
كتب عيسى سعد الله:
أدى تدمير قوات الاحتلال للغالبية العظمى من "البركسات" والمستودعات الكبيرة، ومعظم المنازل في محافظتي غزة والشمال، إلى رفع أسعار ما تبقى من هذه المرافق بشكل جنوني.
وتعدت الأسعار الخيالية التي يفرضها أصحاب هذه المرافق قدرة المؤسسات والجمعيات الإغاثية التي تحتاجها بشدة لتخزين المساعدات التي تصلها من الخارج.
ووصل سعر إيجار "البركس" مساحة 1000 متر مربع في غرب مدينة غزة إلى أكثر من 50 ألف دولار في الشهر، وهو رقم يفوق قدرة حتى المؤسسات الأجنبية على استئجاره.
وحتى في شرق مدينة غزة القريبة من الخط الأصفر، ورغم خطورة المكان وعدم تفضيل المنطقة لعمل المؤسسات، إلا أن سعر بدل إيجار "البركس" مساحة 1000 متر مربع يصل إلى أكثر من 15 ألف دولار في الشهر.
وتقف المؤسسات أمام هذه الأسعار الخيالية عاجزة عن استئجار مكان لعدم توفر هذه المبالغ ضمن ميزانيتها.
وتزيد هذه المشكلة من أزمة المؤسسات المحلية الأضعف مالياً من المؤسسات الدولية والأممية التي تجد في النهاية التمويل اللازم لدفع هذه المبالغ، لعدم وجود خيارات أخرى أمامها.
وتضطر المؤسسات المحلية إلى استئجار مخازن شبه مدمرة بالكامل، وتقوم بتأهيلها بـ"الشوادر" مقابل مبالغ مالية أقل بكثير من تلك التي يطلبها أصحاب "البركسات" القائمة.
وقال محمد معروف ويعمل في إحدى المؤسسات المحلية إنه وجد صعوبات هائلة في العثور على مستودع أو مخزن أسفل بناية لإيداع كمية من الطرود الغذائية حصلت عليها مؤسسته من إحدى المؤسسات المانحة من أجل توزيعها على المحتاجين.
وأوضح معروف لـ"الأيام" أنه اضطر إلى استئجار مخزنين أسفل بناية شبه مدمرة بالكامل وقام بتأهيله بـ"الشوادر" لعدم قدرة المؤسسة على استئجار "بركسات" ومخازن غير متضررة.
وتحول ندرة "البركسات" المتوفرة في محافظتي غزة والشمال دون قدرة المؤسسات على العمل بالشكل المطلوب في المحافظتين، لاسيما أن "البركسات" والمستودعات متوفرة بشكل كبير في المحافظة الوسطى التي لم يلحق بها ضرر بالغ جراء العدوان، الذي أدى إلى تدمير الغالبية العظمى من "البركسات" في غزة والشمال وخان يونس ورفح.
ومع دخول فصل الشتاء وتساقط الأمطار تتفاقم أزمة المؤسسات التي كانت تخزن المساعدات في ساحات مفتوحة.
وكانت مدينة غزة، خاصة أحياء الزيتون والشجاعية والدرج تحتوي على أعداد هائلة من "البركسات" الكبيرة والمستودعات لم يتبقَ منها إلا عدد قليل جداً، ويتركز الآن في منطقة الصحابة بحي الدرج.
ويتجه رجال أعمال مؤخراً للاستثمار في إنشاء "البركسات" غرب غزة حيث تفضلها المؤسسات الأجنبية لبعدها عن الحدود.
ورغم ارتفاع تكلفة إنشاء "البركسات" إلا أن العديد من التجار استثمر في إنشائها غرب مدينة غزة في ظل الإقبال الكبير عليها من المؤسسات الأجنبية والأممية، التي تتجه حسب ما علمت "الأيام" إلى زيادة عملها في مدينة غزة خلال الفترة القادمة، بشرط استمرار الهدوء وعدم انهيار وقف إطلاق النار.
وقال المواطن محمد السرساوي إن ارتفاع أسعار بدل إيجار "البركسات" شجعه على إنشاء "بركس" فوق قطعة أرض يمتلكها في حي النصر بمدينة غزة بمساحة لا تتجاوز 700 متر.
وأوضح السرساوي أن عدداً من المؤسسات تواصلت معه واستعدت لدفع أكثر من عشرين ألف دولار شهرياً بعد إتمام إنشاء "البركس" الذي يكلفه مبلغاً كبيراً.
واعتبر أن الاستثمار في إنشاء "البركسات" أمر مهم الآن في ظل الحديث المتصاعد عن نية المؤسسات نقل ثقلها إلى مدينة غزة، بعد عامين من تركيز عملها في المحافظة الوسطى، وبشكل خاص في مدينة دير البلح.