بقلم: ماثيو ليفيت*
يريد «حزب الله» من العالم أن يدرك بأنه لا يزال يريد الموت لإسرائيل، إلا أنه مشغول جداً في الوقت الحالي عنها، وبينما التقى المفاوضون من إيران و«مجموعة الخمسة زائد واحد» في فيينا مع اقتراب الموعد النهائي للتوصل إلى اتفاق بشأن برنامج طهران النووي، وحيث يبدو أن احتمالات التوصل إلى اتفاق ضعيفة بشكل متزايد، دخل «حزب الله» اللبناني - الذراع المسلحة الرئيسة لإيران - [للمشاركة في النقاش وجاء] بأخبار خاصة به.
ففي مقابلة أجراها مع الوكالة الإيرانية "تنسيم الدولية للأنباء"، أعلن نائب الأمين العام لـ «حزب الله» نعيم قاسم، أنه من خلال مساعدة إيران حصل «الحزب» على صواريخ إيرانية متقدمة و"عالية الدقة" يمكن استخدامها في أية حرب مستقبلية مع إسرائيل.
وبعبارة أخرى، في حال فشل المفاوضات يجب على إسرائيل أن تفكر جيداً قبل أن توجه ضربة عسكرية ضد المنشآت النووية الإيرانية.
وهذا ليس تهديداً فارغاً تماماً على الرغم من أن «حزب الله» كان في الواقع يتكلم كثيراً منذ بعض الوقت حول تركيزه المستمر على محاربة إسرائيل، على الرغم من رغبته القوية (أو ربما بسببها) في تجنب الدخول في حرب شاملة مع إسرائيل في الوقت الحاضر.
وإذا لم يكن ذلك واضحاً بالفعل، فإن الأمين العالم لـ «حزب الله»، حسن نصر الله، يريد من كل شخص يستمع إليه أن يدرك ما يلي: «حزب الله» على أهبة الاستعداد لمحاربة إسرائيل على الرغم من انخراطه العميق في معركة مختلفة تماماً في سوريا.
لقد كانت هذه على الأقل الرسالة التي وجهها نصر الله في خطابه السنوي في يوم عاشوراء في تشرين الثاني، أما ما لم يقله الأمين العام، وهو لا يريد الاعتراف به علناً، فهو أن «حزب الله» بأشد الحاجة إلى تجنب الدخول في صراع عسكري شامل مع إسرائيل في الوقت الراهن، وبالتالي فهو يحصر هجماته ضد إسرائيل بزرع قنابل صغيرة ونادرة على جوانب الطرق على الحدود اللبنانية وبهجمات ينفذها نشطاء محليون في مرتفعات الجولان.
وفي منطقة الشرق الأوسط التي هي أشبه بعش للدبابير، والمليئة بالجماعات الإرهابية المنشقة من جميع الفصائل، أثبت «حزب الله»، الذي مقره في لبنان ويلقى التمويل والإمدادات منذ فترة طويلة من إيران، أنه من بين أكثر الجماعات مرونة وقابلية للتكيف، كما أنه من بين أكثرها دموية. وفي الوقت الحالي، وفي إطار أحدث عملية تطور له - وبدلاً من استراتيجيته التقليدية المتمثلة في الهجوم على إسرائيل وعلى المصالح الغربية في بعض الأحيان - وجد «حزب الله» نفسه منهكاً بالحرب الدائرة منذ ثلاث سنوات ضد نظام بشار الأسد في سورية، حيث يواجه - جنباً إلى جنب مع عناصر إيرانية - الجماعات السنية من كافة التوجهات، دفاعاً عن النظام السوري، وتشمل هذه الجماعات «جبهة النصرة» وتنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» والمتمردين السنة المعتدلين.
إن «حزب الله» حالياً هو أكثر نشاطاً إلى حد كبير في استهداف المصالح الإسرائيلية واليهودية - وخاصة الدبلوماسيين الإسرائيليين أو السياح - في خطط يمكن تنفيذها بعيداً عن لبنان وإنكارها ضمن سياق معقول.
إنّ استراتيجية «حزب الله» الجديدة، التي هي وليدة الضرورة بدلاً من القوة، هي بمثابة نعمة ونقمة في آن واحد، وتشير إلى حدوث تطور ملحوظ، لا يذكره الإعلام بصورة كافية، في إحدى أطول معارك الشرق الأوسط، ويبشر بعهد زاد فيه الأمن للمواطنين الإسرائيليين في بلادهم، وفي الوقت نفسه حدث ارتفاع في نسبة المخاطر التي يواجهها السياح والدبلوماسيون الإسرائيليون في الخارج، مع احتمال زيادة في خطر الإرهاب بالنسبة إلى المواطنين الأميركيين في جميع أنحاء العالم.
ومن الناحية الإيجابية بالنسبة لإسرائيل، فإن ميليشيا «حزب الله» الشبيهة بالجيش، المعروفة بـ "المقاومة الإسلامية"، منشغلة جداً في قتال السنة في سورية وعلى نحو متزايد في الداخل اللبناني أيضاً، ما يخفض من احتمال نشوب حرب شاملة أخرى مع إسرائيل على المدى القريب.
بيد أنه من المرجح أن تزيد وتيرة استخدام «حزب الله» لنشطاء محليين وعناصر إرهابية يتم نشرهم في جميع أنحاء العالم؛ وكما حذر مسؤولون أميركيون في مكافحة الإرهاب، قد لا تقتصر هذه الخطط على استهداف المصالح الإسرائيلية وحدها.
وقد شدد نصر الله في إطار خطابه الأخير على أن «حزب الله» "على أهبة الاستعداد في جنوب لبنان"، على الرغم من كونه مكبّلاً في الحرب السورية، حيث فقد فعلاً ما يصل إلى ألف مقاتل من ذوي الخبرة (أي ما يشكل خسارة كبيرة لجماعة يُعتقد أن لديها فقط حوالي 5000 مقاتل بدوام كامل، مدربين تدريباً جيداً جداً وما بين 20,000 إلى50,000 مقاتل احتياطي بدوام جزئي).
ويواجه «حزب الله» إسرائيل بصورة أكثر مباشرة في جنوب لبنان على طول "الخط الأزرق" الذي حددته الأمم المتحدة والذي يرسم الحدود الإسرائيلية اللبنانية، وكانت المرة الأخيرة التي حرّض فيها «حزب الله» على حرب شاملة هناك هي في العام 2006.
واليوم، يسعى نصر الله إلى ردع إسرائيل من استغلال حقيقة أن «حزب الله» مشتبك في الحرب السورية وشروعها بإطلاق مواجهة لإضعاف قدرات «حزب الله» في جنوب لبنان.
وفي الواقع، هذه رسالة يروّج لها «الحزب» بشكل استباقي منذ بعض الوقت. على سبيل المثال في تشرين الأول، أعلن «حزب الله» - للمرة الأولى منذ حرب تموز 2006 - مسؤوليته عن هجوم شنّ ضد إسرائيل وأصيب فيه جنديان بجروح في انفجار قنبلة زرعت على الحدود مع لبنان. وأشار نصر الله في ذلك الحين أيضاً إلى الهجوم كدليل على أنه رغم ضلوع «حزب الله» بصورة كبيرة في الحرب في سوريا، إلا أن "أعيننا مفتوحة ومقاومتنا جاهزة في مواجهة العدو الاسرائيلي".
وبصرف النظر عن التبجح، لم يكن الاعتداء من أنجح أعمال «حزب الله» بل كان محدود النطاق وناجحاً بنسبة متوسطة، إذ لم يُقتل أحد جراء المتفجرات اليدوية الصنع الصغيرة نسبياً، وعلى عكس العمليات السابقة، لم يكن أي من مقاتلي «حزب الله» مترقباً في المكان لسحب الجنود الإسرائيليين الجرحى وجرهم إلى لبنان لاستخدامهم في عملية مساومة، إن كانوا قتلى أو على قيد الحياة، ضمن عملية مستقبلية لتبادل الأسرى.
فما هو السبب؟ لأنه بينما يريد «حزب الله» الحفاظ على مكانته كقوة محاربة معادية لإسرائيل، لا يمكنه تحمل معركة واسعة النطاق مع الدولة العبرية في جنوب لبنان في الوقت الذي يلتزم بمحاربة السنّة في سوريا ومُجبر على نحو متزايد على القيام بالأمر نفسه في بلده لبنان.
كما أنه لا يريد أن يجازف في دعوة القوات الجوية الإسرائيلية للرد في سوريا، حيث يمكن للغارات الجوية الإسرائيلية أن تضر بشدة بـ «حزب الله» وبالقوى الأخرى الموالية لنظام الأسد.
لذا لا ينبغي أن يكون مفاجئاً أن «حزب الله» قد اختار تجنيد عملاء محليين وإرسالهم لوضع العبوات الناسفة اليدوية على جانب الطريق بالقرب من السياج الحدودي بين إسرائيل وسوريا في مرتفعات الجولان.
ويشير المسؤولون العسكريون الإسرائيليون إلى وقوع 15 اعتداءً مماثلاً منذ آذار، وقد صرّح جنرال إسرائيلي لصحيفة "نيويورك تايمز" قائلاً: "إنه تنظيم عميل [الذي يزرع هذه القنابل]، لذا يمكن لأي طرف أن ينفي تورطه بها، فـ «حزب الله» يعطيهم العبوات الناسفة اليدوية والإيرانيون يلهمونهم".
وحذر نصر الله في أحدث تصريحاته أنه في أية حرب مستقبلية، "سيجب على إسرائيل أن تغلق مطار بن غوريون وميناء حيفا"، ولكن هذا الأمر ليس بالجديد. فقد أطلق «الحزب» صواريخ من لبنان على ميناء حيفا في العام 2006، وأطلقت «حماس» بدورها صواريخ من قطاع غزة على مطار بن غوريون خلال الصيف الماضي، ورغم ذلك لم يكن نصر الله يستخدم فقط لهجة حازمة عندما أكد أن "المقاومة تشكل تهديداً حقيقياً لإسرائيل".
إن أبرز خطط «حزب الله» التي تستهدف إسرائيل اليوم تكمن أبعد بكثير من السياج الحدودي على حدود إسرائيل الشمالية مع لبنان وسورية.
وقد حذّر مدير "المركز الوطني الأميركي لمكافحة الإرهاب"، مات أولسن، في أيلول، من أنه "إلى جانب دوره في سورية، لا يزال «حزب الله» اللبناني ملتزماً بتنفيذ أنشطة إرهابية في جميع أنحاء العالم".
ولا تشكل هذه الخطط مصدر قلق لإسرائيل فقط، وأضاف أولسن: "نحن لا نزال نشعر بالقلق من أن أنشطة الحزب يمكن أن تعرّض المصالح الأميركية أو الغربية الأخرى للخطر".
ويشير المسؤولون في "المركز الوطني الأميركي لمكافحة الإرهاب" إلى أن «حزب الله» "منخرط في حملة إرهابية عدوانية في السنوات الأخيرة ويواصل التخطيط لشن هجمات في الخارج".
وعلى مدى السنوات القليلة الماضية باءت خطط «حزب الله» بالفشل أو تم إحباطها في أماكن بعيدة جداً مثل جنوب أفريقيا وأذربيجان والهند ونيجيريا وقبرص وتركيا.
أما في بلغاريا، فقد فجّر عناصر «الحزب» حافلة كان على متنها سياح إسرائيليون في مطار بورغاس، وهذا العام فقط، تم إحباط مخططَيْن لـ «حزب الله»، أحدهما في تايلاند والآخر في بيرو.
وفي نيسان الماضي تم إلقاء القبض على عنصرين من «حزب الله» في تايلاند؛ ووفقاً لما ورد عن مسؤولين أميركيين في مكافحة الإرهاب، اعترف أحدهما بأنهما كانا في البلاد لتنفيذ هجوم بالقنابل يستهدف السياح الإسرائيليين في بانكوك، وأضاف المسؤولون أن الخطط أكدت التهديد الذي يشكله «حزب الله» على المراكز المدنية، وأبدت السلطات قلقها أيضاً من أن العنصرَين كانا مواطنين لبنانيين يحملان جنسيتيْن، الأول يحمل الجنسية الفرنسية والثاني الجنسية الفيليبينية.
وفي الآونة الأخيرة، اعتقلت شرطة مكافحة الإرهاب في بيرو عنصراً من عناصر «حزب الله» في العاصمة ليما في الشهر الماضي، في أعقاب عملية مراقبة بدأت في تموز، وكان المواطن اللبناني محمد همدر قد وصل إلى بيرو في تشرين الثاني 2013 وبعد أسبوعين تزوج امرأة تحمل جنسية مزدوجة أميركية - بيروفية، وسرعان ما انتقلا إلى البرازيل، وعاشا في ساو باولو إلى أن عادا إلى ليما في تموز 2014.
وقد كانت السلطات على علم بوضوح بوصول همدر في ذلك الوقت، لأنها استجوبته لدى وصوله إلى المطار وبدأت بمراقبته منذ ذلك الحين، وعندما ألقي القبض عليه في تشرين الأول، دهمت الشرطة منزله وعثرت على آثار من مادة الـ "تي إن تي" وفتائل تفجير وغيرها من المواد القابلة للاشتعال.
ومن خلال البحث في القمامة خارج منزله وجدت مواد كيميائية تستخدم في تصنيع المتفجرات، وبحلول وقت اعتقاله، أشارت المخابرات إلى أن أهداف همدر كانت تشمل أماكن مرتبطة بالإسرائيليين واليهود في بيرو، من بينها مناطق تعج بالسياح الإسرائيليين، والسفارة الإسرائيلية في ليما، ومؤسسات المجتمع اليهودي.
لا بد من الإشارة هنا إلى أن «حزب الله» كان ناشطاً في أميركا الجنوبية منذ فترة طويلة، وذلك من المنطقة ثلاثية الحدود التي تلتقي فيها حدود الأرجنتين والباراغواي والبرازيل مع شيلي والأوروغواي، وغيرها.
ولا يزال هذا الاتجاه مستمراً كما أشارت وزارة الخارجية الأميركية في تقريرها السنوي الأخير حول الإرهاب الذي سلط الضوء على شبكات الدعم المالي التي يتمتع بها «حزب الله» في أماكن مثل أميركا اللاتينية وأفريقيا.
ووفقاً لتقارير الشرطة البرازيلية التي لم يتم الكشف عنها علناً سوى في نهاية تشرين الثاني المنصرم، ساعد «حزب الله» عصابة من عصابات السجون البرازيلية تدعى "قيادة العاصمة الأولى"، في الحصول على الأسلحة مقابل حماية السجناء من أصل لبناني المعتقلين في البرازيل.
ويُقال إن المهربين اللبنانيين المرتبطين بـ «حزب الله» ساعدوا في بيع متفجرات من نوع "سي 4" يُزعم أن "قيادة العاصمة الأولى" سرقتها في باراغواي.
وبالإضافة إلى ذلك، فإن تقارب خطط «حزب الله» في تايلاند وأميركا الجنوبية ليس أمراً جديداً، ففي العام 1994، كاد «حزب الله» يفجر السفارة الإسرائيلية في بانكوك قبل أسابيع فقط من نجاحه في تفجير مركز "آميا" - مقر منظمة الجالية اليهودية في بوينس آيرس، وقد تكون خطط هذا العام في تايلاند وبيرو ذات صلة أكثر قوة مما تبدو عليه للوهلة الأولى.
وقبل عامين، أحبطت السلطات المحلية في كانون الثاني 2012، خطة سابقة لـ «حزب الله» كانت تستهدف السياح الإسرائيليين وربما الأميركيين في بانكوك.
وأوصل حسين عتريس، وهو عنصر في «حزب الله» يحمل الجنسيتين اللبنانية والسويدية، الشرطة إلى مستودع كان يخزن مواد تولد المتفجرات، التي يفترض أنها تستخدم لعمليات مستقبلية للحزب.
ولكن هذا ليس كل ما في الأمر، فقد تم بالفعل تقطير بعض تلك المواد - بما فيها خمسة أطنان من الأسمدة و 400 لتر من نترات الأمونيوم - على شكل كريستال، وهي خطوة من عملية صناعة القنابل.
وقد أشارت معلومات مذكورة في استمارات للشحن الدولي عُثر عليها في مكان الحادث إلى أن هناك على الأقل بعض المتفجرات - التي تم تخزينها في أكياس تحمل فضلات القطط - كان من المقرر شحنها إلى الخارج. وفي هذا الإطار يعتقد مسؤولون في الاستخبارات الإسرائيلية أن «حزب الله» كان يستخدم تايلاند كمركز للمتفجرات، مشيراً إلى أن عتريس كان قد استأجر المكان قبل عام، وبالتالي كان من المتوجب ألا تكون المحصلة مفاجئة، فقد سبق للمسؤولين الأميركيين أن حددوا أن «حزب الله» كان معروفاً باستخدامه لبانكوك كمركز للأعمال اللوجستية وأعمال النقل، واصفين المدينة بأنها "مركز لشبكة كوكايين وغسل الأموال [خاصة بـ «حزب الله»]".
ويُقال إن الوثائق التي تم ضبطها في مستودع «حزب الله» شملت بعض المستندات التي توحي بأن شحنات من المواد التي تولد المتفجرات قد تم شحنها بالفعل إلى أميركا الجنوبية، رغم أنه لم يتم تأكيد الأمر.
والأسئلة التي تطرح نفسها هي، هل سبق لـ «حزب الله» أن شحن بالفعل بعض المواد المتفجرة التي تم تحويلها إلى كريستال من تايلاند قبل أن تدهم الشرطة التايلاندية مخزن المتفجرات التابع له في العام 2012؟ وهل كان من المفترض أن تُستخدم بعض المواد المتفجرة الآتية من مخزون «حزب الله» في بانكوك في خطط «الحزب» التي أُحبطت هذا العام في بانكوك وبيرو؟
قد لا نعرف أبداً الإجابات عن هذه الأسئلة، وهو بالضبط ما يريده نصر الله، إذ يستطيع أن ينكر بشكل معقول أية معرفة أو دور للحزب في الخطط المذكورة التي تستهدف الإسرائيليين أو الأميركيين أو غيرهم من الغربيين في الخارج، حتى لو كانت هذه هي الوسائل الرئيسة التي لا يزال «الحزب» قادراً من خلالها على استهداف إسرائيل في الوقت الراهن. وبالتأكيد، لدى «حزب الله» عملاؤه المحليون في هضبة الجولان أيضاً، ولكن نصر الله لن يعترف علناً بهؤلاء أيضاً، وهذا هو بيت القصيد في توظيف عملاء يمكن إنكار وجودهم. إنها حالة غريبة عندما يبدأ «حزب الله»، الذي لطالما كان عميلاً لإيران، بتوظيف عملاء خاصين به.
إلا أن «الحزب» قد أظهر في العراق وحالياً في سورية أنه يستطيع تدريب ونشر نشطاء له ويقوم بذلك بالفعل، على الرغم من أن هؤلاء أيضاً هم في النهاية عملاء لإيران.
إن ما نعرفه هو التالي: لا يزال «حزب الله» يشكل تهديداً مباشراً على إسرائيل، حتى في الوقت الذي هو مكبل في المعركة في سورية.
هذا ما يريدنا نصر الله أن نعرفه جميعاً، ويقيناً، سوف تستمر التفجيرات على جانب الطريق على الحدود من وقت لآخر، وحتى أن «حزب الله» قد يعلن عن مسؤوليته عن بعض منها، ولكن نظراً إلى رغبته في تجنب فتح جبهة ثانية مع إسرائيل في الوقت الحاضر، فإن تهديد «حزب الله» لإسرائيل حالياً هو بشكل من الأشكال أشد في المناطق البعيدة كل البعد - مثل تايلاند وبيرو - مما هو عليه على طول حدود إسرائيل الشمالية.
ومع ذلك، يلوح في الأفق طيف مجهول واحد على الساحة الجيوسياسية الحديثة، الذي يمكن أن يعيد تشكيل استراتيجية «حزب الله» وتركيزها بسرعة: إذا وجهت الطائرات الحربية الإسرائيلية ضربات في وقت من الأوقات على المنشآت النووية الإيرانية، فإن جميع السيناريوهات قابلة للحدوث.
ومن المؤكد أن يطلق «حزب الله» على الأقل بعضاً من تلك الصواريخ "عالية الدقة" على البنية التحتية الحيوية الإسرائيلية، حتى في الوقت الذي يواصل فيه تسريع وتيرة العمليات الشبيهة بعملية بيرو في الخارج.
أما فيما يتعلق بأي مدى يمكن أن يكون «حزب الله» ملتزماً وفعالاً كقوة مقاتلة تقاتل - بإيعاز من إيران - الثوار السوريين والجيش الإسرائيلي في الوقت نفسه، فهذا سؤال مفتوح، لكنه من النوع الذي من المرجح أن يحاول كل من «حزب الله» وإيران الإجابة عنه بسرعة نوعاً ما.
عن "بوليتيكو"
*ماثيو ليفيت هو زميل فرومر- ويكسلر ومدير برنامج ستاين للاستخبارات ومكافحة الإرهاب في معهد واشنطن، كما أنه مؤلف كتاب "«حزب الله»: البصمة العالمية الواضحة لـ «حزب الله» اللبناني".