تاريخ النشر: 13 كانون الأول 2014

«لاصق» هرتسوغ ولفني: فقط ليس بيبي!


بقلم: ناحوم برنياع

هرتسوغ ولفني نزلا معاً من غرفة جانبية محاطين بمرافقة مبالغ فيها من المساعدين ورجال الأمن، والصوت الذي لا لزوم له من قبل أشخاص من حزب العمل تمت دعوتهم للقاء من اجل غناء "هو ها من الذي جاء، رئيس الحكومة القادم". لبس الاثنان ملابس متشابهة، بدلة عمل سوداء وقميص ابيض. كان هذا جريئا، وقد تذكرت فيلم "الأخوين بلوز" من انتاج جون بلوشي ودان أكرويد والذي تدور قصته عن مغنيين توأمين بالملابس وخرجا في مغامرة معا. هرتسوغ ليس بلوشي ولفني ليست اكرويد، لكن خروجها الى الطريق المشتركة مغامرة بالفعل.
لا يوجد بعد اسم للقائمة الجديدة. قيل لي إن اسمها المؤقت سيكون "المعسكر الوطني" أو "هتكفاه" أو "هعفوده بِتنوعه" أو ببساطة "تسيبي بوج".
عموما كانت هذه خطوة سياسية إيجابية، من اعراض العملية الانتخابية التي ستكون محفزة. شخص واحد كان يستطيع أن يكون الخطابة لابنة ايتان لفني من الايتسل لابن حاييم هرتسوغ من الهاغاناة: بنيامين نتنياهو. الى هذا الحد قوته كبيرة. وهناك من يقول إن قواه لم تستنزف بعد. فمن شأنه في وقت من الأوقات توحيد لبيد وكحلون، أو أحدهما مع ليبرمان، أو ثلاثتهم.
المشترك بين جميع هؤلاء السياسيين هو الشعور أن عهد نتنياهو قد انتهى. ليس الحديث عن خلافات ايديولوجية أو التحفظ المسبق: وراء كل واحد منهم سنوات من العمل مع نتنياهو، في نفس الحزب أو نفس الحكومة. ايضا ليس الحديث عن حادثة وحيدة، فجائية، شيء يشبه الفيضان في ينابيع النقب. الحديث عن عملية طويلة. ست سنوات متواصلة في السلطة فعلت فعلها تجاه نتنياهو وزملائه. فتراجعت سلطته، وتراجع أداؤه، حواسه السياسية تراجعت، ومل من وزرائه ووزراؤه ملوا منه. وأول من لاحظ التدهور واستقال كان وزراء حزبه، كحلون وساعر. ليبرمان لاحظ وبقي بشروطه، لبيد ولفني أصبحا منفصلين عنه.
اعتاد اريئيل شارون القول إنه اذا كانت الوظيفة تثقل عليه فانه ينظر الى الطابور الطويل لأولئك الذين يريدون وراثته، فيصحو، يرى نتنياهو الطابور ويخاف. هكذا فقط يمكن تفسير الخطوات الاخيرة له، تأييده لقانون ضريبة قيمة مضافة صفر للشقق السكنية الذي تحول الى معارضة، ومعارضته لقانون ضريبة قيمة مضافة صفر للمنتوجات الغذائية التي تحولت الى تأييد والإصلاحات في التعليم والصحة التي تمت المصادقة عليها وإلغاؤها في نفس الوقت، تأييده للميزانية والتراجع عن ذلك. المواطنون يتخذون قراراتهم حسب خطط الحكومة: يشترون الشقق، يتوقفون عن تعليم البسيخومتري، يقارنون التأمين الصحي. وعندما تتصرف الحكومة مثل السكران يتم إلقاؤهم على قارعة الطريق، يستطيعون تحمل قيادة بدون رؤيا لكنهم لا يستطيعون تحمل قيادة متعرجة، قيادة تنغص عليهم حياتهم.

الكارثة التي فيما بعد
حتى انقلاب عام 1977 كانت في الدولة مرساة سلطوية واحدة فقط: مباي. تشكلت حكومات وذهبت، تشكلت ائتلافات وتفككت، ولكن على رأسها جميعا كان حزب واحد. والانقلاب خلق مرساتين: يمين ويسار، ليكود وعمل. أعطيت السلطة لأحد الحزبين أو انقسمت بينهما. أما الباقي فأحزاب ثانوية.
أقام شارون حزب كديما على أمل تحويله الى مباي الجديد. المحاولة لم تنجح. بقينا مع اسطول كبير من الأحزاب الثانوية، بدون مراس، بدون سفن مع سارية. كل واحد يستطيع أن يصرخ "هو ها" ويعلن أنه رئيس الحكومة القادم. الفوضى السياسية ستتحول الى مبتزين ومن يتم ابتزازهم. كل حزب سيدعي أنه كفة الميزان ويبتز رئيس الحكومة حتى النهاية. ومشكلات الحكومة السابقة ستكون قمة السلامة مقارنة مع الحكومة القادمة. هرتسوغ ولفني يريدان تجاوز هذا الأمر.
نتنياهو هو الذي قرب بين هرتسوغ ولفني: الانقسام السياسي وفر لهما الدافع المشترك، والاستطلاعات قامت بعمل الباقي. قصة الغرام التي تتشكل وصفت هنا بشكل موسع في يوم الجمعة الماضي.
كان الاثنان معاً في نهاية الاسبوع في فندق "فيلارد" في واشنطن، في منتدى سبان. تم سماعهما وتصويرهما مثل زوجين في شهر العسل. وعندما نزلا عن المنصة قلت للفني: تستطيعان تقاسم رئاسة الحكومة. وقالت لي أول أمس إنها تريد أن تُدفن في ذلك المكان، وكان التقاسم سريا بينها وبين شركائها من حزب العمل.
تقاسم السلطة هو ما يريده الجميع الآن. هكذا هو الامر عندما لا يوجد ملك في إسرائيل، لكنهم يزعمون أنه يوجد الكثيرين من اجل التاج. من ساعد لفني على تحقيق تقاسم السلطة كان يئير لبيد. عندما عادت الى البلاد في يوم الاحد فتح معها لبيد جولة من المحادثات الماراثونية. "انتظري"، قال لها، "أنا وكحلون سنذهب معا وأنت ستكونين معنا". كحلون حسب ما يقول مقربوه لم يُبد تلهفا. "لماذا أذهب مع لبيد"، سأل بعض السياسيين البارزين من مركزه ومن الليكود، التقوا معه، وكل واحد منهم اهتم بتقاسم السلطة. وفي جميع الاحوال ليس متوقعا أن يقرر كحلون الآن وانما بعد شهر أو أكثر قريبا من موعد تقديم القوائم.
هناك من اقترح على لفني الانتظار، وهي اعتقدت عكس ذلك. وخافت من أنه اذا انتظرت فان الفرصة التي وجدت بسبب الاتفاق الآخذ في التبلور مع هرتسوغ ستضيع. أما هرتسوغ الذي تابع محادثاتها مع لبيد بقلق فقد وافق على أن يقاسمها رئاسة الحكومة وساعدته في ذلك الاستطلاعات التي قالت إن هذه الصفقة جيدة.
قال شمعون بيرس عن الاستطلاعات أنها مثل العطر. من الجيد شمها ولكن ممنوع شربها. وفي المرحلة الحالية للعملية الانتخابية فهي ليست عطرا حتى، والناخبون لم يعيشوا بعد أجواء الانتخابات – لكن الانباء التي تتحدث عن الاستطلاعات مهمة جدا لأنها تخلق الزخم. ثلاثة استطلاعات وضعت على طاولة هرتسوغ، وجميعها قالت إنه بدون لفني سيحصل حزب العمل على أقل من عشرين مقعدا، ومع لفني على أكثر من عشرين. وجاءت الزيادة على حساب لبيد وميرتس، لفني لا تزيد الاصوات لدى لبيد. إنه بحاجة اليها فقط من اجل إبقاء هرتسوغ تحت العشرين.
الامتحان الكبير لتحالف لفني هرتسوغ سيكون في الاستطلاعات الجديدة. اذا أشارت الى صعود حقيقي في حجم القائمة المشتركة، فانه يمكن الاستمرار في الصعود على حساب أحزاب من الوسط واليسار. اذا لم تكن الارقام ملفتة فان فرص نجاح هذا التحالف ستقل بما يلائم ذلك.
أعضاء حزب العمل الذين وصلوا الى القاعة تنحنحوا عندما سمعوا هرتسوغ يتحدث عن اتفاق تقاسم السلطة، فقد توقعوا أكثر. ومن كثرة التوقعات نسوا الطريق التي يحتاجها حزبهم من اجل الوصول الى تقاسم السلطة، وأن يكون حزب العمل هو الحزب الأكبر في المعسكر، أن يقوم بتشكيل الحكومة المعقدة من ليبرمان حتى درعي، ومن كحلون حتى ميرتس، وقيادتها لمدة عامين بنجاح وتقاسم السلطة هو المشكلة الأقل صعوبة بالنسبة لهم.
قال ايتان كابل الذي كان من وراء الاتفاق إن اعضاء حزبه يُذكرونه احيانا بمشجعي مكابي نتانيا الذين يتحدثون عن الأيام الكبيرة لشبغلر وماكنس وهم يغمضون أعينهم كي لا يشاهدوا حالة الحزب الصعبة اليوم.

لا يوجد سلام
قيل الكثير من الكلمات خلال المؤتمر الصحافي للاثنين أول أمس، ولم تُقل كلمة واحدة: السلام. ليس من قبل هرتسوغ ولا من قبل لفني. قد تكون قيلت مرة واحدة وقد تكون لم تُقل. لفني التي كان السلام عنوان حربها، وسبب ذهابها الى السياسة، فضلت إخفاءه في الطريق الى المؤتمر الصحفي.
لا أقول ذلك انتقادا لها: على العكس. لو وعد الاثنان بأن الحكومة برئاستهما ستوقع على اتفاق سلام مع الفلسطينيين لكانا يخدعان بذلك الناخب. اتفاق كهذا لن يتم توقيعه في المدى المنظور. واحتمالية أن تتجدد المفاوضات ليست كبيرة. أبو مازن سيذهب الى مجلس الامن، والى المحكمة الدولية ومؤسساتها في لاهاي، ومن هناك سيقوم بادارة صراعه، وقد يستقيل. حكومة معتدلة في اسرائيل تستطيع مضاءلة الاضرار ومنع العزلة الدولية وتجميد المستوطنات. وهذا ليس بالشيء القليل. اذا استطعت، كما وعد هرتسوغ أن تتكلم قليلا وتفعل كثيرا، فانك تستطيع أن تواجه الوضع بشكل أفضل، حول التهديد الايراني، حول حزب الله، حول حماس وموجة الارهاب في الضفة، سوف تُدار بشكل أفضل، على الاقل في البداية. في الساحة الداخلية ستكون ملزمة بتبني برنامج اجتماعي واضح وإلا فإنها ستخسر ناخبيها فورا.
لن تأتي بالمُخلص ولن تُنزل لنا القمر، ولا يجب بناء الكثير من التوقعات. سوف تتشكل، هذا اذا تشكلت، حول هدف مشترك واحد، فقط ليس بيبي، وعند تحقيق الهدف فان القوة المتحالفة ستختفي. وسيكون التحدي كيف يمكن ادارة ما سيتم توقعه.
تحدث هرتسوغ عن ثلاثة رؤساء حكومة الذين حسبهم ستعمل القائمة الجديدة: بن غوريون، بيغن ورابين. هذا يُسمع جيدا، ولكن من الصعب تنفيذه. لفني وهرتسوغ سيتدبران أمرهما أكثر اذا تركا الاموات وشأنهم.

درس في القوة
امتحان القيادة الاول لهرتسوغ سيكون المصادقة على الاتفاق في مؤسسات حزب العمل. اذا لم تُخيب الاستطلاعات الآمال فانه سينجح في هذا الامتحان بسهولة. وسيتعلم درسا حول قوة القائد. بعض الاعضاء سيلوون أنوفهم والبعض سيتحدثون في أذن المراسلين، ولكن عددا قليلا سيكون مستعدا لحرق النادي. سيحرقونه فقط اذا لم يستطع هرتسوغ اعادتهم الى السلطة.
الامتحان القيادي للفني سيكون في ملء الاماكن التي ستعطى لها في القائمة، إنها ليست ملزمة بشيء لأعضاء الحركة الخمسة في الكنيست، وهم ليسوا مدينين لها وكل واحد حر في الذهاب في طريقه. تستطيع إحضار اشخاص جدد لإغناء القائمة المشتركة وقد يستقطبوا من اجلها مصوتين. البروفيسور مناويل تريختنبرغ هو الأبرز من بينهم الذي يستطيع أن يشغل المربع الاقتصادي، وهناك آخرون. كل شيء يتعلق بها (شاؤول موفاز سينضم بترتيب خاص به مع حزب العمل بدون أية علاقة مع لفني. وقد يتنازل عن الكنيست على أمل تعيينه وزيرا).

من الذي يؤمن؟
في واشنطن سيخرج هذا السبت ببطء. غيوم ثقيلة تغطي السماء، والنجوم مختبئة وراءها. رئيس البيت اليهودي، نفتالي بينيت، يغلق السبت، وبعدها ينزل بمسيرة الى قاعة فندق "فيلارد"، القاعة التي استضافت في ايلول 1993 حفل فاخر على شرف ياسر عرفات. رجال الجالية اليهودية حاربوا من اجل حقهم في المشاركة في الحدث: كانوا مستعدين.
"العالم ليس عادلا دائما"، يقول بينيت من فوق المنصة. ويتحدث الامريكية بطلاقة، وبانفعال شديد وبحركات يد واسعة وبضحكة مدوية مثل مرشد في بني عكيفا فُرض عليه تدريب أطفال من ذوي صعوبات التعلم. بين الجمهور يجلس أعضاء كونغرس ورجال حكم وصحافيون وأشخاص يعرفون الصراع عن كثب. الجمل التي سأقوم باقتباسها هنا هي اختصارات.
"أنتم تؤمنون أنه يجب علينا اعادة المناطق. أنا لا أؤمن وشعبي لا يؤمن. شعبي يعتقد أن هذه ستكون كارثة وطنية".
"ماذا عن المشكلة الديمغرافية؟"، سأل مارتن اينديك، مبعوث الإدارة الامريكية السابق في المفاوضات. "المشكلة الديمغرافية هي أسطورة". قال بينيت واقترح على الجمهور إخراج غزة من الحساب.
وقال: "إسرائيل ليست المناطق. أي زائر غريب لا يتحدث معي عن المناطق. إسرائيل هي هاي تيك. هي ويز". وحدثهم عن الاستحداث الأول الذي قام بإدارته، والذي فشل فشلا ذريعا، "قمنا بتغيير المنتوج"، واقترح عليهم التعامل بنفس الطريقة مع جهودهم للتوصل الى اتفاق بين إسرائيل والفلسطينيين.
سأله مارتن اينديك، لماذا قلت عن كيري أنه لا سامي؟.
"هذا حدث عندما طلب اطلاق سراح قتلة"، أجاب بينيت.
لقد تفاخر بأنه المسؤول عن دخول الجيش الاسرائيلي الى غزة، والحرب ضد الانفاق. روايته كانت نصف الحقيقة، في أفضل الحالات. عندما تحدثت الاستخبارات عن الانفاق قبل العملية لم يستمع: في البداية اقترح الدخول الى غزة من اجل الانتقام لموت الشبان الثلاثة وليس من اجل حل مشكلة الانفاق؛ وركب الموجة فيما بعد واستغلها لأهدافه السياسية.
سأله اينديك حول ماذا ستكون الانتخابات؟.
"ستكون الانتخابات حول السؤال هل تتبنى إسرائيل سياسة القوة أم سياسة الانهزام"، أجاب بينيت.
لماذا يؤيد حزبك الشبان؟ سأله اينديك.
"مؤسسو الصهيونية كانوا علمانيين وقاموا بدورهم. وبعد 100 عام من الصهيونية آن الأوان للعودة الى القيم اليهودية".
وضع الأميركيون رأسهم في الأرض، لكن بينيت لم يهتم. وتحدث الى ناخبيه في اسرائيل. سيعرفون أنه يهودي متفاخر، سافر من اجلهم الى اميركا ووقف في العاصمة، في معقل العدو، على بعد شارعين من البيت الأبيض، ووجه الضربة للأميركيين.
قد يُسمع هذا الأمر على أنه غريب، إلا أن هناك من يتمنى في الادارة الأميركية أن يكون بينيت رئيس الحكومة الإسرائيلية القادم. هذا رأي أقلية لكنه يشير الى اتجاه الأجواء. سمعت تحليله من مصدرين في واشنطن. نحن، يقولون، يئسنا من الضغط على إسرائيل، وليقم بذلك الأوروبيون. سيكون من السهل عليهم معاقبة إسرائيل عندما يكون على رأسها بينيت وليس هرتسوغ مثلا. أو حتى نتنياهو.
عندما يسمع الأميركيون بينيت يتذكرون أفلام "هاري الملوث" للممثل كلينت إستوود. "صنع لي يومي"، هذا ما اعتاد ضابط الشرطة هاري على قوله للخارج على القانون المناوب. بينيت يصنع لهم اليوم.
انفعال بينيت حقيقي. توجد فيه ميزة الشاب الذي يمر في مرحلة البلوغ، مرشد في حركة شبابية. ولكن عندما تجذب هذه البساطة الشبابية عشرات آلاف المصوتين الشباب، وعندما تُدخل الى الحكومة والكنيست خردليين مهمين، عبيد للحاخامات الذين يعانون من العنصرية، وكراهية الآخر، والأصولية الدينية والقومية، وتعتبر كلامها التحريضي "قيم يهودية"، وعندما تأخذ من السلطة ملايين الشواكل لأهداف غير صحيحة، اهداف لم يقرأ عنها الناخبون الشبان في الفيس بوك – فان السحر يتحول الى خداع. وقد يتضح بينيت في أحد الأيام مثل الساحر الذي جذب وهو يعزف أولاد المدينة خلفه الى أن أغرقهم في النهر.
يستطيع نتنياهو المغالاة في خطاباته الكلامية، وإخافة وتهديد نصف العالم، ولكن عندما يُطلب منه الموافقة على عمل عسكري، فلا يوجد من هو أكثر حذرا منه: لدى بينيت لا يمكن المعرفة. إنه يؤمن بطريقته في الكلام، وهذا خطير.
عن "يديعوت أحرونوت"