
الخرطوم - أ ف ب: أعلنت قوات الدعم السريع الأربعاء سيطرتها على المثلث الحدودي بين السودان ومصر وليبيا، بعد إعلان الجيش انسحابه واتهامه المشير خليفة حفتر بدعم قوات الدعم السريع التي تخوض حربا ضده منذ أكثر من عامين.
وقالت قوات الدعم في بيان إنها تمكنت من "تحرير منطقة (المثلث) الاستراتيجية، التي تُشكّل نقطة التقاء محورية بين السودان وليبيا ومصر، في خطوة نوعية".
قبل ذلك، قال المتحدث باسم الجيش السوداني في بيان إن قواته "أخلت منطقة المثلث المطلة على الحدود بين السودان ومصر وليبيا" وذلك "في إطار ترتيباتها الدفاعية لصد العدوان".
وأكدت قوات الدعم أن سيطرتها على المثلث ستكون لها تأثيرات على "عدة محاور قتالية لا سيما في الصحراء الشمالية"، وتساهم "في مكافحة الهجرة غير الشرعية والاتجار بالبشر على الحدود السودانية".
وأكدت أنها استولت على "عشرات المركبات القتالية" بعد "تقهقر العدو وفراره جنوبا بعد تكبده خسائر فادحة في الأرواح والعتاد".
وكان الجيش السوداني اتهم الثلاثاء القوات التابعة للمشير خليفة حفتر في شرق ليبيا، بتقديم إسناد مباشر للدعم السريع في هجوم على المثلث الحدودي.
واعتبر الجيش في بيان ذلك "تعدّيا سافرا على السودان وأرضه وشعبه" و"انتهاكا صارخا للقانون الدولي".
ويتهم الجيش السوداني الإمارات الداعمة لحفتر، بتزويد قوات الدعم السريع بالأسلحة، وهو ما نفته أبوظبي.
وأكدت وزارة الخارجية في الحكومة الليبية المدعومة من حفتر الأربعاء التزامها "بأحكام القانون الدولي.. وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى"، و"عدم انخراطها بأي شكل من الأشكال" في الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.
منذ سقوط نظام معمر القذافي العام 2011، تنقسم السلطة في ليبيا بين حكومتين: الأولى في طرابلس (غرب) برئاسة عبد الحميد الدبيبة وتعترف بها الأمم المتحدة، والثانية في بنغازي (شرق) يدعمها البرلمان وحفتر.
بدورها، أعربت وزارة الخارجية في الحكومة الليبية المعترف بها دوليا عن "رفضها التام للزج بأبناء الوطن في أعمال من شأنها زعزعة أمن واستقرار حدود الدول الشقيقة"، محمّلة "المسؤولية القانونية والجنائية لكل من يثبت تورطهم من أفراد وجماعات في هذه العمليات".
وقالت الخارجية السودانية في بيان الثلاثاء إن "حدود السودان مع ليبيا معبر رئيس للأسلحة والمرتزقة لدعم المليشيا الإرهابية (في إشارة الى قوات الدعم السريع)، بتمويل الإمارات وبتنسيق من قوات حفتر والجماعات الإرهابية التابعة لها".
وأضاف البيان إنه "في ظل الهزائم المتتالية التي تعرضت لها المليشيا وخسارتها لمعظم مواقعها، لجأت تلك القوات للتدخل مباشرة في القتال".
وأوضح مصدر عسكري لوكالة فرانس برس الأربعاء أن "المناوشات في منطقة المثلث بدأت قبل ثلاثة أيام" حينما هاجمت قوات الدعم السريع "ومعها قوات من كتيبة سبل السلام الليبية"، القوات المشتركة المتحالفة مع الجيش.
وأضاف طالباً عدم ذكر اسمه: "أمس واليوم تم هجوم قامت به قوة من مليشيا (الدعم السريع) ومعها قوات تابعة لخليفة حفتر، وقررت قيادة (الجيش) إخلاء القوات من المنطقة لأسباب تكتيكية".
من جهته، قال ضابط سابق في الجيش السوداني لفرانس برس إن "السيطرة على المثلث تعني التحكم في خطوط الإمداد التي تمر عبر الحدود السودانية الليبية"، وتشكل تهديدا لمناطق شمال السودان التي يسيطر عليها الجيش.
ويقع المثلث الحدودي بين السودان ومصر وليبيا شمال الفاشر في دارفور بغرب السودان، وهي المدينة الرئيسة الوحيدة في الاقليم التي ما زالت تحت سيطرة الجيش. وتحاصر قوات الدعم السريع الفاشر منذ أكثر من عام وتهاجمها بكثافة خلال الأسابيع الأخيرة.
وتمتد سلسلة جبال عوينات الحدودية داخل الدول الثلاث وينتشر فيها التعدين التقليدي الذي يقوم به الأهالي وبها أسواق لتجارة الذهب، حسبما أفاد أحد العاملين فرانس برس.
واشتدت المعارك في السودان في الأسابيع الأخيرة، بعدما تمكن الجيش من إخراج مقاتلي الدعم السريع من عدة مدن رئيسة في وسط البلاد، بينها الخرطوم وأم درمان والجزيرة.
في المقابل، هاجمت قوات الدعم السريع اعتباراً من أوائل أيار، مدينة بورتسودان (شرق) التي بقيت إلى حد كبير في منأى عن المعارك منذ بدء الحرب. وقصفت قوات الدعم بالمسيّرات، ميناء المدينة ومطارها ومنشآت حيوية.
وكثفت قوات الدعم السريع هجماتها على معاقل الجيش في دارفور، ما أدى إلى مقتل المئات منذ نيسان الماضي ونزوح مئات الآلاف إلى مناطق مكتظة تعاني من انعدام حاد في الأمن الغذائي.
واندلعت الحرب في السودان منتصف نيسان 2023 بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو، وأسفرت عن مقتل عشرات الآلاف وتشريد 13 مليوناً وأزمة إنسانية تعدّ الأسوأ في العالم.