تاريخ النشر: 03 آذار 2015

"ليت هندا لم تعد".. مجموعة جديدة لمي الصايغ

بيروت ـ "رويترز": الشاعرة الفلسطينية مي الصايغ في مجموعتها الاخيرة "ليت هندا لم تعد" تكتب بشغف وبشعر موح مركزة على وطن يسكنها كما يسكن فلسطينيين أبعدوا عنه واخرين يقيمون في قسم منه ويكادون لا يسكنونه فعلا.
هند كما يظهر لنا هو اسم والدة الشاعرة التي ربتها على محبة هذا الوطن وعلى الامل الذي يجب ألا ينقطع بالنسبة اليه. والشاعرة هنا استعارت بعض عنوان مجموعتها من اسم امها والبعض الاخر من قول لشاعر عربي شهير يتحدث فيه عن الوعود التي لا تتحقق.
قال الشاعر الاموي عمر بن أبي ربيعة "ليت هندا انجزتنا ما تعد" وشفت انفسنا مما تجد / واستبدت مرة واحدة / انما العاجز من لا يستبد / كلما قلت متى ميعادنا / ضحكت هند وقالت بعد غد."
والاستبداد هنا لا يحمل تماما المعنى السياسي المألوف انما يعني أن يسير الانسان مستقلا برأيه ومنفردا. ويبقى الامل معلقا "بعد غد ...بعد غد" فلا يتحقق ولا يموت.
والشاعرة والناقدة الاكاديمية الفلسطينية الدكتورة سلمى الخضراء الجيوسي تقول عن الصايغ في مقدمة الكتاب: ان ما يميز عطاءها الشعري والادبي "هو نفوره التلقائي من التقريرية والبطولية ذات الضجيج ... من عنجهية الذين لا يطيقون الا ان يعلنوا عن أهميتهم بجهورية المتعالمين ...كم ارهقنا ونرهق اذ نقرأ ونقرأ في هذا الجسد العربي المتطاول عبر عالمنا الواسع فلا يجيئك جواب عن مدار الحديث عن تجربة لها حدود لا يمكن ان تتمادى الى غير نهاية ... فوضى لا يحدها رابط فني يحتوي القول وما يرمي الشاعر اليه.
"وما لم يدركه عدد من شعراء اليوم هو ان للمعني الشعري لياقته الخاصة ان له شروطا واصولا ملزمة فكيف سمح الشعراء لانفسهم بتخطيها الى ما يمكن تسميته بنكبة الشعر المعاصر وفراغه.."
وردت مجموعة الصايغ في 204 صفحات متوسطة القطع وصدرت عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر في بيروت. وللصايغ المولودة في غزة عام 1935 خمس مجموعات شعرية سابقة منها "اكليل الشوك" و"قصائد حب لاسم مطارد" كما لها كتاب نثري ورواية عنوانها "بانتظار القمر".
أما الجيوسي الشاعرة والناقدة الاكاديمية والمترجمة الفلسطينية، فقد ولدت في السلط في الاردن عام 1928. وهي حاصلة على دكتوراه في الادب العربي من جامعة لندن. وقامت بالتدريس في جامعات الخرطوم والجزائر والولايات المتحدة ولها عدة دراسات في الادب العربي الحديث وفي الشعر العربي الحديث نشرت في جامعات كولومبيا وتكساس وانديانا الاميركية. ولها ديوان شعري اسمه "العودة من النبع الحالم".
تكتب الصايغ شعرا حديثا لا يتخلى عن الاوزان والقوافي المتعددة ولا عن الايقاع الموحي والصور الحافلة بالواقع وبالحلم أيضا. في قراءة شعرها الموزع بين هند الام وبين الوطن قد نتذكر لوحة فنية لجبران خليل جبران لوجه سيدة هي أمه أسماها "وجه أمي وجه أمتي".
تستهل الشاعرة مجموعتها بقصيدة عنوانها "هي" تحمل بعض سمات شعرها. تقول: "هي ما يتيه به الربيع على الورى / هي ما يفيء اليه ريحان السنين / هي ما يمر من النسيم على نوافذنا / وما تحكي النجوم / هي ما يقول البحر للشطان / موسيقى الحنين / هي حلوة الدنيا / ودر العالمين".
وتختم قصيدة "جلنار" بالقول عن الام "ورأيت نهر الوقت يجري / وهي تجلس مثل الهة / على قدسي هيكلها / وفي يدها الشموس / من يوم ان جاءت لعالم يتمها هند / وحتى الامس / حتى كبوة الفرسان / لم تحن الرؤوس".
وفي قصيدة "أ يا أنا" سمات انسانية من تجربة المرارة والتشرد الفلسطينيين تقول فيها "اتدركين انني انأ / وانني هنا / وانني اكرر السؤال.. / فاين تذهبين .. / اتبحثين في ظلال العمر في حدائق الخيال/ ولم نعد هناك لم نعد هناك".
/من أنت .. / تسألين من أنا / اصدع السنين / لو أعيد الوقت برهة / أراك تحملين فوق رأسك السماء وتطلعين للنهار ضوءه / وتبعثين نكهة الاشياء / فيعذب البقاء / وتصنعين من شغاف الياسمين / دارة لنا / وتصبح الايام بيتنا / فكيف تسألين كيف تسألين من أنا../.
/أ يا أنا / أحب لو يعود العمر مرة / وأن يعود ظلك الحبيب قلعة لنا / وان يغيب العمر غيبة / ولا تدور حولنا الدنا / وتسكن الايام عندنا".