بقلم: آسا وينستانلي
هاجم “مجلس العموم البريطاني” حرية التعبير في بريطانيا في تقرير نشر، الأسبوع الماضي، واستخدم الإعلام هذا التقرير كوسيلة في حملته المستمرة ضد زعيم حزب العمال، جيرمي كوربين، وتم إخفاء الجزء الأكثر قلقًا في هذا التقرير.
وأوضح تحقيق لجنة الشؤون الداخلية البريطانية أن استخدام كلمة “الصهيونية” في سياق حاسم يُعد جريمة جنائية بموجب قانون الكراهية، وقد اعترف التقرير أن ثلاثة أرباع الجرائم المعادية للسامية التي تم الإبلاغ عنها جاءت من مصادر يمينية متطرفة، ورغم ذلك فإن الكُتاب يستمرون في تجاهل اليمين المتطرف الذي يتم وصفه بمُعاد للسامية، وركّز تقرير المجلس على هدفين أساسيين وهما كوربين ورئيسة الاتحاد الوطني للطلاب، ماليا بوتيا، وهو ما يدل بشكل صارخ على النهج الحزبي المتبع من قبل لجنة يسيطر عليها المحافظون.
وفي تصريح له، الأحد الماضي، قال كوربين إن اللجنة فشلت في رؤية مكافحة معاداة السامية في الأحزاب السياسية الأخرى.
وما يبدو أن ما انتقده البعض هو محاولة اللجنة تجريم انتقاد الصهيونية في بريطانيا؛ حيث أكد التقرير: “لأغراض التحقيقات الجنائية أو التأديبية، فإن استخدام كلمة صهيونية أو أي اختصار لها في أي سياق اتهامي؛ يجب اعتباره تنويها لوجود معاداة للسامية”.
وعلى مدار العام 2016 كان هناك مطاردة وحالة من الذعر عن معادين السامية، والتي كان من المفترض أن تنهي حزب العمل، في حين أن حزب العمل واليسار ليسا محصنين من معادة السامية؛ فإن كل الأدلة المتوفرة توضح أن مستوى عنصرية معاداة السامية في الحزب تعد أقل من حجمها في المجتمع بشكل عام.
ومع ذلك استمرت القصة الكاذبة المصطنعة بشأن أزمة حزب العمل مع معاداة السامية، وتم استخدامها لمحاربة القيادة اليسارية لحزب العمل، وهو ما يعد أمرًا جيدًا لحزب العمل اليميني واللوبي المؤيد لإسرائيل، وكذلك لحلفائهم المتخصين في المؤسسات الإعلامية.
وخلال كل ذلك، كان هناك جدل بشأن المعنى الحقيقي لكلمة “صهيونية” وما الفرق بين معاداة السامية ومعاداة الصهيونية، ووقع بعض الشخصيات المؤثرة المؤيدة لكوربين في فخ القول بوجوب وقف التحدث عن الصهيونية.
وعلى العكس، فإن البعض يرى أنه لتحديد مشكلة الظلم في فلسطين بشكل صحيح يجب أن نركز على مصدرها، وتعد هذه المشكلة أن فكر تأسيس إسرائيل هو الصهيونية، وقال الكتاب في اللجنة: “إننا يجب أن ننتقد الحكومة الإسرائيلية بدلاً من الصهيونية، ولكن هذا لا يأخذ في الاعتبار مشاكل أعمق في العمل بداخل فلسطين المحتلة”، حيث إنه يعتبر أن المشكلة تمتد إلى اليمين المتشدد في الحكومة الإسرائيلية.
في الحقيقة، إن عداء اليسار في الحكومات الإسرائيلية للفلسطينيين أكبر، من خلال احتلال الضفة الغربية وقطاع غزة في العام 1967، ونشأة وتزايد عدد المستوطنات غير القانونية تحت قيادة اليسار الصهيوني (حزب العمل الإسرائيلي).
كما كتب بين وايت في نيسان الماضي فان معظم ما تم نسيانه في هذا الجدل هو الواقع الماضي والمعاصر من معنى كلمة صهيونية للفلسطينيين، والذين يعتبرون الضحايا الأساسيين لجرائم الحرب الإسرائيلية والقمع.
تعد الصهيونية إيدولوجية تأسيس إسرائيل، حيث إنه كما قال جونثان روزينهيد، الناشط والأستاذ في جامعة لندن للاقتصاديات، فإن الصهيونية كانت تعني ظلما شديدا لشعب فلسطين، لذا فإن أي استخدام لكلمة صهيوني تعد اتهامًا.
وتعتبر الصهيونية إيدولوجية تدعم العنف؛ لذا فإن التابعين لها خططوا ونفذوا التطهير العرقي لحوالي 750 ألف فلسطينيًا، في الوقت الذي تأسست فيه دولة إسرائيل بين عامي 1947 و1948، وهذا التاريخ يعد إحياء ذكرى النكبة من قبل الفلسطينيين حول العالم.
كما تعتبر الصهيونية إيدولوجية عنصرية، حيث تنكر وجود لاجئين فلسطينيين وحقهم القانوني في العودة لوطنهم، فقط لأنهم ليسوا يهودًا، وتعد الصهيونية إيدولوجية استعمارية، حيث لا تزال تنشئ مستوطنات يهودية على الأراضي الفلسطينية، التي تم مصادرتها بالعنف في الضفة الغربية.
الصهيونية هي إيدولوجية تتبنى مفهوم التفرقة العنصرية، حيث تنكر صوت وأساسيات حقوق الإنسان لـ4.5 مليون فلسطيني في الصفة الغربية المحتلة وقطاع غزة، وتعامل الفلسطينيين في إسرائيل كمواطنين درجة ثانية أو ثالثة، والذين لا يملكون حقوقا مساوية لهم في القانون الإسرائيلي وفي السياسة.
ويرى البعض أن المحاولات الشديدة من لجنة الشؤون الخارجية البريطانية لتشريع عقوبة انتقاد إسرائيل لن تفلح، حيث إنه لا يمكن قمع انتقاد إيدولوجية سياسية غير عادلة.
صحيح أن البعض من اليمين المتطرف يستخدم أحيانًا كلمة صهيونية للدلالة على اليهود، وبالتالي تعتبر مظهر خفيف من مظاهر معاداة السامية، وهذا ما يجعل من الهام تحديد الفرق بينهم بدقة؛ حيث إن اليهودية هي ديانة، أما الصهيونية فهي إيدولوجية سياسية استعمارية استيطانية، لذلك فليس كل يهودي صهيونيا وليس كل صهيوني يهوديا.
وقدمت تشاكرابارتي في تقريرها توصيات هامة لحزب العمل حول أزمة معاداة السامية، وهي أنهم يجب أن يحذروا في استخدام الكلمة، وأن يكون استخدامها بحكمة وفي سياق الكلام، واعتبر البعض أن هذا يعد معقولاً عن التنازل عن الكلمة تمامًا؛ حيث إنه يعد تنازلًا كبيرًا لليمين ولدولة إسرائيل ولحلفائها (والتي أدارت حملة شرسة حول هذه الكلمة لتشويه أي انتقاد لإسرائيل واعتباره معاداة للسامية، وللضغط من أجل تشريعات محلية في هذا الشأن).
وكما قال ياسر عرفات في خطابة الشهير في 1974 للجمعية العامه للأمم المتحدة: “الصهيونية هي إيدولوجية إمبريالية، استعمارية، عنصرية، وهي رجعية وتمييزية، وهي تتحد مع مفهوم معاداة السامية”، بمعنى آخر فإن الصهيونية تحتاج لمعاداة السامية، اقضِ على أفعال الصهيونية تنتهِ معاداة السامية.
عن «ميدل إيست مونيتور»