المستشفى «كان هناك اولاد تحت الطاولات. ولقد سمعت احد المسلحين يقول لآخر: لا تترك أحدا على قيد الحياة».
وأضاف، «ثم بدؤوا يقتلون التلاميذ واحدا تلو الاخر، تحت الطاولات وتحت المقاعد. كنت أراهم يقتربون مني الى ان اطلقوا علي النار واصبت بكتفي واعتقدت آنذاك انها النهاية، ثم انتقل المسلح الى طاولة اخرى».
وأكدت الحكومة والجيش تصميمهما على هزم المجموعة التي قتلت الاف الاشخاص منذ بدء التمرد في 2007.
واعلن رئيس الوزراء الباكستاني نواز شريف امس انهاء تعليق عقوبة الاعدام في حالات الارهاب.
وفي باكستان تصدر احكام الاعدام بشكل متكرر عادة، لكن هذه العقوبة لم تعد تطبق منذ العام 2008 باستثناء في ظل الحالات المرتبطة بالاحكام العرفية، وذلك بموجب تجميد لهذه العقوبة القصوى.
واعلن مسؤول كبير في مكتب رئيس الوزراء الباكستاني نواز شريف ان «رئيس الوزراء وافق على الغاء تعليق عقوبة الاعدام في حالات الارهاب».
لكن وسائل الاعلام الباكستانية لفتت الى ان وعودا سبق ان صدرت بعد وقوع هجمات مماثلة لكن العنف لم يتوقف.
وكتبت صحيفة دون الناطقة بالانكليزية «ان قطع وعود بسحق تمرد بعد هجوم كبير لا معنى له». واضافت «ان العمليات العسكرية لن تؤدي الى نتيجة الا اذا كانت هناك محاولات لاستئصال الجذور الايديولوجية للتمرد».
من جهته اعتبر المحلل رضا رومي في المعهد الاميركي للسلام ان انهاء التمرد يعني ايضا انهاء ايديولوجيا متجذرة بعمق في المجتمع الباكستاني.
وقال لوكالة فرانس برس ان «ثلاثة عقود من الاسلمة ادت الى قبول عام لاعمال ترتكب باسم الاسلام».
ولطالما اتهمت باكستان بلعب «دور مزدوج» مع المتمردين عبر دعم مجموعات معينة ظنا منها انها يمكنها استخدامها لغاياتها الاستراتيجية الخاصة.
واطلق الجيش هجوما كبيرا في الاشهر الستة الماضية ضد معاقل حركة طالبان الباكستانية ومجموعات اخرى تنشط في منطقة وزيرستان الشمالية القبلية القريبة من بيشاور.
وأدت العملية الى مقتل اكثر من 1600 مسلح فيما اعتبرها الجيش ناجحة قائلاً: انها ادت الى تفكيك البنى التحتية للمتمردين. لكن تسود مخاوف من هجمات انتقامية اكثر من اي وقت مضى.
وقال محمد خراساني المتحدث باسم طالبان الثلاثاء ان الهجوم جاء انتقاما للقتلى الذين سقطوا في عملية الجيش.
وقال: «إن مقاتلات الجيش تقصف ساحاتنا العامة ونساءنا واطفالنا، كما تم اعتقال الآلاف من المقاتلين وافراد عائلاتهم وأقربائهم. لقد طلبنا تكرارا بان يوقفوا هذا الأمر».
وأضاف، «في مواجهة تصلب الجيش اضطررنا لشن هذا الهجوم بعدما تحققنا من ان اولاد عدة مسؤولين كبار في الجيش يتلقون تعليمهم في هذه المدرسة».
لكن حركة طالبان الافغانية دانت الهجوم معتبرة ان قتل اطفال يتعارض مع تعاليم الاسلام.
وقالت حركة طالبان الافغانية في بيان نشر في وقت متأخر الثلاثاء، إن «امارة افغانستان الاسلامية دانت على الدوام قتل اطفال واشخاص ابرياء في اي ظرف».
وأضافت ان «القتل المتعمد لأشخاص ابرياء، نساء واطفال يتعارض مع تعاليم الاسلام وكل حكومة اسلامية وحركة يجب ان تلتزم بهذا المبدأ الجوهري». وتابعت ان «امارة أفغانستان الإسلامية (الاسم الرسمي لحركة طالبان) تقدم تعازيها لعائلات الاطفال الذين قتلوا».
ومن بريطانيا حيث باتت تعيش، انتقدت ملالا يوسف زاي الفتاة الباكستانية الحائزة جائزة نوبل للسلام 2014 «الاعمال الوحشية والجبانة» التي تقوم بها حركة طالبان. وقالت: «لقد حطم قلبي هذا العمل الإرهابي الذي لا معنى له والذي ارتكب عن سابق تصور وتصميم في بيشاور».
من جهته، دان الرئيس الاميركي باراك اوباما المجزرة التي ارتكبتها حركة طالبان الباكستانية. وقال: «باستهدافهم الطلاب والمدرسين في هذا الهجوم البشع، اظهر الارهابيون مرة اخرى درجة سوئهم».
كما دان الامين العام للأمم المتحدة بان كي مون الهجوم قائلا «هذا عمل فظيع وجبان استهدف طلابا عزلا بينما كانوا يتلقون العلم».
وقال متحدث باسم الجيش الباكستاني، «بدأ الإرهابيون يطلقون النار عشوائيا فور دخولهم الى المدرسة ولم يكن في نيتهم احتجاز رهائن». واوضح ان المهاجمين «كانوا يرتدون سترات محشوة بالمتفجرات ويحملون ذخائر وطعاما لعدة ايام».